الطاهر ساتي

كمان الكتب !


:: ومن غرائب الأخبار، حسب بيان وزارة التربية والتعليم الولائية، تم تأجيل بداية العام الدراسي لمرحلتي الأساس والثانوي بشمال دارفور إلى أجل غير مسمى..لم يحددوا الموعد للأسر التي هيأت طلابها للدراسة صباح اليوم، فالتأجيل لأجل غير مسمى..لماذا التأجيل؟.. للمزيد من الإستعداد وتهيئة البئة الدراسية بالمدارس، كما يقول نص الخبر بالوطن..وهذا يعني أن حكومة شمال دارفور تفاجأت بالعام الدراسي قبل الإستعداد وتهيئة البيئة المدرسية..نعم تفاجأت الحكومة هناك بالعام الدراسي، ولله في أمرها شؤون ..!!
:: المهم، ليلة أمس عند باعة الكتب كانت كما ليلة العيد عند باعة الملابس والأحذية..فالزحام في سوق الكتب المدرسية يعكس بؤس حال السواد الأعظم من المدارس العامة، وكذلك يعكس أن مجانية التعليم ( كلام ساكت)..فالتعليم كان مجانا عندما كان ولاة أمر الناس والبلد طلابا..ومنذ تعلموا مجاناً وتولوا أمر الناس والبلد، لم يعد التعليم مجانا..فالمجانية محض شعار يتجمل به وزراء التربية في وسائل الإعلام، ويزينون ببه تقاريرهم التي ترفع للسلطة العليا..فالكتاب المدرسي الذي كان يوزع مجاناً لكل التلاميذ لحد الإكتفاء، يباع حاليا للأباء والأمهات كما الأحذية والملابس.. !!
:: وما لم يشترِ التلميذ كتبه من السوق، فإنه يشترك مع زميله في كتب الحكومة المشتراة من بقايا ميزانية (الأمن والدفاع والسياسة).. نعم، يشترك – في بعض المدارس المحظوظة – كل تلميذين في كتاب، وبمدارس أخرى كل ثلاث تلاميذ، وربما هناك مدارس بعيدة عن عيون الصحف وقلوب الوزراء بحيث يشترك فيها كل الفصل في ( كتاب الأستاذ)..هكذا الحال العام..ولذلك تخصم الأسر من تكاليف قواتها لتوفر ( الكتب المدرسية)..كيف يكون حال الفقراء و ذوي الدخل المحدود في مثل هذا اليوم؟..منسيون على هامش صراع التشكيل الوزاري. وهم من لهم حق تأجيل العام الدراسي لأجل غير مسمى، أي لحين توفير تكاليف الملابس والأحذية والكراسات و..( كمان الكتب)..!!
:: في الأزمنة الخضراء، كانت هيئة التربية للطباعة والنشر تطبع كتب المدارس، ولذلك كانت الكتب غزيرة وذات جودة، وكان لكل طالب كتاب غير مدفوع القيمة.. وفجأة – كما العهد بها دائما في التخلي عن الكثر من مسؤولياتها – شعرت الحكومة بأن طباعة كتب أبناء رعيتها ترهق كاهل ميزانيتها، فقررت أن ترهق كاهل رعيتها وتخلصت من مطابع الهيئة بالتصفية.. ثم تركت أمر الطباعة للولايات وعطاءات تجارها – وسماسرتها – لتقع الأسر فريسة في أنيابهم في مثل هذا اليوم من كل عام.. نعم، عندما تعجز الولايات عن تغطية حاجة تلاميذها، تصطلي الأسر بنار الشراء من الأسواق.. (6/ 15 جنيها)، قيمة الكتاب ..!!
:: وبالتأكيد جشع التجار يزداد ثراءً حين تكتوى الأسر بنار أسعار الكتب..وليس في الأمر عجب، إذ وراء كل إرهاق عجز سلطة وجشع تاجر .. لماذا لا تقر الحكومة بفشل تجربة التخلص من مطابع هيئة التربية و خصخصة دار النشر التربوي ؟.. وماذا يضير السادة الولاة ورؤساء المحليات لو وجهوا بندا من بنود رسومهم وجباياتهم وأتاواتهم بأن يكون ثمنا لكتاب مدرسي في متناول يد الطالب، أو كما كان الحال عندما كانوا طلاباً ؟..لن يكون هذا الحلم المشروع ( حقاً مشروعاً).. فالسادة – على مدار سنوات الحكم -تشغلهم ميزانيات الإنتخابات والإحتفالات ..(عما سواها )..!!


تعليق واحد

  1. أين انت يا أستاذ من قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الخاص بتعديل معادلة القبول لطلاب الشهادة العربية ؟؟؟؟ والذي حدد 80% من إمتحان التحصيلي و 20% فقط من الإمتحان المدرسي !!!! ألم تسمع به ام انه قرار هامشي لا ضرر منه ؟؟؟ أم انك تدري ولكنك تغض الطرف عن كااارثة حقيقة ستلحق بابنائنا الطلاب ؟؟

    القرار صدر منذ فترة وكتبنا فيه ما لم يكتب مالك في الخمر فلماذا لا تتحركون بأقلامك وتقفون مع أبنائكم طلاب الشهادة العربية يكفيهم ما يعانونه في بلاد المهجر فما أقل من ان تبدو لهم حسن النية وتبذلوا لهم كل مساعدة ممكنة لدرء هذه الكارثة التي ستدمر مستقبلهم لا محالة !!!

    إنهض انت ومن معك و تحركوا بشكل إيجابي واوصلوا صوتنا الى الوزيرة (( سمية أبو كشوة )) بدلا من هذه الكتابات الهامشية!