عبد الباقي الظافر

لماذا غاب السيسي..!!


في يونيو 1995 تواترت معلومات لاجهزة المخابرات المصرية أن هناك خطرا يحدق برحلة الرئيس المصري حسني مبارك إلى اثيوبيا..الرئيس وقتها كان في طريقه للمشاركة في إحدى مؤتمرات القمة الافريقية..رجال حول الرئيس اتخذوا قرار أن يمضي الرئيس الى هنالك ولكن ببعض التحوطات الخاصة..من بين هذه الاجراءات الاستثنائية شحن سيارة الرئيس المصفحة بجانب سائق خاص مدرب لمواجهة الظروف الطارئة..حينما حاول رجال جماعة الجهاد المصرية تفجير سيارة الرئيس فشلوا في مسعاهم ..السائق المدرب اتخذ قرار العودة للمطار..وان لم يتخذ القرار الصحيح وغير المسار لوجه بكمين اخر.
لفت نظري غياب الرئيس المشير السيسي عن قمة جوهانسبرج..معظم المراقبين يعتقدون ان السبب الرئيسي الذي دفع المشير الى الغياب هي تهديدات من منظمات مدنية أكدت أنها ستلاحق السيسي بتهم قتل الآلاف في ميدان رابعة العدوية..المحامي يوشا طيب عضو مجموعة المحامين المسلمين قال إن بلده ملتزمة بتلبية المواثيق الدولية وتبعا لذلك يتعين عليها استجواب الرئيس المصري.
رجال السيسي في اللحظة الاخيرة جعلوا رئيس الوزراء المهندس محلب يقود الوفد المصري للقمة الافريقية في جوهانسبرج..التراجع عن السفر تم تصويره كموقف وطني..الإعلام المصري أكد أن الرئيس السيسي مشغول بتبعات وطنية..بل إن رئيس تحرير الاهرام الاستاذ محمد عبدالهادي علام الموصول بالقصر، كان قد ناشد المشير السيسي بالاعتذار عن السفر لأن مصر تحتاج جهود الرئيس في مثل هذه الايام.
صحف موالية اخرى مضت إلى اتجاه مختلف..حيث أبرزت صحيفة الشعب على لسان مراقبين أن اعتذار السيسي عن السفر تم عملا بسياسة المعاملة بالمثل..السيسي رفض المشاركة في القمة التي تستضيفها جنوب افريقيا بسبب غياب الرئيس جاكوب زوما عن قمة شرم الشيخ التي ناقشت التعاون الاقتصادي بين دول القارة الأفريقية.
كل ذلك الاستطراد جاء للبحث عن سؤال حول قدرة حكومتنا على قراءة اتجاه الريح..سافر الرئيس البشير الى جوهانسبرج مترئسا وفد السودان للقمة الافريقية..لا أشك ان الرئيس سيعود إلى أهله في الوقت الذي يريد..ولكن حبس الانفاس الذي لازم الزيارة وجعل كل السودانيين يضعون أيديهم على قلوبهم يطرح سؤالا عن جدوى الزيارة..هل تستحق مناسبة عادية تتكرر بشكل راتب كل هذه المشقة؟
لم تكن تلك التجربة الاولى التي ترفع درجة القلق على الرئيس البشير..رحلة المشير البشير إلى الصين وما اكتنفها من مخاطر مازالت ماثلة للاذهان..في كينيا حاولت مجموعات معادية للحكومة السودانية أن تفسد الرحلة لولا الموقف الكيني الحازم..ذات الخطأ يتكرر في رحلة جوهانسبيرج..ذات المجموعات التي تفاداها الرئيس السيسي وجدت الطريق عبر الملف السوداني.
في تقديري ان هذه المجموعات تدرك جيدا أنها لن تمس الرئيس البشير بسوء..هدفها صنع ضجيج إعلامي يعيد القضايا التي طواها النسيان إلى واجهة الاحداث..الدبلوماسية السودانية نجحت في طي ملف المحكمة الجنائية..حدث ذلك الاختراق بدعم من عدد من القادة الأفارقة..ولكن عبر قرارات غير مدروسة ها هي ذات الدبلوماسية تنقض غزلها بيدها ويعود اسم السودان إلى صدارة أخبار العالم.
بصراحة..هذه التجربة العصيبة تطرح سؤال: أين رجال حول الرئيس؟