تحقيقات وتقارير

ظاهرة الإجهاض غير الشرعي


طبيبة أخصائية: إستعمال الميزوبروستول بشكل خاطئ قد يسبب إنفجار الرحم
قابلة: إن لم أقم بمساعدة البنت الحامل فقد تضطر هي لتخلص من الجنين بنفسها وهذا يؤدي إلى مضاعفات خطيرة
صيدليات: الطلب على الحبوب المانعة للحمل تعدى الـ8000 علبة معظمه من فتيات قاصرات غالبيتهن من جنسيات غير سودانية في 10 أيام

ظاهرة الإجهاض غير الشرعي لا يختلف إثنان حول تعريفها أو تفسير تفاقهما وتناميها في المجتمعات المحافظة أو تلك المجتمعات التي تتمركز فيها العقيدة الدينية مكوناً أساسياً للثقافة والسلوك والوجدان. والسودان كغيره من المجتمعات المتدينة والتي تحكمها ضوابط وأعراف مجتمعية تجعل من شرف (الإناث) خطوطاً حمراء لا ينبغي تعديها ولو كلف الأمر الأرواح كلها.. وظاهرة الإجهاض غير الشرعي يمكن تفسيرها على أساس أنها واجهة لتدني المستوى السلوكي والأخلاقي– من منظور عقدي- خصوصاً في أوساط فئة من (الشباب) هي عماد أمة بحالها وأساسها الذي تقوم إليه.. فمع إشراقة كل يوم جديد تبتهل آلاف الأمهات بالدعاء لأبناء توجهوا بخطى ثابتة نحو طرق العلم والتحصيل والفلاح.. أو ميادين العمل المختلفة.. سائلين الله التوفيق والنجاح.. لكن شمس الصباح كما تنير الطريق.. قد تعري واقعاً.. إن عرفته آلاف الأمهات لزاد إبتهالهن بالدعاء على أن لا ينخرط أبنائهم في أوساط جامعية هذا واقع مجتمعها.

الجامعة.. ضربة البداية
كل ما كنا نحتاج إليه.. جلسة مصارحة.. بأسلوب شبابي مع عدد من.. الطلاب في كبرى الجامعات السودانية.. كانت المفاجأة مما إستشفيناه من أحاديثنا معهم بأن الطريق ممهد إلى أوكار أعدت للرذيلة.. ومنازل فتحت أبوابها على مصراعيها في بعض أحياء العاصمة أمام عمليات الإجهاض غير الشرعي ليتبادر في أذهاننا السؤال البديهي والتلقائي: هل أصبح هذا النوع من العلاقات مستباحاً؟ أجاب (آدم) ببراءة يشوبها بعض الخبث -هي لو بتحبني ح تجي معاي – وبنفس البراءة تقول (حواء) – وهو لو بيحبني ح يحافظ عليّ، وبهذا تتمرجح الحقيقة التي وراء تفاقم الظاهرة ما بين إستغلال الرباط الوجداني وما بين ثقة مزعومة عن (المحافظة) بإسم ذات الرابط الوجداني، لترتفع عقيرة سؤال آخر وبإستهجان: طيب البت ممكن تبقى حامل أو تفقد عذريتها؟، وبمنتهى الخبث والبراءة كان الجواب: إنت (فاااااااااااارة) في ألف طريقة ممكن نحمي بيها أنفسنا.. وساهلة وموجودة في الصيدلية وقول حصل في ألف زول ممكن يخلصنا من الموضوع دا ببساطة.. معقولة ما سمعت عن الميزو بريستول.. تلك الإجابة التي أحالت مجهوداتنا في هذا التحقيق للسير في إتجاه البحث عن لغز (الميزو بروستول).

ميزوبروستول
الميزوبروستول Misoprostol هو أَحَدُ البروستاغلاندينات prostaglandins
لذلك يعد العقار علاجاً فعالاً للبالغين المصابين بالقرحة المعدية، لكن إكتشف بعد تجريبه لعدة سنوات أن لهذا العقار تأثير فعال على زيادة تقلصات الرحم الأمر الذي يجعل العقار يستخدم بصورة كبيرة في عمليات الإجهاض للأسباب الطبية داخل المستشفيات لكن هذا الدواء له محاذير طبية تتعلق بصرف الدواء.. تقول د. آلاء _ نائب أخصائي نساء وتوليد – مستشفى بحري التعليمي إن طالب الدواء يجب أن يكون بدرجة نائب أخصائي على الأقل بعد أن يقوم بملء إستمارة طلب الدواء وإعتمادها من قبل المدير الطبي.. وأضافت دكتورة هند الصادق – أخصائي أمراض النساء والتمريض – بأن لهذا الدواء مضاعفات خطيرة إذا تم إستعماله بطريقة خاطئة ودون إشراف طبي لأن الزيادة في تقلصات الرحم قد تؤدي إلى نزيف حاد قد يسبب الوفاة وفي بعض الأحيان قد تؤدي الجرعة المفرطة إلى إنفجار الرحم.

