الطاهر ساتي

كل يوم حظر


:: كما السكير الذي أرشده خطيب المسجد إلى مكان (ست العرقي)، وذلك بالإستنكار المصحوب بوصف مكان أم الكبائر من خلال الخطبة، كان لسان حالي صباح أمس يخاطب الأخ الدكتور عادل عبد العزيز بعد قراءة زاويته : ( ياخ معقول ما نعرف حظر إستيراد وتجميع الركشات إلا من عمودك؟).. فالأخ عادل يوثق أن وزارة المالية، بتاريخ 16 يناير الفائت، أصدرت قراراً بحظر إستيراد الركشات.. ثم وزارة المالية ذاتها، بتاريخ 16 ابريل الفائت، أصدرت توجيها لوزارة الإستثمار بعدم إصدار تراخيص صناعة وتجميع الركشات في البلاد.. و حظر الإستيراد ومنع الصناعة لأن الركشات ( تلوث البيئة)، أو كما وصى المجلس الأعلى للبيئة ..!!

:: غير هذا السودان و دول أخرى على ذات نهج السودان الإقتصادي، لم تعد هناك دولة تحظر حركة التجارة والصناعة ..نعم فالحظر والمنع من سمات الدول ذات السياسة الإقتصادية المتخلفة، أي الدول التي عقولها الإقتصادية تدير الإقتصاد بلا إستراتيجية واضحة غير نظرية : (رزق اليوم باليوم) .. و حظر حركة التجارة و الصناعة صار معيبا ومخالفا لسنن الحياة الحضارية ذات الإقتصاد الحر ..ولأننا مخالفون بالفطرة لكل ما يمت للحضارة بصلة، يصدر ولاة أمر إقتصادنا كل يوم (قرار حظر).. حظر لا شئ غير الحظر، وكأن عبقرية عقولهم لم تدرس من العلوم الإقتصادية كلها غير : (علم الحظر).. فالإقتصاد المعافى دائما ما يتكئ على زيادة الإنتاج ومكافحة الفساد وتحرير أسواق التجارة والصناعة ، وليس ( كتم أنفاس الأسواق)، كما تفعل وزارة المالية على مدار العام..!!

:: فلندع الملايين التي مصدر دخلها ( الركشات)، فبأي دستور و أي قانون تمنع وزارة المالية التجارة في ( الركشات).؟..ثم الأدهى والأمر، كيف لوزارة إقتصادية تحظر صناعة هذه المواتر في البلاد؟..صناعة المواتر ذات الثلاثة إطارات تعني توظيف العمالة، وتعني التصدير، وتعني زيادة الدخل القومي، وتعني إستقرار بعض أفراد المجتمع، فلماذا تختزلها وزارة المالية في تلويث البيئة وكأن بقية المركبات تنفث ( بخور التيمان).؟.. وهذا الحظر والمنع ليس بدعة، إذ قبل عام و نيف أصدرت المالية ذاتها قائمة بسلع تم حظر إستيرادها بعد أن وصفوها ب (السلع المستفزة)..فلتعد المالية البصر كرتين إلى أحوال مصانعنا المناط بها مهام إنتاج تلك السلع، لتكتشف بأن أحوال مصانعنا هي المستفزة وليست تلك السلع ..!!

:: حال الصناعة في البلد يغني عن السؤال، لأن السياسة الإقتصادية لا تتقن غير ( صناعة الحظر )..بالإنتاج الوطني كان يجب أن تحظر المالية سلع الآخرين، وليست بالقرارات التي تتناقض مع التجارة العالمية وحريتها.. في حال السلع المسماة بالإستفزازية، لم توفر المالية لمصانع بلادنا مناخا يؤهلها إلي إنتاج تلك السلع الإستفزازية بجودة عالية وسعر مناسب ، بحيث تحظر سلع مصانعنا دخول سلع مصانع الآخرين إلي أسواقنا ..أليس منطقا غريبا ألا ترحموا مصانعنا، ثم لاتدعوا رحمة مصانع الآخرين ترد إلي أسواقنا ؟.. لماذا كل شئ وارد هو الأرخص والأجود ؟ ولماذا كل شئ محلي – ولو كان قليلا – إما ( أغلى أو أردأ ؟)..فالإجابة هي النهج الإقتصادي الذي يحارب (الوارد والمنتج).. إصلاح هذا النهج بحيث يُرسخ حرية التجارة و الصناعة خير من ( كل يوم حظر)..!!