منوعات

دار النعيم.. حين يكون الجحيم مكاناً للدراسة


حاذر من أن تخدعك الأسماء المكتوبة في السجلات الرسمية للحكومة، أو تلك المكتوبة في أضابير وزارة التربية والتعليم في ولاية كسلا، وفي حاضرتها المدينة المتبوعة بتوصيف كسلا (الخضراء).

أنت الآن في حي برنو، الحي الذي يكتسب عراقته من أنه تم تخطيطه بوساطة سلطة الاستعمار الإنجليزي. حاذر مرة أخرى أن يرجع بك الحنين لأيام كانت فيها المدارس أفضل ما تكون، في المرة الثالثة حاذر من أن تسقط على رأسك أكوام (الزنك) المتناثرة. عادي أن يعلق بك الغبار المنبعث من الحصائر التي لا تقي الصغيرات لفحات البرد ولا لسعات الشمس الحارقة.

مدرسة دار النعيم الأساسية للبنات في مدينة كسلا، ألم أقل حاذر من أن تخدعك الأسماء؟ هنا الجحيم كما تراه العين، هنا أيضاً المعاناة (ليها ضل)؛ ظل الرواكيب هو فقط ما تتحصل عليه طالبات الصف الأول والثاني والثالث في المدرسة، ثمة رواكيب صغيرة ترافقها أحلام تريد أن تصبح أكبر من مدن، قد تصاب بالدهشة لو أنهم أخبروك أن في هذه المدرسة تخرجت طبيبات وصيدلانيات ومعلمات ومهندسات وقانونيات.

لكن الأجيال التي مضت لحال سبيل تفوقها، لم تترك للجالسات وسط معلماتهن هناك سوى المعاناة التي تتوالد مع بزوغ كل فجر جديد، معاناة دفعت برئيس اللجنة الشعبية بالحي محمد رمضان، لأن يمد لسانه بالمناشدة (أن أعيدوها سيرتها الأولى) وامنحوا هؤلاء الصغيرات مبرراً للاستمرار في التعليم من أجل المستقبل الوطني.

أولئك الصغيرات يبدأن صباحهن بالنشيد (نحن جند الله جند الوطن) سادتي، إن لم تكن من ثمة طريقة لسواد سبورة يكتب فيها ألف المد، رجاء امنحوا الراية مكاناً لتسمو فيه.

صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد