جمال علي حسن

حزم التربية.. وتستُّر الصحة


حادثة الاحتيال والغش المفضوحة التي قامت بها عصابة (مدرسة) الريان بفبركة امتحانات الشهادة السودانية لعدد من الطلاب بمنطقة الدخينات هذا العام، يبدو أن هذه الصدمة الصاعقة قد أيقظت وزارة التربية والتعليم من سباتها لتشن حملتها التفتيشية الأخيرة التي أغلقت بها 30 مدرسة خاصة بالخرطوم مخالفة للضوابط وغير مسجلة، في حملة جادة قال وزير التربية والتعليم إنها ستظل مستمرة لمراجعة وتقنين أوضاع المدارس الخاصة.
وأهم الملاحظات الحميدة حول ما قامت به وزارة التربية والتعليم إثباتها عملياً بأنها تعلمت من الخطأ واستفادت من هذه الخبرة الأليمة لتشرع في تصحيح أوضاع التعليم الخاص..
هذا التعاطي الإيجابي لتطوير أداء الوزارة والانتباه لأهمية الدور الرقابي والإشرافي على المدارس الخاصة هو الذي ظللنا نفتقده وننتظره في وزارات خدمية أخرى أكثر حساسية من وزارة التربية والتعليم، لأن الخطأ فيها يساوي روح مواطن والفوضى فيها تحصى بعدد القبور وحجم الأحزان، وزارة الصحة التي لا تقل الفوضى في المستشفيات الخاصة الخاضعة لإشرافها عن فوضى المدارس الخاصة بل أكبر وأسبق وأفجع منها مليون مرة.
حوادث كثيرة مؤلمة وقعت داخل بعض (كناتين) الصحة الخاصة أو تلك المستشفيات الخاصة في بلادنا ولا يزال مسلسل الأخطاء مستمراً وستتواصل حلقاته طالما أن بعض حقائب الصحة الرسمية في السودان ظل قلبها مع الخاص ولسانها يربت على كتف العام ويعطي المواطن من طرفه حلاوة ثم يروغ منه كما يروغ الثعلب..
قد نسمع بمعاقبة طبيب بواسطة المجلس الطبي بسبب خطأ ارتكبه لكننا نلحظ حماية مريبة للكثير من المستشفيات الخاصة التي تُرْتكب فيها أخطاء كبيرة ناتجة عن إهمال وتقصير وتخاذل وعدم كفاءة، وحتى حين قامت وزارة الصحة بحملات تفتيش للمستشفيات والعيادات الخاصة كشفت بعض الجهات الطوعية المراقبة والراصدة في تقاريرها المنشورة في الصحف الشهر الماضي عن أن وزارة الصحة استهدفت بعقوباتها عيادات ومستشفيات صغيرة في مناطق طرفية لكنها جاملت وتسترت على تجاوزات بعض المستشفيات الخاصة، وضربت تلك الجهات الطوعية الراصدة مثالا ًبمستوصف كبير رفض التعاون مع فريق التفتيش التابع بالرغم من وجود جملة من المخالفات في هذا المستوصف الشهير.. أدوية منتهية الصلاحية ومخالفات خاصة باعتماد شهادات لكوادر طبية لا يعملون بالمستشفى وتشغيل كوادر أجنبية غير مسجلة بالمجلس الطبي السوداني وبعضهم رسب في الامتحان..
مجاملات وتلكؤ ومظاهر (خيار وفقوس)، في العمل الرقابي بوزارة الصحة مقابل ثورة حقيقية وخطوات عملية جادة تتبناها وزارة التربية بعد حادثة الريان.. هي براءة مشهودة للتربية مقابل إدانة ظاهرة للصحة تنتظر على طاولة وزيرها القادم.


‫2 تعليقات

  1. أين انت يا أستاذ جمال من قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الخاص بتعديل معادلة القبول لطلاب الشهادة العربية ؟؟؟؟ والذي حدد 80% من إمتحان التحصيلي و 20% فقط من الإمتحان المدرسي !!!! ألم تسمع به ام انه قرار هامشي لا ضرر منه ؟؟؟ أم انك تدري ولكنك تغض الطرف عن كااارثة حقيقة ستلحق بابنائنا الطلاب ؟؟

    القرار صدر منذ فترة وكتبنا فيه ما لم يكتب مالك في الخمر فلماذا لا تتحركون بأقلامك وتقفون مع أبنائكم طلاب الشهادة العربية يكفيهم ما يعانونه في بلاد المهجر فما أقل من ان تبدو لهم حسن النية وتبذلوا لهم كل مساعدة ممكنة لدرء هذه الكارثة التي ستدمر مستقبلهم لا محالة !!!

    إنهض انت ومن معك و تحركوا بشكل إيجابي واوصلوا صوتنا الى الوزيرة (( سمية أبو كشوة )) بدلا من الكتابات الهامشية

    1. حرام والله … المفروض يحصل العكس … فالطلاب الدارسين في البلدان العربية (وأعنى بالتحديد دول الخليج) يدرسون في مدارس مجهزة بصورة ممتازة وإمكانيات كبيرة غير متوفرة حتى لأفضل المدارس الخاصة في السودان خاصة في المجال التقني، ومستوياتهم مشرفة ولله الحمد. أرى أن يتم يتم تطبيق هذا القرار بالمعكوس .. أو مساواتهم بزملائهم في الوطن .. وذلك أضعف الإيمان.