مقالات متنوعة

أحمد يوسف التاي : الزراعة ثم الزراعة


بعد أدائهم اليمين الدستورية أكد وزراء الحكومة الجديدة والولاة الجدد أن الرئيس البشير وجههم بالتركيز على معاش الناس و(قُفة الملاح)، والاهتمام بالشرائح الضعيفة والعمل على تخفيف أعباء المعيشة، والإصلاح الاقتصادي وزيادة الإنتاج الزراعي.. قبل شهرين أعلن حزب المؤتمر الوطني أن الحكومة المنتخبة ستعطي قضايا تخفيف أعباء المعيشة، والإصلاح الاقتصادي، وزيادة الإنتاج والتصنيع الزراعي أولوية قصوى خاصة مكافحة الفقر.. وكتبنا وقتها وقلنا إن هذه التصريحات من الناحية النظرية لا بأس بها ولا غبار، ولكن عندما نضعها في محك الاختبار ونُخضعها للواقع بكل تفاصيله وإسقاطاته المؤلمة، سنجدها واحدة من مسكنات الألم الذي تطاول ليله ولم تجد معه المسكنات فتيلا، خاصة وأننا ذُقنا الألم وجربنا المسكنات الوقتية مع بداية كل مرحلة من المراحل.. هل يتذكر القراء الكرام وعود قادة المؤتمر الوطني بتخفيف أعباء المعيشة ومكافحة الفقر من خلال الضغط على الإنفاق الحكومي وتطبيق البرنامج الاقتصادي الإسعافي (البرنامج الثلاثي)، بعد انفصال الجنوب.. هل تذكرون ما الذي حدث بعد عامين من التطبيق؟! الذي حدث تضاعف الإنفاق الحكومي إلى (9) أضعاف بدلاً من خفضه بعد ثلاث سنوات.. هل تذكرون اعترافات أمين الدائرة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني الدكتور حسن أحمد طه الذي قال إن الإنفاق الحكومي تضاعف إلى تسعة أضعاف خلال العامين الماضيين من عمر البرنامج الثلاثي، وكذلك اعترافات محافظ بنك السودان آنذاك الدكتور صابر محمد الحسن الذي أكد أن البرنامج لم ينعكس على المواطن، وأن السياسات طالت المواطنين ولم تطل الحكومة.. كثيرة هي تلك التصريحات التي تبشرنا في كل مرحلة من المراحل برغد العيش والرخاء ولا نحصد إلا مزيداً من الشقاء، وما أكثر التصريحات التي كانت ولا تزال تجلب علينا برجلها وخيلها وتُمنينا وتَعِدنا غروراً.. في بداية كل مرحلة جديدة كنا نسمع بالإصلاح الاقتصادي والاهتمام بقضايا المعيشة ومكافحة الفقر والشرائح الضعيفة وما إلى ذلك من الأماني، وقتها قلت إنه لم يعد هناك من تستهويه مثل هذه الكلمات، ولم يعد هناك من يطرب لها.. السؤال الجوهري ما هو ضمان تنفيذ هذه الوعود، وما الذي يجعلنا مطمئنين على تحقيق هذه الأماني؟ وما الذي يضمن عدم تكرار فشل البرنامج الثلاثي للإصلاح الاقتصادي.. تخفيف أعباء المعيشة ومحاربة الفقر والإصلاح الاقتصادي لا يكون إلا بإزالة التشوهات الاقتصادية السائدة، ومحاربة السياسات التي تُقلِّم أظافر المُنتِج المحلي وتُشجع استيراد السلع الكمالية ولعب الأطفال وكريمات (فسخ) الوجوه (المسرطنة) والتي تنفق عليها الدولة سنوياً (6) مليارات من الجنيهات أوقفوا.. الاصلاح الاقتصادي وتخفيف أعباء المعيشة يحتاج إلى إدراك عميق بأننا دولة غنية بمواردها الزراعية، موِّلوا المزارعين وقدموا لهم التسهيلات، واعفوا مدخلات الإنتاج الزراعية من الرسوم الجمركية والضرائبية وأوقفوا كل أشكال الجبايات على المزارعين، وافتحوا لهم الأسواق العالمية بدلاً من تشجيع استيراد النفايات والمواد المسرطنة التي ننفق فيها مليارات الدولارات، يستفيد منها أباطرة إمبراطورية الاستيراد.. حوِّلوا دولارات استيراد هذه السلع غير الضرورية لتمويل الزراعة، وطِّنوا زراعة القمح لنكون من الدول المصدرة بدلاً من إنفاق ملايين الدولارات في استيراد القمح، كفانا تصريحات تقال عند بداية كل تشكيلة وزارية جديدة.. اللهم هذا قسمي فيما أملك.


تعليق واحد

  1. كفّيت و وفيّت، قال تعالى:-( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) صدق الله العظيم وقال صلى الله عليه وسلم فيما معناه:- يظل الرجل يكذب ويكذب حتى يكتب عند الله كذّاباً.صدق صلى الله عليه وسلم. ويقول المثل السوداني :- أمشي مع الكضاب لحدي خشم الباب. وفي هذا الكفاية، والله من وراء القصد.