خاضع للرقابة ولكن..!!
مما لاشك فيه أن المحاذير الطبية التي ذكرت آنفاً وآلية صرف الدواء المعقدة تجعل هذا الدواء من الأدوية الخاضعة للرقابة لكن…!! السؤال الذي يطرح نفسه.. كيف تفلت هذه الأدوية والعقارات من قيود الرقابة.. وهذا ما فسرته لنا كثير من مصادرنا الخاصة.. يقول الطبيب م .خ .ع: قد تكون الحلقة المنقوصة بأن بعض المريضات لا يحتجن لأخد الجرعة الكاملة من الدواء – الأمر الذي يفضي إلى وجود فائض من حبوب الميزوبروستول داخل غرف عمليات الولادة ومن المعروف بأن هذه الحبوب الرخيصة نسبياً قد تحقق ربحاً هائلاً لضعاف النفوس من القابلات إذا تم بيعها كسوق أسود أو إستخدمت من قبلهن في عمليات الإجهاض، فسعر الحبة الواحدة رسمياً لا يتعدى الـ4 جنيهات وقد تباع بسعر يتراوح من 250 -280 وأردف قائلاً: في إعتقادي العرض مغري، بالإضافة لعدم وجود رقابة فعالة على الشركات التي تقوم يتوريد الدواء وتوزيعه، لأن وجود الكميات الكبيرة من هذا العقار توجه أصابع الإتهام إلى هذه الشركات.
وكشفت إحدى القابلات – رفضت الكشف عن إسمها- بأنها تتعامل هي وعشرات القابلات غيرها مع صيدليات تبيع هذا الدواء كسوق أسود، وكشفت بأن التلاعب على الرقابة يكون بأن هذا الدواء لا يوجد في الصيدلية نفسها، بل يكون في السيارة الخاصة بصاحب الصيدلية أو في منزله والتسليم في الغالب يكون خارج الصيدلية.
وبعد إستطلاع أجرته (السياسي) مع ما يقارب الخمسين صيدلية في مناطق جغرافية مختلفة من العاصمة المثلثة يرجح نسبة 57 % من الصيادلة بأن هذا الدواء يدخل عبر منافذ التهريب المختلفة وغالباً يكون مصدره مصر والهند.

ما وراء تنامي الظاهرة
يعزي الكثيرون تفشي ظاهرة الإجهاض غير الشرعي وزيادة معدلات الأطفال فاقدي السند إلى الثورة الهائلة في مجال الإتصالات، إذ كان لها تأثير كبير في مسألة الغزو الفكري وسهولة التواصل والحصول على المعلومة، فضلاً عن توفير خدمات مواقع (إباحية) متخصصة في توفير المشاهد الجنسية والصور الخليعة وكم هائل من المعلومات الطبية الخاصة بالتثقيف الجنسي (حلالاً كان أم حرام).. ويرى مراقبون إن هذا النوع من الثقافات يعد دخيلاً على الثقافة السودانية، كما أن كثرة القنوات الفضائية ووسائل التواصل الإجتماعي لعبت دوراً في إدخال مفاهيم سالبة وسط الفئة الشبابية والطلابية على وجه التحديد. إلا أن عدداً من الخبراء والمهتمين بالشأن النفسي والإجتماعي أكدوا على تردي الوضع الإقتصادي لعب دوراً كبيراً في تفشي الظاهرة، منطلقين من النظرية التي تؤكد على أن إنهيار البنية الإقتصادية يقود حتماً لإنهيار في بنية الأخلاق والوعي السلوكي، إذ أن هنالك العشرات من يتخذ من ممارسة الرذيلة مصدراً للرزق والدخل الحرام، الأمر الذي يظهر بصورة واضحة في زيادة معدل جريمة الإجهاض غير الشرعي.

