محمد عبد الماجد

خواجة شندي الذي يتحدث (45) لغة غير الموسيقى التصويرية


جدير أن نقول إن الصحفي ليس (موظفاً) عليه السير على لفيف لوائح العمل وأجندة المدير العام

عبد المحمود في سيرته تلك (الأستاذية) العميقة …والأدب الكبير – الذي لم تفسده النجومية ولم تجعله يخرج عن تواضعه الذي عرف به وأخلاقه

كان الخواجة طعماً للشاي ونكهة للقهوة …نفطر بسيرته ..فإن جاء الغداء لم يكتب لنا (الشبع) إلّا من عن طريق العبور به

يخرج طلاب ثانوية عبدالـلـه الحسن ليلاقوا طلاب شندي الأهلية في مفترق طرق ..يتبادلون فيه السلام والحديث والتعليقات عن عبد المحمود الخواجة

· منذ فترة طويلة – ربما منذ البدايات …تمنيت أن أكتب عن عبدالمحمود أبوشريعة – (الخواجة) ولكن لم أكن أملك إلى ذلك سبيلا.

· ولا باليد ولا بالقلم حيلة.

· ليس لنا في كثير من المواقف العظيمة غير النوايا الحسنة – وبعض ما يسكنه (الحنين) في تخوم كلمات أقصر قامة من الذين نكتب عنهم.

· ربما الكتابة مثل (الاقدار) لا نملك (ميقاتها) ولا نعرف (أجلها) – نكتب حين يقدر لنا ذلك ، لذلك تساقطت عنا الكثير من الواجبات التى يفترض أن نكتب فيها ..وتفلت عنّا مواضيع يستحق الوقوف عندها والكتابة فيها.

· لكن يحمد لنا في ذلك ..أن (القصد) عندنا لا قيمة له ..و(فوضاويات) الأشياء هى التى تصنع (الألق).

· فقد كانت اكتشاف قانون الجاذبية (صدفة).

· وما هذا إلّا اعتراف بالتقصير – ومحاولة للعودة من حين إلى آخر إلى ما يفترض أن نقوم به.

· جدير أن نقول إن الصحفي ليس (موظفاً) عليه السير على لفيف لوائح العمل وأجندة المدير العام.

· عبدالمحمود الخواجة (درة شندي) ..يلزم علينا أن نكتب عنه …ونحن الذين تداولنا قصصه وتناولنا رواياته …ووقفنا اجلالاً وتقديراً له أن جاء به الطريق أو كان في فسحة عبور.

· وقد كان عبدالمحمود الخواجة طعماً للشاي ونكهة للقهوة …نفطر بسيرته ..فإن جاء الغداء لم يكتب لنا (الشبع) إلّا من عن طريق العبور به.

· لتأتي الأمسيات بمقاطع من (تمريراته) السحرية ..ثم يكون شريكاً (لشاي المغرب) وللفطير بي اللبن …عندما تغرق يدك في صحن اللبن للبحث عن الفطير الحاتل في القاع.

· فإن أشرقت …كانت حكايات الناس في شندي عن أهداف الخواجة ..وهم يتوزعون بين (محطة السكة الحديد) وطعمية (نور الشام) ..وقطر المشترك ..وبنطون شندي ..وسوق الخضار وقهوة (هبار) ودكان (الأستاذ سراج) ومنجد (ود الحسين).

· يخرج طلاب ثانوية عبدالـلـه الحسن ليلاقوا طلاب شندي الأهلية في مفترق طرق ..يتبادلون فيه السلام والحديث والتعليقات عن عبدالمحمود الخواجة.

· عبدالمحمود أبوشريعة أستاذ (اللغة العربية) وأستاذ (المستديرة) في المستطيل الأخضر وأحد أبرع الذين ينزلون الخط العربي على اللوح.

· وينزلونه كذلك على (المستطيل الأخضر) ..فقد كانت براعته في (خطوطه) بقدمه على الملعب مثل براعته في خطوطه بيده على الورق.

· يبدع في الأمرين ..لتبحث عن (السحر) في ذلك – فتجد أن الأصل في ذلك (عبدالمحمود الخواجة) أحد أروع ما انجبت ملاعب كرة القدم في السودان.

· بل في العالم – كل الذين شاهدوا عبدالمحمود أبوشريعة …قالوا إن النسخة الأصلية من (ماردونا) كانت في (ساردية) النادي الذي يلعب له عبدالمحمود.

· والذين كانوا مندهشون بـ (بلاتيني) حينما كان يخرج (البلاتين) من تمريراته (البلاتينة) – قالوا إن (البلاتين) الحقيقي يخرج من قدم عبدالمحمود الذي كان يملك أن يبدل اتجاه الكرة أثناء سيرها في الهواء أربع مرات.

