مزمل ابو القاسم

أعباء عبد الرحيم


* يقر كل علماء الاتصال بصعوبة وضع تعريف محدد للخبر الصحافي، باعتباره شأناً يتصل بنوازع وحاجاتٍ إنسانية متباينة، لا يمكن أن يتوافق عليه الناس بسهولة، لأن الخبر (كأحد الفنون الإعلامية) يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع، وبالتالي تختلف تعريفاته باختلاف وتباين المجتمعات، حضارياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً.

* الخبر الذي يصلح للنشر في الصفحات الأولى بأمريكا وأوروبا قد لا يُعد خبراً على الإطلاق في السودان أو مصر، وما يصلح للبث في التلفزيون قد لا يصلح للإذاعات والصحف مثلاً، لكن الثابت الذي لا خلاف عليه أن هناك عناصر موحدة يمكن أن تستخدم في تعريف أي خبر، باعتباره (كل جديدٍ يهم الناس)!

* من تلك الزاوية يمكن أن نتعامل مع خبر تعيين الفريق أول مهندس عبد الرحيم محمد حسين والياً للخرطوم باعتباره (جديداً يهم الناس) في عاصمة البلاد.

* يتعلق لب الخبر بانتقال وزير الدفاع السابق من وزارةٍ (محصنةٍ)، يعتبر أي مساسٍ بها تجاوزاً للخطوط الحمراء، إلى موقعٍ (مستباح) إعلامياً، فهل سيحتمل الوالي الجديد العنت الذي تعرض له سلفه، من الناحية الإعلامية؟

* أكاد أستشعر مدى صعوبة المهمة التي أسندت لعبد الرحيم، من واقع معايشة ومشاهدات شخصية لما يحدث في عاصمة البلاد حالياً.

* على سببيل المثال، بالأمس شهدت منطقة الجريف شرق احتجاجاتٍ عنيفةً للسكان، على خلفية قضية الأراضي الشهيرة وتردي الخدمات، وما يهمنا في الحدث أن المحتجين أقدموا على إغلاق الشوارع، وحرق الإطارات.

* أدت الشرطة دورها وفرَّقت المحتجين، لكن الإطارات المحترقة بقيت في مكانها، حتى انطفأت من تلقاء نفسها، وأشار الحدث إلى مقدار البؤس الذي تعانيه محلية شرق النيل في الخدمات المتعلقة بالنظافة.

* إذا أضفنا لحواشي الخبر المذكور الانتشار الكثيف للنفايات بجوار الإطارات المحترقة، وتراكم الأوساخ في الطرقات ومجاري تصريف المياه، والانقطاع الدائم للمياه والكهرباء عن معظم أحياء الولاية، ستشير تلك الصورة القبيحة إلى مقدار الصعوبات التي تنتظر والي الخرطوم الجديد، لأن ملامح القذارة وتخلف الخدمات تنتظم كل محليات العاصمة تقريباً.

* سيحمل عبد الرحيم على عاتقه عبء تنظيف عاصمةٍ يتم إلقاء النفايات الطبية في طرقات أرقى أحيائها بلا وجل، (مثلما حدث في كافوري قبل أيام)، وسيكون مطالباً بتجميل القبح الذي يكتنف أرجاءها، والبؤس الذي يهيمن على ملامحها، والضعف المُخل في خدماتها الأساسية، وسيتعيَّن عليه أن ينجز الكثير في كل تلك الملفات المهمة، وهو واقع تحت مرمى نيران الصحافة، ومتأثر بالضغوط الإعلامية الناتجة عن سوء حال عاصمة البلاد، المواجهة بفصلٍ تزداد فيه معاناة السكان إلى الحد الأقصى!

* هل سيحتمل عبد الرحيم وضعه الجديد خارج حصنه الحصين (كما وصفه الزميل جمال علي حسن)؟

* هل سينجز شيئاً ذا بالٍ في موقعٍ تحيط به الأزمات والضغوط إحاطة السوار بالمعصم، وهو الذي تعود على العمل في أجواء هادئةٍ، وفي وزارةٍ معصومة من النقد تقريباً؟


تعليق واحد

  1. ادت الشرطة دورها يا معفن.. وهل قتل المواطن هو دور الشرطة.. تعرف يا واطي ليهم الف حق يعلقوا صدور جريدتك ويعلقوك انت. الكلام ده كسير تلج من واحد معفن .. قلنا ليك خليك في فيصل العجب وبلة جابر وبقية الرمم يا رمة