جرائم على درجة عالية من التنظيم
مثلما أشرنا سالفاً بأن حوارنا مع الطلاب فتح أعيينا إلى منافذ أخرى عسانا ننفذ عبرها لتلمس الحقائق من الخلايا الحية في المجتمع عن حقيقة الإجهاض غير الشرعي.. قادتنا خطانا مباشرةً إلى عدد من القابلات القانونيات في أماكن عملهن و(اللاقانونيات) في بيوتهن اللاتي لا يجدن حرجاً في إجراء هذا النوع من العمليات، بل يرون أنهن يساهمن في حل مشكلة إجتماعية كبرى.. وبعد محاولات عدة ووساطات كثيرة قبل عدد منهن الحديث بعد تعهد شديد اللهجة بحماية المصادر التي أفضت بنا لهذا اللقاء.. في أحد المنازل بأحد أحياء الخرطوم.. الذي تغير قبل اللقاء بعشر دقائق إلى حي آخر يبعد مسافة ليست بالقريبة عن ذلك المنزل.. لأسباب في وجهة نظرهم.. هم… مجرد (إحترازات أمنية).. تقول القابلة م . م .ع- العاملة بإحدى المستشفيات: إننا نضطر إلى إجراء هذا النوع من العمليات شفقة على هؤلاء البنات.. فإن لم أقم بمساعدتها قد تضطر إلى التخلص من الجنين بنفسها الأمر الذي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تكون سبباً في مقتلها.. وتقول القابلة إن في معظم هذا النوع من العمليات تأتي الفتاة بصحبة أحد أفراد عائلتها في الغالب تكون أمها.. أو خالتها في حالة يرثى لها خوفاً من الفضيحة.. أو خوفاً من أن يعرف ذوي البنت – أبوها.. إخوتها- الأمر الذي قد يؤدي إلى مقتل الفتاة والجنين وقد يتعدى إلى مقتل الولد أو الوالد نفسه.. وأردفت أنها تشعر بالرضا عن العمل الذي يعد في وجهة نظرها إنسانياً.
وأضافت القابلة ن . م .خ بعد أن قمنا بلقاءها في أحد ضواحي مدينة أم درمان أن هذا النوع من العمليات خطير جداً ويتطلب درجة عالية من المهارة ولا تستطيع أي قابلة أن تقوم به، وقد يكون له مضاعفات خطيرة لأن الفتاة تكون في حالة نفسية سيئة، كما أن هذا النوع من العمليات مكلف للغاية فقد تستخدم بعض العقارات الطبية التي يتم الحصول عليها بطرق غير شرعية مثل عقار ميزوبروستول الذي قد تكلف الجرعة الكاملة منه- حوالي 4 حبات – أكثر من ألف جنيه إضافة إلى إستخدام وسائل أخرى مساندة كأنبوب المحاليل الوريدية – سير الدرب – وقالت إن تكلفة هذا النوع من العمليات يكون على حسب عمر الحمل إبتداءً من 2000 ج وقد تصل إلى 5000 ج.

أمهات: ح نشوف درب الدايات بي وين!!
وفي إستطلاع آخر للرأي العام أجرته (السياسي) في عدد من الأماكن العامة كان محور سؤالنا لعدد من الأمهات هو: لو لا قدر الله حصل لولي واحدة من بناتك أو قريباتك كدا ح تتصرفي كيف؟ لتكون معظم الإجابات في البداية بأنها أولاً ستلجأ للحل الدبلوماسي بإقناع الولد بأن يستر على البنت ويتزوجها قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه خصوصاً وأن إكتشاف الظاهرة (الحمل غير الشرعي) في المجتمعات المحافظة قد يدفع أولياء أمر الفتاة إلى إرتكاب حماقات قد تصل حد الإغتيال للبنت لإخفاء أثر الفضيحة أو تعمد قتل الولد ثأراً للشرف.. وتقول معظم الأمهات بأنهن على إستعداد بالمساعدة في تكاليف الزواج حتى تقوم بالستر على بنتها.. وفي حالة عدم نجاح هذا الحل.. تفضل كثير من الأمهات اللجوء إلى حل الإجهاض غير الشرعي.. لتكون إجابة معظمهن بالنص.. ح نشوف درب الدايات بي وين.

أرقام.. تتحدث
أشارت إحصاءات خاصة بصحيفة (السياسي) بعد إستطلاع مع عدد فاق الخمسين صيدلية في أماكن مختلفة في المدن الثلاث (الخرطوم، بحري وأم درمان) بمشاركة 146 صيدلياً وصيدلية داخل وخارج المستشفيات تبين معدل الطلب على الأدوية والمستلزمات الجنسية من قبل الشباب غير المتزوجين عالٍ جداً، فمبيعات الفياغرا تعدت الـ3500 علبة في الصيدليات المستهدفة خلال 10 أيام وإن عدد الواقي الذكري المباعة تعدى الـ4700 حبة وإن عدد الطلب على الحبوب المانعة للحمل تعدى الـ8000 علبة معظمه من فتيات صغار غالبيتهن من جنسيات غير سودانية وأن نسبة الطلب على هذه العقارات والمستلزمات كانت بنسبة 73 % من أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 -27 سنة غالبيتهم غير متزوجين ونسبة الأشخاص الذين يحتاجون فعلاً لهذه الأدوية وقاموا بطلبها بلغت 27 % وأن معدلات الطلب كانت أعلى في منطقة الديم والصحافة وجبرة والحتانة وشمبات البراحة وبحري المحطة الوسطى مقارنة ببعض المناطق.
كما أن نسبة الصيادلة الذين يلتزمون بالضوابط الأخلاقية للمهنة من وجهة نظرهم كانت 22% فقط مناظرة بـ88 % من غير الملتزمين بأخلاقيات المهنة وضوابطها العامة، فالكثير منهم لا يشعر بالرضا عن الحالة العامة.


‫3 تعليقات

  1. طيب مالكم على دكتور عبد الهادى يا ناس الدار أضرم تم النار فو موضوعو
    رغم انه الدكتور قصد يساعد كتير من الأسر الوقعت فتياتها وسيداتارفى الخطأ
    على الأقل دكتور وفاهم ما دايه

  2. الخرطوم ولعت ياجدعان…مزيد من دور مجهولى الابوين ويادار المايقوما ما دخلك شر والله يعين د. الجميعابى.

  3. المقال لا يرقي لمستوي البحث العلمي ومعظم ارقامة يعتمد علي الافتراضات التقريبية هذا مجرد مقال لإثارة الراي العام ليس الا.