زاهر بخيت الفكي

الجريف وأخواتها ..!!


دُخان فى كل مكان..
وهل من دُخانٍ يُرى يا تُرى أبداً بلا نار..؟
جُملة من الاحتقانات تبعتها مُظاهرات واحتجاجات ، أحداث ومشاهد دامية على مسرح الخرطوم الولاية فى الأشهر القليلة الماضية وما زال المشهد المُر يتكرر مع انتقاله من منطقة مأزومة مُحتقنة إلى أخرى أكثر احتقاناً وتأزيما ، مُصادمات راح ضحيتها نفرٌ من أهلنا الطيبين رحمةٌ من الله تغشى من مضى منهم ونسأله سبحانه أن يشفى جراح كل مُصاب منهم ، احتجاجات اجتاحت بعضاً من أحياء ولاية الخرطوم (القديمة) وبعضاً من القرى العريقة المُتاخمة للخرطوم المدينة ، يتحدث أهلها وبمرارة عن حق يخُصهم فى أراضٍ تتبع تاريخياً لهم ذهب هذا الحق إلى غيرهم ، تمددت الأسر كثيراً وماعادت المساحات التى يستغلونها الأن فى مساكنهم تسعهم وتستوعب غيرهم من الأبناء والأحفاد ..
شمبات القديمة ، حلفاية الملوك ، العزوزاب ، أم دوم ، الجريف ، السقاى شمال بحرى ، منطقة السروراب غرب العريقة وغيرها من مناطق الولاية المأزومة..
للأسف ما زلنا نُطبب فى جراحنا العميقة المُتقيحة وكأنها خدوش طفيفة لا تستحق أن يُعتنى بها ولا أن تُنظف من الداخل حتى لا تتقرح وتتمدد فى جسدنا المُنهك العليل أصلا ، لا بأس من استئصال العضو المُصاب حتى لا يتأثر به غيره من أعضاء جسدنا الواحد ، هكذا ديدن أهل الشأن وولاة الأمر فى بلادى فقط وعود وتطمينات ومُعالجات آنية لا فائدة تُرجى منها يعود بعدها أهلنا للجلوس على فوهة بُركانهم المتوقع انفجاره فى كل لحظة.
كل هذه المناطق كانت قرىً تتشابك علاقات أهلها الأسرية مع بعضهم البعض علاقات قُربى وجوار انصهروا فيها جميعاً شأنهم شأن جميع القرى فى بلادى ، جاءوها ومن زمانٍ بعيد قبل أن تتمدد الخرطوم ويُهاجر إليها كل أهل السودان ، فى منازلهم البسيطة طاب لهم المقام واستغلوا بقية الأراضى المجاورة كعادة السكان فى هذا البلد (الطيب) أهله فى زراعتهم المطرية والنيلية ، ليست كالأحياء الجديدة والمخططات التى أنشأتها الحكومات المُتعاقبة بمساحاتها المعلومة محدودة الأمتار يستلمها مُستحقيها بموجب عقد بينهم والدولة وشهادات تُثبت ملكيتهم لها لا احتقان بعدها ولا نزاعات ، هى أراضٍ توارثوها من أجدادهم ضاعت منهم وإلى غيرهم ذهبت ، هم أولى من غيرهم فى امتلاك أراضيهم أو هكذا يظُن أهل أحياء النزاع هذه وما زالت الدولة عاجزة فى أن تُثبت لهم هذا الحق أو أن تُثبت ملكيتها لكل الأراضى المُتنازع عليها ..
ما إن تُخمد نار فى حى حتى أشعلوها فى غيره والدُخان يتصاعد..
يا أهل الجريف أجاركم الله فى مُصيبتكم..
تقبل الله عنده قبولاً حسناً جميع من مضى إليه منّا ومنكم..
همسة صادقة…
يقول إبن القيم..من رفق بعباد الله رُفق به ومن رحمهم رُحم ومن أحسن إليهم أحسن الله إليه ..