محمود الدنعو

مفاوضات الجولة الأخيرة


بقرار إلغاء قراراته السابقة بفصل نائبة وعزل عدد من الوزراء، فتح الرئيس سلفاكير ميارديت رئيس جنوب السودان الباب واسعاً لإمكانية تسوية للأزمة السياسية والأمنية في بلاده. نعم القرار كان يجب أن ينفذ من زمان، وهو منصوص عليه في اتفاقية أروشا التنزانية عندما جمع الحزب الحاكم في تنزانيا فرقاء الحزب الحاكم في جنوب السودان الحركة الشعبية في مباحثات انتهت إلى اتفاقية أروشا التي تضمن خارطة طريق تنتهي بالوحدة والمصالحة بين فصائل الحركة الشعبية المتحاربة الآن. ومع خفض نسبي لحدة المعارك مؤخرا بين القوات الحكومية وقوات المعارضة خصوصا حول حقول النفط بولايتي الوحدة وأعالي النيل، نشطت الساحة السياسية في محاولات لتفادي العقوبات الدولية، حيث لوَّح الاتحاد الأفريقي الذي يعقد قمته يومي الرابع عشر والخامس عشر من الشهر الجاري بجوهانسبيرج، بإحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على الطرف الذي يعرقل عملية السلام التي توقفت مفاوضاتها في مسارها الرسمي برعاية مجموعة الإيقاد في مارس الماضي دون التوصل إلى اتفاق، وتبقى أقل من شهر للمهلة النهائية لتشكيل الحكومة الانتقالية عبر اتفاق لتقاسم السلطة، ولا يبدو أن الأطراف الجنوبية سوف تتوافق على تشكيل الحكومة في الموعد المضروب الذي يتزامن مع الذكرى الرابعة لاستقلال دولة جنوب السودان عن السودان عبر استفتاء شعبي في العام 2011، ولكنها منذ ديسمبر من العام 2013 غرقت في صراع سياسي دامٍ بين الرئيس سلفاكير ونائبه السابق رياك مشار، مما عطل الكثير من أحلام الجنوبيين في النهوض بدولتهم الوليدة. من ضمن الحراك السياسي الراهن الذي يتابعه الجنوبيون بتفاؤل محفوف بالحذر، تجرى حاليا مشاورات مكثفة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين الأطراف الثلاثة الحكومة والمعارضة المسلحة ومجموعة المعتقلين السياسيين السابقين بزعامة باقان أموم التي عاد جزء من قيادتها مؤخراً إلى جوبا من منفاهم الاختياري في نيروبي في إطار مبادرة كينية لتوحيد مسارات حل الأزمة وتهدف المشاورات الراهنة إلى التوصل لاتفاق حول موعد استئناف جولة جديدة من المفاوضات بين الأطراف من خلال آلية تفاوض جديدة موسعة، تشمل بجانب دول مجموعة الإيقاد كلاً من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة والصين والترويج كوسطاء جدد. المشاورات الحالية في أديس أبابا في حال أثمرت عن اتفاق لموعد استئناف المفاوضات، فإنها ربما كانت الخطوة الأخيرة نحو اتفاق السلام النهائي، لأنها ستكون جولة مفاوضات مباشرة بين الرئيس سلفاكير ميارديت وزعيم المتمردين رياك مشار الذي تشير الأنباء إلى عودته إلى أديس أبابا بعد مشاورات مع القادة السياسيين والعسكريين في حركته بمنطقة فانجاك بجنوب السودان.