أبشر الماحي الصائم

هدية للولاة والوزراء الجدد


لا أعرف إن كان المقام مقام تهنئة أم موطن دعاء للإعانة في أداء الأمانة، فهي يوم القيامة خزي وندامة، وإن كانت ثمة وصية فالصدق الصدق مع الرعية، ولنخرج معكم في هذه السياحة الصدقية..

الصدق عزيز, حث عليه ربنا بقوله ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ”. والصدق كما قال حبيبنا محمد – صلى الله عليه وسلم – يهدي إلى البرّ, والبر يهدي إلى الجنة.. وللصالحين والفضلاء في الصدق أقوال جميلة وعبارات سديدة أتحفكم ببعضها: قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – “عليك بالصدق وإن قتلك”. وقال أيضاً: “لأن يضعني الصدق – وقلّ ما يفعل – أحب إلى أن من أن يرفعني الكذب وقلّ ما يفعل”. وقال: “قد يبلغ الصادق بصدقه، ما لا يبلغه الكاذب باحتياله”. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: “أربع من كن فيه فقد ربح: الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر”. وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: “ما كذبت مذ علمت أن الكذب يشين صاحبه”. وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: “والله لو نادى منادٍ من السماء أن الكذب حلال ما كذبت”. وقال يوسف بن أسباط رحمه الله: “لأن أبيت ليلة أعامل الله بالصدق أحب إلى من أن أضرب بسيفي في سبيل الله”، وقال الشعبي رحمه الله: “عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك، واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك”.

وقال عبد الملك بن مروان لمعلم أولاده: “علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن”. ويقول الشاعر.. عود لسانك قول الصدق تحظ به إن اللسان لما عودت معتاد..

يقول الإمام بن القيم رحمه الله الصدق ثلاثة أقسام: صدق في الأقوال، وصدق في الأعمال، وصدق في الأحوال.

أخي: سل نفسك ما الذي يجعلك تخالف الصواب في قولك وفعلك أحياناً؟ وكم مرّة تقع في ذلك يومياً؟ وهل تذكرت آية المنافق “إذا حدّث كذب” ؟ وهل أخذت على نفسك عهداً ألا تقع في دائرة الكذب مهما كانت الظروف, ومهما أضرّ بك الصدق, وليس بفاعل ؟

أخي: يا أخي: ثم يا أخي: أصدق القول والفعل تفز برضوان الله تعالى, ولا يضيرك ما يقول الناس عنك أنه لابد من المجاملات الكاذبة كي نتربع في قلوب الناس على حساب دخولنا في دائرة الوعيد!!

أخي: افتح صفحة صدق بيضاء نقية ليس من الغد بل من هذه اللحظة, وارفع شعار الصدق في كل حين حتى تلقى ربك به, وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً, وأنت صدّيق، بإذن الله تعالى.

أخي الحبيب: إن أعظم ما في الصدق أنه يقود صاحبه إلى الجنة، وهذا هو الفوز العظيم قال – صلى الله عليه وسلم – “أنا زعيم بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً”، فهذا هو الرّبح الأوفر لأهل الصدق، وأي ربح أعظم من الجنة لكن يبقى أن تسأل نفسك: ما هو نصيبك من هذا الخير العظيم؟ فإنه ما زاد نصيب الرجل في الصدق إلا وقلّ نصيبه من الكذب، والعكس كذلك، وقد قالوا: قد يكذب الصدوق – أي نادراً ولكن لا يصدق الكذوب – أسأل الله تعالى أن يجعلنا مع الصادقين، وأن يحشرنا معهم وأن يعصمنا من الكذب والزلل وبالله التوفيق..

(إحدى مقالات صالح الجبر