تحقيقات وتقارير

أسوأ أيام الفيفا: أوروبا ترفع من وتيرة مواجهتها لبلاتر.. سويسرا تتخلى عن حيادها والأمير على المستفيد الأبرز.. وقائع الزلزال الكروي في زيورخ


هذه المرة ترتطم الكرة بوجه بلاتر.. فحارس بوابة المؤسسة الكروية الأعلى في العالم بدا عاجزاً عن الوقوف في وجه ضربات الرشاوي وتهم الفساد المتلاحقة.. يفاجأ السويسري بتوقيف السلطات عشرة من أعضاء الفيفا بتهم تتعلق بالفساد.

وصبيحة القبض على قادة الفيفا يكتفي بلاتر ـ الذي كان يستعد للعودة محمولاً بأصوات الناخبين في دورة رئاسية خامسة ـ بالدعوة لاجتماع عاجل أطلق عليه اجتماع (الأزمة) لكن ثمة سؤال يدور في ملاعب كرة القدم: هل بدأت أزمة الفيفا مع اجتماعاتها الأخيرة أم أن إبحارها في الفساد أمر قديم؟.

تبعات هذه الفضيحة يمكن أن تزلزل عالم كرة القدم، لأن الحقيقة هذه المرة مُحصنة. فإلى جانب المعلومات وأجهزة الحاسوب، التي هي تحت أيدي الشرطة السويسرية، من المنتظر كذلك أن يعترف المسؤولون المعتقلون بالحقيقة – يمكن أن يبدو الأمر غريبا. ولكن مع خطورة الادعاءات والعقوبات المتوقعة، سيكون من الصعب على متهم أن يرفض عرضا يتحول بموجبه إلى شاهد ملك يستطيع من خلاله أن يحسن وضعه.

تبدو أولى نتائج الزلزال الكروي في زيورخ ممثلة في ردود الأفعال على الحدث نفسه، حيث تطالب وسائل الإعلام الأوروبية بإعادة النظر في استضافة روسيا لمونديال 2018 بينما يظل غبار الاحتجاج على إقامة مونديال 2022 في قطر هو القشة التي ستقصم ظهر رجل الفيفا القوي، ليس أدل على ذلك مما خرجت به صحيفة بيلد الألمانية وهي تضع صورة بلاتر على غلافها مصحوبة بعبارة (ارحل).

لكن رحيل بلاتر الحالم بالعودة مرة أخرى يبدو بعيد المنال الآن حتى لو تم الوصول إلى صناديق الاقتراع، فالرجل يأتي مدعوماً بأصوات القارة الأفريقية التي حسمها باكرا، وهو ما يجعله يمد لسان سخريته من دعاوي (اليويفا) المطالبة بتنحيه لدرجة إعلان رئيس الاتحاد الأوروبي ميشيل بلاتيني دعمه للأمير على المرشح من قبل الآسيويين للمنصب. أبلغ بلاتيني مؤتمرا صحفيا: “قلت له أطلب منك الرحيل لأن صورة الفيفا أصبحت مروعة. قال إنه لا يمكنه الرحيل فجأة” لكن رئيس اليويفا يعود ليؤكد أن 46 صوتاً في الجمعية العمومية لانتخاب الرئيس ستذهب للأمير حسين بن علي بغية وضع حد لحالة الفساد التي استشرت في الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهو ما دفع باللاعب السابق والمرشح لمنصب رئاسة الفيفا البرتغالي لويس فيغو للقول بأن هذا أسوأ يوم في تاريخ الفيفا.

الرجل المنعوت بأنه رجل يخطب رؤساء العالم وده يبدو واثقاً من العودة مرة أخرى حين يرفض مبدأ الاستقالة عن منصبه انطلاقاً من سيطرته على ما يقارب الـ209 أصوات في الجمعية العمومية هي الأصوات الأفريقية والآسيوية في مقابل أصوات أوروبا التي تبدو على درجة أقل في التأثير بحسابات الأغلبية.

