عبد الباقي الظافر

باب كبار الزوَّار..!!


حملت الأنباء أن ملك إسبانيا قام بتجريد شقيقته الأميرة كرستينا من لقب دوقة.. سبب الغضبة الملكية أن الأميرة وزوجها الرياضي سابقا إنياك اورداغارين متهمان بالتهرب الضريبي.. في ديسمبر الماضي وجه أحد القضاة تهمة الاحتيال الضريبي لشقيقة الملك.. ومن المتوقع أن تمثل الأميرة كرستينا أمام القضاء في لحظة وتقبع خلف القضبان .
في الثالث من يونيو الماضي كان الملك سلمان ملك العربية السعودية يخاطب مجموعة من أطياف النخبة السعودية.. جلالة الملك أكد أنه جاد في الحرب على الفساد.. ابتدأ الملك بنفسه وأفراد العائلة المالكة حيث جرد الجميع من الحصانة.. أوضح جلالة الملك أن بإمكان أي مواطن أن يقاضي الملك دون أن يحتاج إلى تلك البيروقراطية الطويلة .
في خطبة الجمعة الماضية كان الشيخ كمال رزق، يضع اصبعه على الجرح.. طالب إمام مسجد الجامع الكبير بإعادة الساعة المسروقة.. قبل سنوات وفي إطار الهوجة والحماس اقترح أحدهم أن يعمل السودان بتوقيت مكة المكرمة.. اقتضى الأمر أن يخرج السودان من نطاقه الجغرافي فيما يسميه السودانيون (جر الساعة).. شيخ رزق قال إن ذلك فيه خداع وكذب على الناس.. حينما يأتي طلب ضبط الساعة من شيخ في مقام كمال رزق، يكون للطلب خاصية النصح الخالص دون مزايدة سياسية.
في ذات مقام الجمعة كان شيخ آخر يطالب السياسيين بإعادة ضبط الساعة.. الدكتور عصام البشير إمام مسجد النور الإسلامي قدم نصيحة ذهبية لحكامنا.. حذر شيخ عصام المسؤولين من الاستبداد بالسُلطة والبقاء الطويل في سُدة السُلطة.. أوضح البشير أن استمرار الحاكم فترة طويلة يجعله يتوهم أن بقاءه من لوازم استقرار الأمة.. لا ادري أن كان شيخ عصام قد نظر إلى الصف الأول جيدا قبل أن يرسل نصيحته الغالية.. بعض حكامنا من شدة استبدادهم يحجزون الصفوف الأمامية في الصلاة الجامعة.. وبعضهم لا يدخل المسجد إلا من باب كبار الزوَّار.. هؤلاء أولى بالنصيحة.. ومنهم من تجاوزت إقامته في المناصب ربع قرن من الزمان .
في تقديري.. أن يتحول المسجد إلى منارة لمناقشة القضايا العامة والساخنة هو عودة للدور الصحيح لمؤسسة المسجد.. هنا كان الخليفة عمر رضى الله عنه وأرضاه يسأل المصلين أن يقوموه أن حاد عن الطريق.. ويتصدى له أعرابي شاهرا سيفه قائلا: “بل نقومك بسيوفنا هذه”.. وفي المسجد كان الخليفة عمر بن الخطاب يتم استجوابه وفقا لقانون من أين لك هذا.. كل لأن جلباب أمير المؤمنين كان أكبر حجما وأطول مقاسا من عامة الرعية.. وعلى ذات المنبر ينتصر الخليفة ابن الخطاب إلى الجندر ويعترف (أخطأ عمر وأصابت امرأة) بصراحة.. إذا نظر كل مسؤول إلى ساعة معصمه فسيستغرب كيف تستمر في بلد عملية إنقاذ واحدة لأكثر من خمسة وعشرين عاما.. في كل الدنيا تتغير السياسات والحكومات ويموت الملوك ويستقيل الساسة إلا عندنا.. السبب أننا لا ننظر إلى الدنيا من حولنا.. التغيير في كل مكان.. إن لم تسمع حكومتنا النصح فسيغمرها الطوفان.


تعليق واحد

  1. مقالك كافي ووافي وفي الصميم …لنفس السبب عزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد من الجيش خشية ان يفتنوا به و يظنوا ان النصر لا يأتي الا من عنده. كذلك حال البشير يظن ويظن اتباعه ان استقرار السودان في وجوده