· كثيرون قالوا إن الكرة عندما يلعبها عبدالمحمود في المرمى تذهب أولاً نحو الجنوب ثم تتجه شرقاً ثم غرباً ..ثم تسكن المرمى باتجاه الجنوب الشمالي الشرقي الغربي في آن واحد.

· وعندما كان عبدالمحمود يلعب الكرة لزميله ..كانت تتجاوز الخصوم بانعكاسات مختلفة ومتعددة حتى تصل للزميل وكأنها في (طبق من فضة) ليس له إلّا أجر المناولة لتكون هدفاً.

· أما من فتنوا بـ (ميسي) فهم لهم العذر كاملاً – لأنهم لم يشاهدوا (عبدالمحمود) وهو يخرج (99) معادلة من الكرة ..لك من بعضها أن تشرب كوب العصير ..وفنجان القهوة..وتطلع العصر تسلم على الجيران.

· الحديث عن عبدالمحمود ربما يكون (خيالياً) وربما يدخلنا إلى تصادمات تجزم بأن ذلك الأمر – ما معقول ولا ممكن.

· غير أن ما يحسبه البعض (خيالاً) يأتي دون ما كان يفعله (الخواجة) عبدالمحمود (واقعاً).

· لو أن هناك تسجيلات وأشرطة حفظت ما قدمه عبدالمحمود ..أو كان هناك إعلام شاهد على الذي كان يقدمه عبد المحمود أبوشريعة كإعلام الهلال والمريخ لأتضح للجميع أن ما كان يقدمه (الخواجة) لم نشاهده على مواقع (اليوتيوب) وهى تختار أفضل المقاطع والفواصل لبيليه وماردونا وبلاتيني وميسي ورونالدو ومايكل جاكسون نفسه.

· أرقام عبدالمحمود وامكانياته أوسع من الذي نشاهده الآن في عصر الفضائيات والتكنولوجيا والانترنت حيث يتم تصوير ميسي بأكثر من (75) كاميرا.

· الذي يتناقل فقط عن عبدالمحمود وهو بعيد عن العاصمة وبعيد عن الهلال والمريخ يثبت أن الفارق كان عظيماً بين الخواجة والآخرين.

· عبدالمحمود كان يملك تثبيت (التصويبة) برأسه ..لا بالصدر – حينما يفشل الحارس في صد تصويبة بيده ..كان عبدالمحمود يثبّت التصويبة مع قوتها برأسه.

· يجعل الكرة طائعة في رأسه – مثل البالونة ..أو هي مثل (اللبانة) يفعل بها ما يشاء.

· يطوعها ..لتبدو (الكرة) في حضرته متل (الطفلة المنسية) التى اكتشفها عمر الطيب الدوش في (الحزن القديم).

· ونحن نبحث عن زمن نتمتع فيه بالدهشة.

· وقد كانت (الدهشة) هناك ..عند عبدالمحمود ربما لقدراته الخرافية تلك ..يصيبه المرض الآن فتضعف الذاكرة ويوهن الرأس.

· ما كان يأتي به عبدالمحمود لم يكن في مقدار الشخص أن يستوعبه – لذلك أصيب عبدالمحمود بمرض لم يعرف أصله ولم يكشف سره.

· هو كان فوق هذا الممكن ..يأتي بالمستحيل عصراً في إستاد شندي..

· العصر في إستاد شندي كانت مثل حفلات عقد الجلاد في إستاد ودنوباي مساء.

· ما تفعله عقد الجلاد الآن ..كان يفعله عبدالمحمود ساردية قبل سنوات بعيدة في شندي.

· كانت المباراة تجمع بين ساردية والنيل ..وكان الناس لا يعنيها شيء من ذلك غير عبدالمحمود.

· وكانت المباراة تجمع بين ساردية والنسر ..فيأتي جمهور ساردية وجمهور النسر (الديامة) ليشاهدوا (عبدالمحمود).

· فقد كان جمهور ساردية وجمهور الفريق المنافس في المباراة يشجع (عبدالمحمود).

· وعبدالمحمود مثل عازف البيانو الذي يعزف منفردًا في مسرح لا أحد عليه غيره.

· يفعل كل شيء بالكرة ..الممكن وغير الممكن..فإن انتهت المباراة ذهب لاعبي الفريق المنافس مع جهازهم الفني لتهنئة عبدالمحمود على ما قدمه من فن وأدب كلاسيكي وموسيقى غربية وتراث شرقي وطب وعلوم ورياضيات وفيزياء ولغة عربية في المباراة.

· قلت إن عبدالمحمود كان يفعل أي شيء ..ويقدم أي شيء في المباراة بما في ذلك موز ومنقة شندي.

