سعد الدين إبراهيم

الحال من بعضو !


من المفارقات أنه في نشرة قناة (إم تي في) اللبنانية.. أطل الدكتور “انطون بستانى” نقيب الأطباء اللبنانيين وهو يلقي كلمة أمام كتلة عريضة من الأطباء.. يعلن عن توقف الأطباء عن العمل لحين إطلاق سراح البروفيسور “عصام معلوف”.. الذي شكاه إلى القضاء والد الطفلة (ايلا طنوس) التي بترت أطرافها بسبب التقاعس الطبي.. والله كلمة النقيب كانت رفيعة اللغة.. أدبية التوجه.. لاحظت أن النقيب قد عرج على الإعلام واتهمه بالتضخيم والتهويل.. وبالكناية اتهم تدخلات مرتشيه.. وأسماهم (بالشتامين بالأجرة) في الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، وبعد أن كال للإعلام مسؤولية كبيرة في تأليب الرأي العام على الأطباء بالنقد الجائر ولي عنق الحقيقة.. لم ينف النقيب وجود خطأ ولكنه أوضح أن النقابة تخضع لكل ما يلزم من تعويض ومن جبر الضرر ما أمكن.. ولا أدري ماذا ستكون محاسبة النقابة للدكتور المذكور الذي تسبب في بتر أطراف طفلة.. فداحة ذلك عاهة طيلة عمرها.. إن أمد الله فيه ستعاني من خطأ طبي.. وإن كنت أرى في خطأ طبي هذي توجيه الاتهام أولاً وأخيراً إلى الطبيب ،وننسى بقية تروس العملية الطبية من فحص.. وتحليل .. وتقدير.. ومتابعة الحالة من المريض أو أهله.. ربما كان السبب زحمة المرور.. وما تضحكوا أنا جادي.. يعني أزمة المرور تسببت في عدم الوصول بالسرعة التي تفيد في متابعة الحالة.. فتتأزم وتستعصي على الطبيب المداويا لأن القصة منتهية.. العجيب أنني قرأت عن ثلاثة أطفال ماتوا في “إمري” نتيجة لدغ العقارب.. وذلك لعدم وجود المصل المضاد عالي الكلفة وبعيد المنال عن العامة في قلب العاصمة ناهيك عن “إمري الجديدة” و”مروي القديمة”، هنا لأنه لا يوجد طبيب أصبح الخطأ طبياً مقيداً ضد مجهول.. فلم نجد طبيباً لنجلده ونحمله المسؤولية ونرفع عليه قضية.. عموماً الطبيب مثله مثل المعلم وسيد الدرداقة والموظف يلهث ورا لقمة العيش المغموسة في أحسن أدام مقدور عليه.. كيف لا يخطئ طبيب يعمل صباحاً في المستشفى الحكومي.. ونهاراً في مستوصف أو مشفى خاص ومساءاً في عيادته الخاصة.. كم ساعة ينام.. وهل دوران العمل بهذه الطريقة لا تنتج عنه سلبيات بسبب التعب.. الإرهاق.. الشرود الذهني.. العجلة.. عموماً حين نقول خطأً طبياً فليست المسؤولية على الطبيب وحده حقيقية.. كنت أحسب الود المفقود بين الإعلام خاصة الصحافة والأطباء ظاهرة سودانية لكن يبدو أنها ظاهرة عربية.. بدليل أن نقيب الأطباء اللبناني صب جام غضبه على الإعلام – بالمناسبة أنا صب جام غضبه دي بالظبط ما فاهم معناها لكن فاهم أنها حاجة كعبة – المهم حمل الإعلام مسؤوليات جسام وكأن الذي بتر أطراف الطفلة الإعلام.. بيد أن الرجل في آخر خطابه مدح دور الإعلام واستثنى أصحاب الأقلام الشريفة أو كما قال.