محمود الدنعو

الجنرال في ساحة النسر


من ساحة النسر بوسط العاصمة النيجيرية أبوجا جرت وقائع حفل تنصيب الجنرال محمد بخاري رسميا رئيسا لنيجيريا بعد الفوز في انتخابات أبريل الماضية، أجواء الاحتفال كما نقلتها وسائل الإعلام الدولية كانت صاخبة، أغان ورقصات تقليدية وحضور إقليمي ودولي كبير، حيث كان يجلس في المنصة الشرفية عدد من القادة الأجانب، بينهم رئيسا جنوب إفريقيا جاكوب زوما ورواندا بول كاغامي، ومسؤولون آجانب آخرون مثل وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لأن الحدث كما يصفه وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أن “ما جرى في نيجيريا مثال لأفريقيا”.

من ساحة النسر حدد بخاري أولويات رئيسة للفترة القادمة بعد تسلمه رسميا السلطة في البلاد عبر صناديق الاقتراع، وهو الذي جاء إليها قبل عشرين عاما عبر صناديق أخرى، وهي صناديق الذخيرة وحدد في خطاب بمناسبة أدائه القسم أولويات وضع على رأسها هزيمة جماعة (بوكو حرام) المتشددة. وتحدث عن (تحديات هائلة) تواجه رئاسته، مثل تكثيف الحملة العسكرية ضد (بوكو حرام) ومواجهة المشكلات الاقتصادية الناجمة عن انخفاض الاحتياطات المالية الأجنبية وانقطاع الخط الكهربائي. كما لوح بغضن الزيتون لخصومه السياسيين في مناطق الجنوب المسيحية.

التحديات التي ستواجه بخاري كبيرة وكبيرة جدا خصوصا الملفين اللذين بموجبهما نال أصوات الناخبين النيجيريين، وهما ملف الفساد وملف بوكو حرام بجانب إرضاء تطلعات الشعب، وقالت منظمة البحث والاستثمار (رينيسانس كابيتال) أنه “بما أن الإدارة الجديدة ستكون مقيدة إلى حد كبير بحجم مواردها، نعتقد أن التحدي الأكبر لبخاري سيكون إدارة التطلعات”.

إذن، على بخاري تلبية تطلعات شعب يعاني من ويلات عدم الاستقرار الأمني جراء نشاط حركة بوكو حرام، وكذلك من هدر لموارد بلد نفطي وصاحب واحد من الاقتصاديات الناهضة في أفريقيا، ولكن رائحة الفساد تزكم الأنوف حتى في أعلى مؤسسات الدولة. وقال بولا تينوبو مؤسس ورئيس المؤتمر التقدمي حزب بخاري، إنه “منعطف حاسم في مسيرة البلاد”. وأضاف “نحن ندرك التحديات التي يواجهها”، مؤكدا أنه “علينا مكافحة غياب الأمن والانهيار الاقتصادي والفساد بلا هوادة، كما لو أننا ذاهبون إلى حرب”.

انتقال السلطة بهذه الطريقة الديمقراطية كأول رئيس في السلطة يخسر المعركة الانتخابية، وهو الرئيس جوناث غودلاك ويسلم السلطة للرئيس المنتخب محمد بخاري الجنرال الذي خلع البزة العسكرية، ولكنه احتفظ بالانضباط والصرامة في معركته تجاه الفساد، وفي القضاء على حركة بوكو حرام.

من ساحة النسر ينتقل الجنرال إلى ساحة المعارك مع بوكو حرام وضد الفساد، وتتابع القارة الأفريقية بأسرها هذه التجربة الجديدة في نيجيريا عسى أن تعيد إلى القارة الضلع الثالث في الاقتصاد.