مزمل ابو القاسم

ما يطلبه المستمعون


* مدَّت كل الأحزاب الحليفة للمؤتمر الوطني، (أو فلنقل فروع المؤتمر الوطني التي تحمل مسميات أخرى) أعناقها ترقباً للحكومة الجديدة، وشرعت في الضغط على الحزب الحاكم، لزيادة حصصها في المواقع السيادية.
* حصد المؤتمر الوطني (75%) من مقاعد البرلمان، ووجد نفسه مطالباً باسترضاء أكثر من أربعين حزباً وحركة، ترغب كلها في استوزار قادتها في حكومةٍ مترهلةٍ، تهدر أموال الشعب على مكوناتٍ هزيلةً، لا قواعد لها، ولا وجود حقيقي في الشارع السوداني!
* ليت المؤتمر الوطني مارس حقه القانوني والدستوري، وقام لحاجته بنفسه، وكوَّن حكومته بالكامل، طالما أن النسبة التي حققها في الانتخابات تؤهله لذلك.
* ليته أراحنا من المحاصصات السياسية التي أهدرت موارد الدولة، وجعلت حكومات (الوفاق الوطني والقاعدة العريضة) وغيرها تبدو مثل (لحم الباسم)، بكثرة أحزابها، ووفرة ما تنفقه على أحزاب ضعيفة، وقياداتٍ لم تقدم لشعبها ووطنها أي جديدٍ مفيدٍ.
* ليس مطلوباً من الحكومة المقبلة أن تطبق نهج (ما يطلبه المستمعون).
* مجمل المشهد السياسي يشير إلى أن مطلب الحكومة الرشيقة أصبح قريناً للمستحيلات الثلاثة.
* كم مساعداً للرئيس ستفرضه المحاصصات الجديدة؟
* كم مستشاراً سيتم تعيينه في المركز والولايات، وكم معتمد رئاسةٍ سينال منصباً بلا أعباء في حكومات الولايات؟
* كم مسؤولا زائدا عن الحاجة ستستحدث له وزارة من العدم؟
* لا حاجة للبلاد بأكثر من سبعين وزيراً في دولة ينصُّ دستورها على أنها تحكم (لا مركزياً)، وتصرِّف شؤونها بحكوماتٍ ولائية، تضم ولاةً والمئات من الوزراء والمعتمدين، كي تقدم خدماتها للمواطنين من مستوىً أقرب.
* دولة يفترض أن يكتفي مركزها بعدد محدود من الوزارات السيادية، مثل الخارجية والمالية والاقتصاد والدفاع والداخلية والعدل والصحة والتعليم والنفط والتعدين، ويترك بقية الملفات كي تدار ولائياً، حسب نصوص دستور السودان الانتقالي للعام 2005.
* لو تم تطبيق ذلك المقترح العملي، وضمّت الحكومة الجديدة عشرة أو خمسة عشر وزيراً على الأكثر فستوفر على الدولة أموالاً طائلة، يمكن أن تخصص لترقية الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وطرق وماء وكهرباء وخلافه.
* إن أسوأ ما فعله المؤتمر الوطني مؤخراً ينحصر في الوعد الذي تعهَّد فيه بمكافأة أي حزبٍ شارك في الانتخابات الأخيرة بمقاعد في الحكومة الجديدة.
* وعد من شأنه أن يضاعف عدد الدستوريين، ويضخِّم حجم الوزارات والمناصب التي ستبتدع لمكافأة أحزابٍ لن تضيف شيئاً ذا بال للحكومة إذا ما شاركت فيها، ولن تخصم من رصيدها شيئاً لو ابتعدت عنها.
* نعلم يقيناً أن ما نطلبه صعب المنال، لأن تغيير نهج المحاصصات دونه خرط القتاد، لكننا نتطلع إلى بلوغ الحد الأدنى من مطلب الحكومة الرشيقة، ونرجو فقط ألا تولد كسيحةً بسبب كثرة الشحوم التي ستحيط بخاصرتها البدينة!

(صحيفة اليوم التالي)