عبد الجليل سليمان

للنحلة حقد البعير


للتشكيلي والقاص العراقي “سالم الياس مدالو” قصص قصيرة رائعة رغم لغتها البسيطة والمباشرة. ولعل قصة (النحلة) تبدو مناسبة جداً كي نقاربها بما يحدث الآن.
يقول مدالو: “في صباي وذات صباح ربيعي جميل مشمس أضرمنا أنا وصديقي حميد النار في قفير نحل بري فهاج وماج واضطرب، ركضنا مسرعين خوف اللسع. ركضت مسافة كيلومتر أو أكثر قليلاً إلى أن أعياني التعب فتوقفت. وإذا بنحلة تطن فوق رأسي، ثم تلسعني في جبيني حتى تورم مثل زق مملوء بهواء فاسد حينذاك فقط تيقنت أن للنحلة حقدا يضاهي حقد البعير”.
وما يحدث الآن لا يحتاج إلى رسوخٍ في (علم) التحليل السياسي لسبر أغواره، وتوقع نتائجه، كما لا يحتاج إلى (سحر يؤثر) لتبيُن بعض تفاصيل مآلاته و(تخمين) ثم ترجيح الأخرى باستخدام نظرية الاحتمالات القائمة على مثال (زهر الطاولة/ أب ستة) الشهير في (أمثلة) الرياضيات الأولية (الزمان).
لم يكن بطل قصة (مدالو) يتوقع أن ما فعله هو وصديقه بقُفير النحل في ذلك الصباح الربيعي المشمس الجميل لن تنجم عنه نتائج وخيمة تصيبه شخصياً بأذى بالغ جعله يطلق عبارته الشهيرة (إن للنحلة حقدا يضاهي حقد البعير).
هذا الاحتفاء الهارج والصاخب بالوزارة الجديدة لن يكون ذا معنى ولا مغزى، ما لم تتبع الأقوال بالعمل، فإذا قال والي الجزيرة (أيلا) الذي نحرت من أجله الجِمال وأريقت دماؤها وأزهقت أرواحها إنه سيحرك الطاقات الكامنة من أجل استعادة مشروع الجزيرة فإننا سنقول له (انكرب) إذن، فإن الأمر هنا شائك وليس على مثل (كورنيش) بورتسودان، شائك ومعقد يا (أيلا) إلى حدٍ لا يتصور. لذا كنت أتمنى أن يؤجل الوالي (سيرة المشروع) قليلاً حتى لا تصحو الدبابير، ويتحدث عن أشياء أخرى (شوراع زلط/ كورنيشات/ مهرجانات سياحة) كما دأب في الساحل، حتى إذا ظن (الجمع المتربص) أنه غفا عن المشروع باغتهم بالضربة القاضية.
هذا بالنسبة لـ(ناس الجزيرة)، الذين احتفوا بعشمهم في قليل (أيلا) لأن سابقيه (عدموهم الحبة)، ما بال (ناس سنار) حيث ذهب عباس وجاء (عباس الآخر)؟، قلبي معهم.
ما يقطع نياط القلب، أن (التخت) الحكومي الجديد، لا يزال يظن أن علو الأصوات والصراخ والتصريحات لوسائل الإعلام تقنع المواطنين بأن ثمة إنجازات تحققت بالفعل، وهكذا يظنون أن المواطن (نحلة) يمكنهم إضرام النار في (قفيرها/ بيتها) على الدوام دون أن يلقون جزاءً.
الآن، على الولاة والوزراء أن يعلموا أن للمواطن حقدا كحقد بعير، فإما أن يعملوا من أجله وفق خطط واستراتيجيات وفي صمت، أو فليستعدوا للسعات في جباههم تجعلها تتورم مثل زق مملوء بهواء فاسد.


تعليق واحد

  1. لزيادة توضيح ان صح الفهم زق يعني سعن ( والسعن هذا يعني انا من جلد صغير الماعز او الضان بعدما يتم دبغه بالقرض بتاع كريت لو بتزكروا ) .. لتمني ان اكون توفقت في الشرح …