الهندي عز الدين

المطار والمستشفى .. “الخرطوم” و”مدراس”!!


مدينة “مدراس” الهندية العريقة التي تحول اسمها إلى “شيناي” قبل سنوات، تعتبر المدينة الثالثة في الهند بعد العاصمة “دلهي” ومدينة التجارة والسياحة “مومباي”.
“شيناي” على فقر سكانها الظاهر للعيان حيث لا مجال لإخفاء ملامح البؤس والعوز وضيق الحال، هي مدينة صناعية منتجة، وتتميز على “الخرطوم” التي يبدو غالب أهلها منعمين قياساً لأهل تلك المدينة الساحلية النائمة على حضن (خليج البنغال) في المحيط الهندي، تتميز بتطور خدماتها الأساسية بما يفوق عاصمتنا في أكثر من مجال .
الخدمات الطبية في المشافي العامة والخاصة في “شيناي” الفقيرة أفضل بكثير مما يمكنه أن يتوفر في خرطومنا المترفة ذات المستشفيات المهملة!!
أي مستشفى (خاص) في “شيناي” لا يقل حداثة وتجهيزات ونظم وكفاءة أطباء و(سسترات) عن أكثرية المستشفيات في “ألمانيا” .. لا وجه للمقارنة بين مشافينا الخاصة ومشافيهم! لكننا نفوقهم في العمران .. في فخامة بيوت أثريائنا وحتى عامتنا، فالسودانيون جميعاً .. (غنيهم وفقيرهم) يتسابقون في البنيان.. طابقاً وثلاثة .. و( الماعندو بتسلف من البنك) .. المهم يبني!! “الخرطوم” غابة من الأسمنت في معظم أحيائها بلا استثناء .. مع أنها بلا كباري طائرة .. بلا (مترو) .. بلا طائرات!!
مطار المدينة الهندية أحدث من مطاري “برلين” العاصمة الألمانية وأكبر، غير أنه أصغر مساحة من مطار “دبي” الذي صارت أقسامه المتمددة ترتبط بقطار سريع ينقل الركاب من مبنى رقم كذا إلى مبنى رقم كذا!!
صالتا الوصول والمغادرة في مطار الخرطوم الدولي عبارة عن (أوضة وبرندة) بالمقارنة مع مطار المدينة الثالثة في الهند!!
من المؤسف أننا لا نحسن ترتيب الأولويات في دولتنا، فتجد أن وزاراتنا تبني أبراجاً شاهقات لتكون مقاراً لها، وقاعة الاجتماعات الجديدة في مجلس الوزراء السوداني ربما تساوي ثلاث مرات مساحة قاعة رئاسة الحكومة في دولة عظمى مثل إسرائيل (حسبما نرى على الشاشات صور اجتماعات مجلس الوزراء الإسرائيلي، حيث يكاد كتف رئيس الحكومة يلامس كتف وزير الخارجية من ضيق المساحة!!).
بالمقابل فإن مطارنا (أوضة وبرندة) ومدرجه فضيحة .. يتم ترقيعه من حين لآخر لستر عوراته بطريقة (مكلفتة) تخبرك عن عبقريات الهندسة المدنية في بلادنا (أثناء هبوط طائرتنا القادمة من شبه القارة الهندية قبل أسبوعين، رأيت عبر النافذة محاولة بائسة لمهندسين وعمال يمسحون طبقة خفيفة من الأسفلت على مواقع تجرفت أو تأثرت على المدرج المتآكل!!).
والحال هكذا، يخرج على دولتنا منظراتي لا يقارع، فيقترح على قيادتها خلاء بلقعا جنوب “الفتيحاب” جهة قصية من أرياف أم درمان ليكون مكاناً لائقاً .. وجديراً بمطارنا الجديد!! تحتاج (ساعة) من الزمن من شرق الخرطوم أو شمال بحري أو أم درمان لتصل المطار الجديد .. بينما لا يزيد زمن الرحلة بالطيران إلى “بورتسودان” عن (أربعين دقيقة)!!
عندما تدخل “شيناي” ستجد أن مبنى مستشفى “ميوت” من أضخم البنايات في المدينة .. تلمحه من على بعد عدة كيلومترات .
متى تكبر عندنا المطارات والمستشفيات، وتصغر مباني الوزارات، والمكاتب الإدارية، والبيوت، والشركات التي لا تصنع سلعة ولا تصدر منتجاً سودانياً، بل تتاجر في (الدولار) و( تسمسر) في صفقات ومشروعات الحكومة!!


تعليق واحد

  1. “والحال هكذا، يخرج على دولتنا منظراتي لا يقارع، فيقترح على قيادتها خلاء بلقعا جنوب “الفتيحاب” جهة قصية من أرياف أم درمان ليكون مكاناً لائقاً .. وجديراً بمطارنا الجديد!! تحتاج (ساعة) من الزمن من شرق الخرطوم أو شمال بحري أو أم درمان لتصل المطار الجديد .. بينما لا يزيد زمن الرحلة بالطيران إلى “بورتسودان” عن (أربعين دقيقة)!!”
    طيب يا الهندي المطار ده لو عملوه شمال الجيلي كم يحتاج ساكن الكلاكلة للوصول إليه، ولو عملوه شرق الحاج يوسف كم يحتاج ساكن الصالحة للوصول إليه … رأيك يسيبو ليك المطار ده في مكانو ولى شنو؟ وطيب لأنه بورتسودان 40 دقيقة بالطيارة المفروض أي زول من أي مكان يصل للمطار في أقل من أربعين دقيقة … منطق عجيب .. وأخيرا أرجو يا صحفيين ألا تشطحوا فالهندسة هندسة والصحافة صحافة