· لا بد أن فواكه شندي أخذت ذلك الطعم الخاص من كرة عبدالمحمود ساردية.

· لقد خرج من مدينة شندي عثمان الشفيع ..ساحر (الأعواد)…وخرج من مدينة شندي علي إبراهيم اللحو (صائد الأسود) وخرج الطيب عبدالـلـه صاحب (السنين) وحسين شندي الذي يملك أن يجعل (الحجر) يميل طرباً.

· لكن عبدالمحمود ساردية …كان (فناناً) لا يقل عن هذه الأسماء في شيء طرباً وتطريباً وتطرباً.

· عبدالمحمود أبوشريعة مع كل الذي أحدثه من (فتوحات)…كان يعلو أخلاقاً ..لم يعرف عنه إلّا كل طيب.

· بل كان (طيباً) يمشي في الأرض ..لا تسمع له صوت – يمثل (العفاف) في قمته.

· ولا عجب في ذلك فهو أستاذ في (المدارس) – وأستاذ في (الملاعب) – يدرس في الصرحين بأدب عظيم.

· في سيرته تلك (الأستاذية) العميقة …والأدب الكبير – الذي لم تفسده النجومية ولم تجعله يخرج عن تواضعه الذي عرف به وأخلاقه التى تجسدت في تعاملاته وحياته.

· عبدالمحمود كان يتحدث في الملعب (45) لغة فيها كل علوم الكرة ..يصحب ذلك بالموسيقى التصويرية ..والأداء السينمائي الخلاب.

· ذلك كان عبدالمحمود أبوشريعة أحد نجوم السودان في الثمانينات وحتى التسعينات.

· اختار أن يكون في قلعته (ساردية) بمدينة شندي العريقة متلزماً بوصية والده وطلبه وقد كان الهلال بعظيم قدره يطلب وده – لكن عبدالمحمود فضّل أن يبقى في شندي مع أسرته الصغيرة وناديه الذي نشأ فيه.

· ………..

· ملحوظة : ونعود.

هوامش

· عبدالمحمود الآن يستشفى في القاهرة.

· نسأل له الشفاء ..والدعاء الدائم.

· لا تحرموه من صالح الدعوات.

· كما نسأل الجميع أن يرد له بعض ما قدم.

· إدارة نادي الهلال ..ليتها تتولى الأمر ..فقد كانت هلالية عبدالمحمود غير مخفية.

· مثل عبدالمحمود يستحق أن يقف معه الناس.

· مثل الانتماء.

· ومثل شندي.

· وضحى بكل بريق النجومية وأموال الهلال واسمه العريض من أجل أن يمتع أهله وجمهوره في شندي.

· وأن كان إبداعه ..أحق به كل الناس.

· ساردية أحد أندية السودان ذات الارتباط القوي بالمكان والوجدان.

· الـلـهم اشف كل المرضى..

· ليخرج عماد عبدالمطلب من علته أقوى.

· وليشفى عبدالمنعم سيد أحمد.

· والرشيد بدوي عبيد.

· وعبدالمحمود ساردية.

· وكل الذين اختار (المرض) أن يكفّر عنهم ..وأن يعلمهم معزتهم عند الناس.

· …………

· عاجل : ونسكت.


‫2 تعليقات

  1. أنت بلا شك تمتلك موهبة عندما تكتب عن الموهوبين. نرجو من الاستاذ عبدالماجد مع (زملائه) أن يعيدوا للصحافة الرياضية مجدها وأن يبعد عن مجاراة (الهاوين) وصحافة الضحك على الصحون وكل شيء(بريالين) الذين اوصلونا للهاوية.

  2. الأستاذ محمد عبدالماجد

    شكرا لك أن سلطت الضوء على فلتة من فلتات كرة القدم لا أقول السودانية وانما اقول العالمية ولو قدر لعبدالمحمود أن يتواجد في هذا العصر لتضاءل أمامه ميسي ورونالدو ولكان هو النجم الأوحد فقد عايشت الخواجة ونحن طلاب في مدرسة كبوشية الوسطى ثم لعبت أمامه وهو في ساردية وأنا في هلال شندي ايام مجده وعمالقته الذين صعدوا به للدرجة الأولى ونافسوا فيها على البطولات والكؤوس . والحديث عن الخواجة يطول ويطول ومقال واحد عنه لا يكفي ولذلك أقترح عليك ان تخصص له صفحة دائمة نكتب فيها كل ذكرياتنا معه ونسلط عليه الضوء ما استطعنا لذلك سبيلا ارجو ان تتبنى هذه الاقتراح كأقل شئ يمكن ان تقدمه له ونحن معك ان شاء الله