لبنى عثمان

في خاطري شيء ما أفتقده


قديما كان لون الزمن أبيض.. وكانت قلوب الناس خضراء.. كانت الأحلام بسيطة.. أبسط من أن تذيقنا مرارة التفكير في القادم المجهول وتحرمنا لذة التمتع بوقتنا.

كل أشيائنا كانت تشبه الطبيعة.. تشبه الفصول.. تشبه نقاوة المطر.. حيث كان المطر صديقا حميما يدخل المنازل فلا يؤذيها ولا يؤذينا.. صوت قطرات الماء كهديل الطفولة.. نكهة الزمان مازلنا نستطعمها في قلوبنا مع تباشير أول العام.. كانت الفرحة مشاركة مع الكل.. ونتعامل معها بكل حب في ظل والدين نقيين هما نعمة من الله عز وجل جعلها تزين حياتنا.. وما أجمل من حياة كانت في ظل والدي رحمه الله!..

** بالأمس.. بكيت بين يديك كثيرا.. وكأن أحزان أهل الأرض سكبت فوق رأسي..

أمسكت قلبي.. أعتصر الوجع وأتحسس الحنين المشوب بالشوق.. اتذوق طعم مرارة الحرمان.. وما أشد مرارة الحرمان منك (أبي)..!

في لحظات أحسست وكأن الحياة أعادت نبش قبرك أمامي.. وبخطى متثاقلة سرت خلف جنازتك التى لم أرها ولم أمشها..

أرعبني الأحساس وكأنني آخر من تبقى من أهل الأرض فوق الأرض..

ارتعشت حزنا وأنا أحمل في يدي رصاصة رحمة كي أطلقها على صدري.. صدري الذي دثرة الوجع وغطاه الحزن.. كنت أنوي الرحيل اختصارا لحكايتي والحب والتعب والحزن.. نزف قلبي كثيرا وكأن سيوف الألم لا تعرف لها مكانا إلا أحشاء قلبي.. اعتدت كثيرا أن أرتشف لحظات الفرح.. وأتجرع كؤوس الحزن والوجع.. وأردد بنفس راضية (اللهم ما آلمتني إلا لتريحني.. وما أحزنتني إلا لتفرحني).. أنت الرحيم الكريم واسع العطاء..

أبي.. بالأمس القريب ارتميت فوق حضن ذكراك ورحت أحدثك بالدمع عن زمن أحزاني.

فكل هزائمي في حياتي كانت ترتدي أقنعة الصبر.. وكل أحاديثي إليك.. كانت ضاحكة مستبشرة بلمحة الحزن.. فقد تناولت قطع الخذلان بعدك كثيرا.. وكم خيبة أمل زفتها أغنية فرح وما هي بأغنية.. فكل الأماكن التي مررت عليها كانت خضراء بلا أشجار.. وارفة الظلال بلا نخيل.

إلا جزر الأحلام وحدها كانت خريفية المنظر واللون.

** احتجتك أبي كثيرا..

في زمن أشتاق فيه إلى كل جميل واتلهف فيه لكل جديد.. ولكني الآن فقدت من لهفتي الكثير.

فقد تشابهت كل الأحداث إلى حد يدخلك في دائرة الملل بعد لحظات من إبحارك في تلك اللهفة..

** حالة **

في غيابك..

لا أملك من أمري شيئا سوى دمع

أكفكفه وأعود ﻷبتسم..


تعليق واحد