يوسف عبد المنان

المصارف والمنتجون


الهجمة الإعلامية والسياسية الضاربة التي تعرضت لها المؤسسات الإسلامية من مصارف وشركات من التيارات الاشتراكية السودانية، ممثلة في الحزب الشيوعي وحزب البعث، والتيارات العلمانية الغربية ممثلة في شخصيات داخل حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي بعد الانتفاضة 1985م، ومحاولة ربط المصارف الإسلامية بالنظام المايوي والجبهة الإسلامية، وزج هذه المؤسسات في معترك السياسة الآسن، لا تزال آثار تلك الحملة الشرسة تعاني منها البنوك الإسلامية خاصة شيخها وفتاها.. بنك فيصل الإسلامي الذي حدثني المدير العام “أحمد تاج الدين” وهو مصرفي حاذق لمهنته متواضع يقرأ الصحافة بعين فاحصة.. قال إن أحداث سبتمبر من العام قبل الماضي استهدفت بعض فروع البنك، إلا أن طريقة التأمين المتبعة حالت دون حدوث خسائر كبيرة في المصرف، وإن حركات التمرد المناوئة للحكومة تستهدف المصارف الإسلامية اعتقاداً منها إنها مصارف على علاقة بالحكومة.
في مثل هذه الأيام من العام الماضي قادتني إجراءات جديدة لمدارس المجلس الأفريقي للتعليم الخاص إلى بنك فيصل الإسلامي فرع الثورة بالوادي لسداد رسوم أطفالي. أهدرت نصف يومي في انتظار عودة الشبكة الطاشة.. والمدير الغائب والموظفون الذين لا يبالون بأن هناك زبوناً ينتظر خدمة ممتازة من المصرف الكبير.. كتبت في هذه الزاوية نقداً لفرع البنك وكان “أحمد تاج الدين” هو نائب المدير العام اهتم بالأمر كثيراً وشكل لجنة تحقيق قضت باتخاذ إجراءات صارمة طالت الموظفين في النافذة الواقعة بشارع الوادي.. ما بين يونيو العام الماضي ويونيو الجاري تدبلت أشياء وتغير مظهر وجوهر بنك فيصل فرع الثورة.. مدير جديد يهتم جداً بالزبون.. مقاعد وثيرة للمتعاملين مع المصرف.. موظفون على قدر من المسؤولية ورغم الزحام للأسر على المصرف لسداد رسوم الدراسة ورسوم بعض الجامعات، فإن المعاملة لن تستغرق دقائق معدودة جداً حتى حرس البنك تبدلت طريقتهم في التعامل مع الناس.
نقلت كل تلك الملاحظات للأخ المدير العام لبنك فيصل الأسبوع الماضي الذي أكد أن الزوبعة التي أثيرت حول إعفاء المدير العام السابق لم يتأثر بها المصرف مطلقاً.. وأوضح أن انتهاء عقد المدير العام السابق ورؤية مجلس الإدارة بعدم التجديد له ما كانت تجد هذا الذيوع والانتشار في وسائل الإعلام، إذا لم يكن ذلك في بنك فيصل الإسلامي والذي تتربص به التيارات العلمانية وتتصيد الفرص لتشويه صورة المصرف الذي بات مرجعاً في السودان لتجربة الاقتصاد والمصارف الإسلامية. وكشف “تاج الدين” عن انتقال المصرف في العام القادم لمرحلة الانفتاح مجدداً على الأقاليم والمدن البعيدة بعد الزيادة الكبيرة جداً في أرباح المصرف.
إن صورة المصارف الإسلامية تعرضت للتشويه والاغتيال من خلال محاولة ربطها بتخزين الذرة وقوت المواطنين والمتاجرة في السلع التموينية، وتلك أكذوبة كبيرة أطلقها البعض عمداً وصدقها العامة.. ولو سمح بنك السودان للمصارف جميعاً بدخول الأسواق وشراء المحاصيل وتخزينها، لارتقى الاقتصاد السوداني وازدهرت الزراعة التي تعاني فى مثل هذا الوقت من العام، كساداً كبيراً في الأسعار خاصة الذرة ،الذي أصبح حصاد الجوال منه يكلف نصف سعره الآن في السوق، الشيء الذي يجعل آلاف المزارعين يعزفون عن دخول الموسم الزراعي المطري ،الذي يبدأ في الأسبوعين القادمين.. فهل يطلق بنك السودان سراح البنوك لدخول السوق لصالح المنتجين.