حسين خوجلي

بشريات للفرح ورحيق للأحرف


< لقد فقدت الحارة السودانية كثيراً حين فقدت المقاهي.. حيث تشكل في كل العواصم مساحة إختيار حرة للتلاقي والتعارف وممارسة الحياة في دائرة المباح.. صحيح انها ليست في ثقافتنا ولكن ما الذي يمنع من اختراعها.. فالأشياء الجميلة تبدأ بالتوقعات وقد صدق نزار في أهمية الحب: الحب في الدنيا بعض من توقعنا لو لم نجده عليها لاخترعناه دعوا الحب بمعناه العريق أو بمعناه العميق وأخترعوا لنا مقهى.. مع تحياتنا ليوسف الفكي وشديد والزيبق ومشرقي مع استبعاد (المختلف حوله) واستبقاء الاسطوانات واللقاءات الحميمة والضحكات من القلب! < الاخوة القراء في كل اصقاع بلادنا وأصدقاء الخارج لنا ولع قديم بالتسجيلات النادرة في الغناء والنشيد والشعر والندوات واللقطات النادرة.. فابعثوا لنا بـ(ألوان) ونعدكم بنشر الصور واجادة الاستماع والاحتفاظ. شكراً لصديقنا الذي أرسل لي ليلة شعرية للشاعر المثير للجدل أحمد مطر فاستمتعت به ليلة وأغراني بهذا الإعلان المجاني.. إنه بعض ما تبقى من الهوى والمتعة في زمن البؤس العربي والهوى فضاح. أن تقرأ لمطر هذا شأن وأن تسمعه فهذا شأن آخر! < مسكين صديقنا (فلان) فقد منعوه من الشاي ومسكين صديقنا (علان) فقد منعوه من السهر حتى وإن كان في قيام الليل.. ومسكين صديقنا (فلتكان بن علان) فقد منعوه من أكل الشية وامتصاص (الشربوت).. ومسكين صديقنا (علان بن فلتكان) فقد منعوه من (كمكان أربعتاشر) فلم يبق لهم إلا الجنسية واضطروا أخيراً للانتماء لأحد الأحزاب السياسية!! < انتظروا سعادته لإطلاق سراح أحد مساجينهم وكان سعادته منهمكاً في (عشرة كتشينة) جاره كان ينتظر (دو هارت) ليفتح فأباه عليه حتى انتهى اللعب.. نهض المنتظرون وقال أظرفهم لرفيقه (دا دو هارت ما داير يفكو أفك ليك سجين)؟!! < من حظ شاشة التلفزيون ومايكرفون الإذاعة أن الناس يدركون أنها أدوات التهام للزمن تأكل الحق والباطل.. والغث والسمين!! < هذا الرسام شد خرقته وعبث بألوانه وباعها بخمسة ملايين دولار وقديماً قال عالم الجمال المسلم إن كمال الصنعة هي في إحالة الخسيس إلى نفيس!! < رفض الندوات والمنتديات والملتقيات وكان يعلق على إبهام الوريقات التعليق العامي التالي: اتبعنا المجالس ودرنو قدرنا وبقينا نمازح البسوانا والموقدرنا وكتين بالدراهم نشتريهو كدرنا مافيش داعي نشحن بالغبينة سدرنا < ظل يزحف بحافلته من أم درمان إلى الخرطوم لأكثر من ساعتين ساعة الذروة وعندما وصل آخر محطة قال لهم أرجو أن تدفعوا ثمن المقعد والزمن والميكانيكا.. استجاب للتذكرة الثلاثية مهندس ميكانيكي وخريج فلسفة، السائق له ابن بكلية الهندسة وابنة بكلية الآداب قسم الفلسفة ومع هذا يوصيهم ليل نهار بألا يدفعوا أكثر من نصف التذكرة في حالة إنعدام (الملح) والاستملاح!! < إذا استمرت حالة العمال والفنيين السودانيين على الحال التي نراها بلا خبرات ولا تدريب ولا مهنية فان بلادنا ستمتلئ المرحلة القادمة بكل صنوف الآسيويين وسيضطر العمال السودانيين للاضراب عن العمل دون أن يتوقف العمل ودون أن يصدر إتحاد العمال بياناً ودون أن تكون كلمة (الميدان السري) عاش كفاح الطبقة العاملة!! < الجامعات السودانية تخرج هذه الأيام طلابها بكثافة في شتى التخصصات والشوارع مليئة بهم والدروب والمنازل مسكينة الخرطوم ومساكين الطلاب فهي تؤشر صوب الأقاليم وهم يؤشرون صوب (لجنة الاختيار) تلك المسكينة التي لا تختار حتى العاملين فيها!! < إنتقل العالم من الكم إلى الكيف وانتقل بعدها من كيف الكم إلى كم الكيف.. والكم في السودان (خم).. والكيف (تمباك).. < أغلب الأكارم يخرجون مساء يقصدون مجالس الكرام فلا يجدوها فقد عز المكان وعز الرجال.. ومساكين فإن أنفسهم لا تتوق إلا لمحادثة أخ كريم ولسان حالهم يبكي ويقول: وما بقيت من اللذات إلا محادثة الرجال ذوي العقول وقد كنا نعدهم قليلاً فقد صاروا أقل من القليل < كلما نزلت بدولة قطر وتجولت في الدوحة وقابلت كرام العرب حصرني السموأل بن عادياء بأبياته فكأنها صنعت خصيصاً لهؤلاء الأفاضل: إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل تعيرنا أنا قليل عديدنا فقلت لها إن الكرام قليل وما قل من كانت بقاياه مثلنا شباب تسامى للعلا وكهول وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل – شكراً لأصدقائنا بالدوحة فقد حملونا يسراً للانتقال من مثالب القدح إلى مسارب المدح.