لكن إن عاد الرجل فإن شبهات الفساد ستظل مطاردة له في كل خطواته وهو ما بدا ماثلاً حين بدأ سيل الهجوم الناري عليه من قبل اللاعبين السابقين فأسطورة كرة القدم الأرجنتيني دييغو مارادونا يعتبر ما حدث بداية النهاية لسلسلة عمليات الفساد داخل البيت الكروي، وهو ذات الأمر الذي يمضي عليه نجم البرازيل السابق وهداف كأس العالم (روماريو) وهو ما يؤكد على ارتفاع اصوات مناهضة الفساد والرشوة والمحسوبية التي باتت بارزة في الفيفا.

لكن بحسابات طريقة الأداء في الاتحاد الدولي والطريقة التي تجري بها عملية الانتخابات فإن السويسري سيعود مرة أخرى لمنصبه إذا أقيمت الانتخابات اليوم دون أن يرمش له جفن كونه سيعود مدعوماً بالحشد السياسي الروسي بعد تلويح بوتين برفض التدخل الأمريكي الهادف لسحب امتيازه في استضافة نسخة 2018 وهو ما سيدافع عنه فقط عبر طريق إعادة بلاتر لمنصبه ولا خيار غير ذلك في ظل بروز أصوات تطالب بسحب الامتياز وتقديم تعويض مادي لروسيا وقطر وإعادة التصويت..

في المقابل فإن الأمير على بن الحسين يبدو المستفيد الأبرز مما يحدث حالياً وسيدخل السباق مدعوماً بحالة الاهتزاز في شخصية منافسه وبالطبع مساعديه ممن ألقي القبض عليهم بتهمة الفساد، وحتماً سيرفع شعار إعادة المصداقية لكرة القدم العالمية.. لكن هذه الأمور قد لا تبدو كافية للجلوس في كرسي بدا وكأن بلاتر قد ألصق جسده عليه مستخدماً الوسائل كافة ومتبنياً شعار (هو مقعدي وأنا أولى به).

إعادة المصداقية تبدو مهمة على درجة بالغة الصعوبة في الواقع الحالي كما أنها غير كافية وحدها للصعود بداعيتها إلى رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم.

المؤكد في المشهد الملبد بغيوم الفضائح والتجاوزات هو أن ما حدث في سويسرا لن يكون فيها وحدها وأن الدعوة للحياد الإيجابي المرفوعة هناك لا تمنع حالة الاستقطاب السياسي الحاد الذي سيترتب على إلقاء القبض على أعضاء المكتب التنفيذي.. فروسيا ستلقي بكل ثقلها من أجل الحفاظ على امتياز استضافتها لمونديال 2018.. وقطر ستكتفي حالياً بالفرجة باعتبار أن فوز الأمير من شأنه أن يعزز موقفها في استضافة مونديال 2022.. أوروبا سترفع من وتيرة مواجهتها لبلاتر وسياساته وستعمل بأقصى ما تملك من مقدرات للحيلولة بينه والمنصب مرة أخرى.. سويسرا تتخلى عن حيادها حين يقول وزير الرياضة إن الفيفا تعاني من الفساد لكن من غير المنطقي أن يقدم ابن البلد بلاتر كبشاً للفداء.. بينما يرفع دافيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا شعار (آن أوان التغيير في الفيفا) ورؤية بريطانيا تتعلق بموقفها من الكواليس التي سبقت تقديم كأس العالم إلى روسيا على طبق من ذهب.

قبل الوصول إلى صناديق إعادة تنصيب بلاتر رئيساً للفيفا تحمل الأنباء أن وفد الاتحاد السوداني الموجود هناك يغادر اجتماعات الأخير أثناء تقديم كلمة الاتحاد الإسرائيلي تضامناً مع القضية الفلسطينية.. لكن تضامن الصندوق سيمضي نحو الرجل الذي حضر يوبيل الكاف الذهبي في الخرطوم وقدم مشروع الهدف الذي أسس بموجبه المقر الكائن في الخرطوم 2 وهو ما يعني في نهاية المطاف إدارة الكرة العالمية وفقاً لمنهج التجاوزات السابقة الذي سيحط رحاله في اتحاد التجاوزات المحلي

 

 

اليوم التالي