احلام مستغانمي

مغادرون !


نغادر الوطن، مُحمَّلين بحقائب نحشر فيها ما في خزائننا من عمر، ما في أدراجنا من أوراق.
نحشر ألبوم صُوَرنا، كتبًا أحببناها، وهدايا لها ذكرى..
نحشر وجوه من أحبَبنا.. عيون من أحبّونا.. رسائل كتبت لنا.. وأخرى كنّا كتبناها.
آخر نظرة لجارة عجوز قد لا نراها، قبلة على خدِّ صغير سيكبر بعدنا، دمعة على وطن قد لا نعود إليه.
نحمل الوطن أثاثًا لغربتنا، ننسى عندما يضعنا الوطن عند بابه، عندما يغلق قلبه في وجوهنا، دون أن يلقي نظرة على حقائبنا، دون أن يستوقفه دمعنا.. ننسى أن نسأله من سيؤثّثه بعدنا.
وعندما نعود إليه.. نعود بحقائب الحنين.. وحفنة أحلام فقط.
نعود بأحلامٍ ورديّة.. لا بـ «أكياس ورديّة»، فالحلم لا يُستورَد من محالّ «تاتي» الرخيصة الثمن.
عارٌ أن نشتري الوطن ونبيعه حلمًا في السوق السوداء. هنالك إهانات أصعب على الشهداء من ألف عملة صعبة!
” ذاكرة الجسد ” 1993