أبشر الماحي الصائم

عندما يتحدث كرم الله فانتبهوا


بينما تظل النخب والجماهير ووسائل الإعلام مستغرقة للآخر في جدليات التشكيل الحكومي الأخير، يخرج علينا والي القضارف الأسبق التربال كرم الله عباس الشيخ بنداء مختلف.. والذي يطربك في حالة الوالي كرم الله أنه قد أتى للولاية من عقر مشروعاته الزراعية، ثم لما فقد وظيفته عاد من حيث أتى، أجريت معه لقاء ذات زيارة للقضارف فسألته عن أحب الألقاب إليه، وال سابق، رئيس اتحاد المزارعين و.. و.. فقال إن وظيفة (تربال) هي أحب الأوصاف والألقاب لي، هكذا خرج علينا المزارع كرم الله عباس، وهو يصيح في القوم، بأن شح سلعة الجازولين يهدد موسم الزراعة، على أن نداء رجل القضارف الأشهر، الرئيس التاريخي لاتحاد المزارعين، قد لامس جروحنا الزراعية النازفة التي لم تندمل فيما يبدو قريبا، ولم تجف مقالاتنا.. (سيدي الرئيس المنتخب أدركوا الصيفي)، (فأما القضارف فلا بواكي لها)، فلقد صعدت في مقالاتي هذه لدرجة الزعم بأنه (كيفما تكون القضارف نكون).. بل أخبروني بحال الترابلة أخبركم عن حال اقتصاد بلدكم و.. و.. فلما كنا نهتفُ ذات يوم رسالي بحياة المشروع الحضاري، وفي المقابل نفتأ نتوسع في بناء العمارات، خرج علينا لحظتئذ أحد العباقرة الإسلاميين بعبارته الحاذقة، (بأن المشروع الحضارى لا يبني بالسيخ والخرصانة)، فلطالما هتف كل الولاة المنصرفين إلى ولاياتهم بعد أداء القسم بحياة (معاش الجماهير)، العبارة التي جعلها الرئيس وصية باقية في أعناقهم، غير أن معاش الناس لا يبني بهذه الاستقبالات الباهظة، وإنما يصنع معاش الناس بأولوية إدراك موسم الصيفي الذى بين يدينا، كما أن إدراك موسم الصيفي يتطلب توفر مجموعة معطيات على رأسها الجازولين، بحيث درج المزارعون في الحقول المطرية، وهي يومئذ الزراعة الغالبة في السودان، درجوا على حراثة الأرض وترحيل الآليات قبل نزول الأمطار إلى أعماق الحقول، لأن طرق الحقول الداخلية غير معبدة، فنحن قد عمرنا طرق مدننا وخربنا طرق معاشنا وزراعتنا فخرب اقتصادنا، فكره الناس الزراعة لخراب بنياتها التحتية الأساسية، أو قل هربوا منها وأصبحت طاردة، تراجيديا ترقى لمقولة سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فالشيء بالشيء يذكر، قال لقد كره الناس الموت لأنهم عمروا دنياهم وخربوا أخرتهم فكرهوا أن ينتقلوا من دار العمار إلى دار الخراب !!
لماذا أصبح السودانيون يفرون من الريف والحواشات إلى المدن، لأننا ببساطة ظللنا نعمر المدن ونركز كل الخدمات في البندر، فأصبح الناس يهربون من ريف الخراب إلى بندر العمار و..
* سيدي، ابن العم، التربال كرم الله عباس العوض، لم يكن مصادفة أن تكون منبها ومنتبها في زمن غفلة السياسيين وهيجة كرنفالاتهم واستقبالاتهم، فأنت أصلا قد أتيت من الحقل وعدت إليه، الحقل حيث يصنع المجد وتبني مقدرات الأمم، لا أعرف إن كانوا سيسمعونك، ولكن.. قد عرفت فألزم.. والسلام.