منوعات

عصر الفتوة: تخريب حفلات الأعراس.. ليلة إتعاس الزوجين


بعض سكان المدن يظنون أن ظاهرة (خراب الحفلات) اصبحت ضربا من ضروب الونسة والحُجي؛ وأنها قد انتهت منذ زمن بعيد، لكن الأمر ليس كذلك، فلا تزال الحفلات تنتهي في كثير من الأرياف والأحياء الشعبية بشجارات السكارى.

ومن يعتقدون أنهم فتوات يمكنهم إرهاب الناس وتسييرهم كما يريدون، فيبدأ مفتعل الشجار بتعلية صوته وسط الجموع ويقول ما يحلو له، يرقص كما يحلو له، وبطريقة قد تثير حفيظة أصحاب العرس أو القائمين على الاحتفال، ما يدفعهم للاشتباك مع هذا المتطفل على جمعهم، وبعد لحظات يبدأ الجميع بالدخول في معركة حقيقية.

مؤازرة من جهة أخرى

فلمفتعل الشجار أقارب وصدقاء يدعمونه ولا يقبلون المساس بكرامته أيا كانت خطيئته، وهذا ما يزيد ارتفاع ثيرمومتر الغضب حد الاشتعال بالنسبة لأصحاب العرس، الذي تم إلغاؤه بسبب هذا السكير الذي يظن أنه لا يزال يعيش في زمن الفتوات، هذا المشهد يعد طبيعيا جدا في كثير من الأحياء الشعبية؛ فلا يستغربه السكان ولا يُقحمون الجهات الشرطية في حل مثل هذه المشكلات، ويكمن الحل في جلسة جوديه على أسوأ الفروض، وغالبا ما تنتهي المشكلة بفشل الحفلة، ولا يتحدث أحد عن التنقيب والبحث وراء الفاعل أو إمكانية تغريمه الخسارة المادية والمعنوية، التي تسبب بها من جراء فعله اللا واعٍ بحكم وقوعه تحت تأثير الخمر.

وسط الحفلة

وتقول أميمة فضل الله – خريجة – إنها من الريف الشمالي لأمدرمان ومثل هذه الشجارات التي ينجم عنها إلغاء الحفلة جملة وتفصيلا. وتواصل قائلة: والوضع لا يختلف كثيرا عنه في القرى المجاورة لنا، ومن البديهي أن معظم مفتعلي الشجارت سُكارى وليسوا في وعيهم التام، ما يدفع الأهالي للعمل بالمثل القائل (السكران في ذمة الواعي)، لكن المخيف في الأمر أن هذه المشاجرات تكون في وسط الحفلة، وأحيانا يتضرر أحد الحاضرين بضربة غير مقصودة، ما قد يفاقم المشكلة ويوسع دائرة الشجار. وترى زميلتها رزان مصطفى أن هذه المشجارات انتهت تماما في المجتمعات المدنية المتحضرة، وهذا يعود لارتفاع نسبة وعي المواطن بحقوقه وحقوق الآخرين، كما أن الغالبية باتت تفضل إقامة حفلاتها في صالات الأعراس، وهنالك يتكفل أمن الصالة بكل التفلتات والشجارات إن وجدت. وتضيف: وحتى بالنسبة للاحتفالات التي تقام في الصيوانات المخصصة لذلك، التي تنصب أمام المنازل، لم يعد مألوفا رؤية مشاجرات تتسبب في إنهاء الحفلة.

الهمبته وقطع الطرق

الهمباتة والشِفتة والفتوات، هم قطاع الطرق والشباب الذين يقومون بأخذ ممتلكات الناس عنوة، وكذلك لهم صلاحية إيقاف الحفلات وفض التجمعات في أي وقت وأي مكان داخل القرية، هكذا ابتدر دكتور فتح العليم عبد الله رئيس قسم التاريخ والحضارة بجامعة أمدرمان الأهلية حديثه. واسترسل قائلا كانت الهمبتة مفخرة للشاب الذي يقوم بها ولأسرته، ومن مواصفات الهمباتة والفتوات في الأحياء والقرى القديمة كرمهم واحتساؤهم للخمر، وكانت الخمر آنذاك من مكملات الرجولة في التعاطي، لكنها من تخصص بعض النساء في الصُنع، يتعاطونها في (الانداية)، وهي البيت المخصص لبيع الخمر، ومن دلائل كرم الفتوات أنهم قد يدعون كل مرتادي الإنداية على الخمر، ورغم أن الخليفة عبد الله التعايشي عمل على إغلاق الخمارات وعاقب بائعيها إلا أن هؤلاء الشفتة استمروا في تعاطيها سرا، وبعد أن أتى الإنجليز قننوا عملية بيع الخمور في البارات وجعلوا لها ضرائب مخصصة، لكن الهمباتة كانوا يفضلون الخمور البلدية على تلك المسكرات المستوردة، قبل أن يعود نميري ويمنع الخمور منعا باتا.

مثار إعجاب الفتيات

واستطرد دكتور فتح العليم قائلا: كان هؤلاء الفتوات في السابق مثار إعجاب للفتيات في مناطقهم، ويعدوا فرسان القبيلة ومغاويرها وهم بمثابة درع حماية للبلد، وكان من الشائع مقولة إن (القرية التي يسكنها شارب خمر لا يتعدى عليها أي شخص). والمقصود بشاربي الخمر فتوات القرية، لذا كانت الخمر – في وقت سابق – دليل على الرجولة في المعتقد الاجتماعي السائد آنذاك، وهي من الأفعال الرجولية التي لا علاقة لها بالسيدات عدا في حفلات الظار، ويضيف: الفتوة كان بمثابة (فرتاق الصفوف) وبعثرتها ولم تكن وقفا على الحروب، وكان يقصد بها تفريق الجموع في الحفلات أو الشوارع، وكانوا شخصيات محترمة جدا في البلاد ومن أشهر الفتوات في أمدرمان (كبس الجده) و(شايل كفنو) و(كاب اللبوس)، ومعظم هؤلاء الفتوات تابوا في آخر العمر

 

 

 

اليوم التالي


تعليق واحد

  1. غايتو زماااان لمن كنا صبيان وبنسك الحفلات، والحفلة كانت بتبدأ الساعة 12 ونتنهي الساعة 5 ص، لو قامت شكلة فرتكت الحفلة (بعد الفاصل الأول)، العريس بيكون (أسعد) واحد لأنو أصلا بيكون من التعب والتجهيز للعرس خلاااااص ما قادر يقيف.

    و يحكي أن بعض العرسان اللي بتكون حفلتهم بالفنان (اللحو) بيقولوا ليهو ما تغني (الكنينة) في أول الحفلة خليها بعدين ، وبمجرد ما يغنيها بيجوا 15 واحد (متلب) ودا يدقش دا وهاك يا بونية وعكاز وكرسي وتفرتك طوالي (ويعيشوا ثبات ونبات …)