مقالات متنوعة

د. جاسم المطوع : قال: كيف يحبني الناس؟


قال: كيف أجعل الناس يحبونني؟ فقلت: إن محبة الناس نعمة عظيمة، ولها طريقان، الأول أن الناس تحبك بسبب أفعالك وأخلاقك معهم، والثاني أن الله يكتب لك القبول في الأرض فيحبك الناس، قال: أشعر بأني محتاج لمحبة الناس؟ فقلت: الحب من الحاجات الأساسية للنفس ويجعلك مستقرا ويدعم ثقتك بنفسك، إلا إنه لا بد من التفريق بين «حب الناس» و«رضا الناس»، فسعيك لحب الناس لا يلزم أن ترضي الناس، لأن رضا الناس غاية لا تدرك، بينما حب الناس غاية تدرك.
قال: وماذا أفعل كي أكسب حب الناس؟ فقلت: سأذكر لك ستة أسباب لو فعلتها يحبك الناس، الأولى: كن مبادرا، يعني عندما ترى شخصا محتاجا أو يطلب مساعدة فبادر بتقديم الخدمة له حتى لو لم يطلبها، فهذا السلوك يجعل من حولك يحبونك لأن حسك الاجتماعي يدفعك لخدمتهم، والثاني: أعط طاقة إيجابية لمن حولك، فإذا اشتكى لك شخص فقل له: «لعل الله قدر لك في علم الغيب خيرا مما أصابك» ولو تذمر انسان من واقعه ومجتمعه وحياته فقل له: «انظر للجانب المشرق فيما تقول» وهكذا، والثالث: عبر عن حبك لهم، فإذا رأيت صاحبك فقل له: «إني اشتقت إليك»، وإذا رأيت معلمك فقل له «أنك ساهمت في تغيير حياتي»، وإذا رأيت تصرفا جميلا من شخص لا تعرفه فقل له: «لقد أحببت تصرفك» عندها سيحبك الناس.

الرابع: كن مبتسما ومرحا مع الناس، ولو أدخلت بعض المواقف الفكاهية أثناء حديثك فإنك ستمتلك قلوبهم أكثر، وأذكر أني قدمت محاضرة في إيطاليا عن أكثر من عشرة مواقف فكاهية للنبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وأهله والناس، فعلق رجل غير مسلم على المحاضرة وقال لي: أنا كنت لا أحب محمدا ولكن رسولكم مرح فأنا أحببته من حبه للفكاهة، والخامس: حافظ على مظهرك وشكلك وملابسك فالنظافة والأناقة مدخل سحري لقلوب الناس، والسادس: أن تهتم بالناس فإذا تحدثوا معك تنظر إليهم وإذا كلموك تنصت إليهم، فهذه ستة أخلاق لو ملكتها ملكت الناس وصار الناس يحبونك

قال: هذه قواعد جميلة سأعمل عليها وإني أعرف شخصا قال لآخر أريدك أن تحبني فما رأيك؟ فابتسمت وقلت: الحب لا يأتي بالأوامر ولا بالطلب، فالحب قرار اختياري ذاتي، أما أن تتسول الحب من الناس فهذا فهم خاطئ للحب، لأن الحب ليس مالا، قال: صدقت، وماذا عن الأمر الثاني وهو أن يكتب الله لك القبول فيحبك ثم من محبة الله لك يحبك الناس، فقلت: هذا أهم سبب لمحبة الناس لك وقد ورد في الحديث النبوي «إذا أحب الله عبدا نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض»، قال: يا سلام إن كلمة «يوضع له القبول في الأرض» أثرت في، فقلت: وهذا ما تسأل أنت عنه، فاسع لمحبة الله يحبك أهل السماء ثم يطوع الله لك القلوب بالأرض فتحبك، فقد ورد في الأثر «من أخلص لله تعالى جعل قلوب المؤمنين تهفو إليه بالمودة والرحمة».

فكن مخلصا وصادقا في محبة الناس يزداد حبهم لك فقال: سأعمل بإذن الله بالستة أسباب لجلب محبة الناس لي بالإضافة الى أن أصحح علاقتي بالله تعالى وأقويها حتى يطوع لي قلوب الناس فيحبوني قلت: وإذا شعرت بأن شخصا لا يحبك فعليك بالهدية فإن رسول المحبة صلى الله عليه وسلم قال: «تهادوا تحابوا»، فالمهم أن تعمل خيرا مع الناس وتنفعهم وتخدمهم من غير أن تضيع أهدافك وأولوياتك في الحياة، فعندها ستصل لمحبة الناس ومحبة نفسك ويحبك الله تعالى وعندها تكون بلغت كمال السعاد


تعليق واحد