الطاهر ساتي

الجفلن خلهّن


:: أخيراً، و أن يأتي ( أخيراً) خير من ألا يأتي (إطلاقاً)..قبل تسع سنوات، ناشدت الرئاسة والبرلمان بما يلي نصا .. ليس بمدهش – في الدول ذات الشفافية العالية والإرادة السياسية الصلدة – أن يطرق شرطي برتبة وكيل عريف باب مكتب أو منزل رئيس الوزراء بغرض التحرى والتحقيقة حول قضية فساد.. وكذلك ليس بمدهش – في الدول ذات النهج السياسي الراشد – أن يستدعي ضابط برتبة ملازم الوزير أو الوكيل إلي مكتبه فى أية لحظة بغرض التحقيق والتحري حول ملف فساد..هكذا آليات المساءلة والمحاسبة فى تلك الدول التي تحكمها ( السياسة الراشدة) بغض النظر فكرها، إسلامياً كان أو علمانياً..!!
:: نعم، بآليات وقوانين سلطة مركزية – تابعة لأعلى سلطة سيادية فى بلادها – يقدل الشرطي ملكا في دك دهاليز الفساد ومبعثرا أوكار المخالفات بلاتوجس أو قيود، ويضرب كل فاسد و مفسد بيد من القانون الذي يستمد سلطته من أعلى سلطة سيادية ..ولكن في بعض عالمنا الثالث ( والأخير طبعاً)، والسودان نموذجاً، فأن مجرد مساءلة مدير شركة حكومية عن تلكؤه فى تقديم حسابات شركته للمراجعة العامة تستدعي تدخل البرلمان وعقد اجتماعات إنبثاق لجان وإطلاق الوعيد في الصحف..وهذا ما يحدث في السودان ..!!
:: وكل ( قومة النفس ) تلك فقط لمساءلة مدير شركة حكومية عن عدم تقديم حسابات شركته للمراجع العام ..ولاندري ماذا كان سيحدث لو كان المطلوب مساءلته رئيسا أونائبا أومستشارا أو وزيرا أو حتى وكيلا بوزارة ( غير ذات نفع).؟..ربما يستدعى الأمر إعلان حالة الطوارئ وتعطيل الصحف وإغلاق الكباري ورفع درجة الاستعداد فى الجيش ..وكل هذا الإرتباك والتلكؤ لأن الحكومة لم تفكر في تطوير دائرة مكافحة الفساد التابعة للمباحث المركزية بحيث تصبح آلية مركزية تابعة (لأعلى سلطة رقابية).. وهي آلية معمول بها في كل الدول ذات السمعة الطيبة والوضع الإصلاحي الأمثل في قوائم منظمة الشفافية الدولية.. !!
:: وللأسف، سمعة السودان غير طيبة في تلك قوائم الشفافية الدولية، ودائما ما يتذيل السودان القوائم مع العراق و اليمن والصومال وغيرها من الدول التي تحكمها (جماعات مسلحة)، وليست حكومة ذات أجهزة تشريعية وتنفيذية وأخرى نيابية وقضائية ..ولو كنا نعيش في بلاد غير بلادنا هذه، ولا نشتم الروائح على مدار العام، لكذبنا معايير تلك المنظمة ولإتهمناها بإستهداف السودان، أوهكذا يجتهد البعض في (المكابرة)، ثم تغطية الحقائق وروائهحا بمناديل الورق المثقوبة.. فالجهاز المركزي لمكافحة الفساد – مفوضية كانت أو هيئة – من الأليات التي حققت نجاحا ملحوظا في دول كثيرة، ومنها أثيوبيا ( القريبة دي)..!!
:: والمهم، أخيراً تصل الحكومة إلى أهمية هذا الجهاز المركزي، ويعلن رئيس الجمهورية : (وبهذا أعلنُ عن قيامِ مفوضيهْ للشفافيةِ ومكافحةِ الفسادْ بصلاحياتٍ واسعة وتكون تبعيتها مباشرةً لرئيسِ الجمهورية).. شكراً، هذا الجهاز المركزي بعض المطلوب لمكافحة الفساد منذ عقد ونيف..وكذلك الإرادة السياسية التي توفر مناخ المكافحة.. أكرر الإرادة السياسية.. وما لم تتوفر الإرادة السياسية ، فلا فائدة لهذه المفوضية ولا مائة أخرى..ولا ندري من أين ستبدأ المفوضية المرتقبة؟..بالتأكيد لن يعمل الجهاز المركزي التابع للرئاسة ب(أثر رجعي)، ولذلك يتواضع الطموح بلسان حال قائل : ( إقرع الواقفات)..!!


‫2 تعليقات

  1. اعملو حسابكم كل من يحضر مستندات تدين مسؤول
    سوف يسأل من اين حصل عليها وسوف يحاكم علي هذا الجرم

    1. صدقت … ولعل ما حدث لبعض الصحف والصحفيين أيام فضيحة “غسان جيت” أو “الوالي جيت” خير دليل على ذلك.