الصادق الرزيقي

كسبنا المعركة والجولة ..


> عاد والحمد لله، السيد رئيس الجمهورية من جنوب إفريقيا سالماً غانماً وظافراً، بعد يومين من الترقب والوجل والانشغال، وسادت الشعب السوداني رغم جسارته وقوة شكيمته حالة من الخشية والقلق كشفت عن عمق صلتهم برئيسهم ومكانته لديهم وما يمثله من سيادة كرمز وطني وقاري يفخر به السودان، وشعر كل السودانيين خلال اليومين الماضيين بشعور واحد استفز قيمهم وتاريخهم وكينونتهم وضميرهم الوطني، فحتى الذين في المعارضة لم يرضوا هذا النوع من الاستفزاز الذي مارسته المحكمة الجنائية الدولية واختراقها واستخدامها ناشطين ومنظمات عبر محكمة جنوب إفريقية في إحدى ضواحي بريتوريا عاصمة جنوب إفريقيا.
> لكن هذه الأزمة العارضة وما جرى في جنوب إفريقيا، كان خيراً لنا وفتحاً للسودان، يجب أن ننظر إليه من زاوية عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.. وذلك للآتي:
1/ مشاركة الرئيس البشير في القمة في بلد مصادق على ميثاق روما وبه سلطة قضائية ذات استقلالية واضحة وديمقراطية راسخة وتعددية سياسية رائدة في إفريقيا، وبلد متطلع للحصول على أحد المقعدين المقترحين لإفريقيا في العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي في إطار التعديلات الهيكلية للأمم المتحدة، هذه المشاركة في حد ذاتها تأكيد على أن القارة الإفريقية تقف مساندة للسودان في معركته مع المحكمة الجنائية الدولية، وتعزيز لموقف القادة الأفارقة الذي اتخذوه في القمم العادية السابقة بشأن ملف السودان لدى المحكمة، وما كان للبشير أن يتخلف عن ائتمار إفريقي على مستوى القادة في قمة خصصت في الأساس للنظر في الانسحاب الجماعي من المحكمة، ولولا مشاركة البشير وزخمها وما صاحبها من تطورات لما وجد الملف أهيمته الكاملة لدى قادة البلدان الإفريقية بالمستوى الذي انتهت عليه القمة، فبما أن البشير معني بهذه القضية فإن وجوده وسط إخوانه من الرؤساء الأفارقة أعطى قوة دفع إضافية للمضي قدماً في موقف القارة الموحد من هذه المحكمة الجائرة.
2/ وفرت تطورات الحدث بوجود البشير في جوهانسبيرج مشاركاً في القمة، حقائق ذات قيمة كبيرة لجنوب إفريقيا نفسها، فمن ناحية أنها بلد مصادق على ميثاق روما، وتنعقد فيها قمة إفريقية للنظر في الانسحاب الجماعي من المحكمة وتجميد ملف السودان وعدم إحالته إلى مجلس الأمن الدولي، فإن ما جرى سبب حرجاً بالغاً لحكومتها، فبلد بديمقراطيته القوية وتوجهاته الصميمة لتمثيل إفريقيا، لا يمكن أن يطعن في شرفه الأخلاقي والسياسي بهذه الكيفية التي فعلتها المحكمة الجنائية الدولية باستخدامها ناشطين ومنظمات غير حكومية لتسخير القضاء الوطني للدولة المضيف للقمة الإفريقية لملاحقة رئيس مشارك في قمة للرؤساء والقادة، وقد دخلت هذه القضية نتيجة أخطاء المحكمة الجنائية الدولية ومن يقف وراءها في لب الصراع السياسي والحزبي في جنوب إفريقيا مما يزيد من تعقيدات المشهد هناك، وهذا ما يقلق حكومة الرئيس زوما الآن لوجود دوافع سياسية وراء ما جرى وليست هناك احترافية قانونية ومسوغات من إثارة هذا القضية، وقد استدعى ما جرى لدى قادة جنوب إفريقيا وخاصة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي العلاقة التاريخية مع السودان عندما كان سنداً للنضالات ضد نظام الفصل العنصري من النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، وكان السودان في مقدمة البلدان التي دعمت ووقفت مع كل حركات التحرر الإفريقية حتى نالت ما أرادت.
3/ سرَّع الخطأ الجسيم الذي ارتكبته المحكمة الجنائية الدولية، من سقوطها في مزبلة التاريخ كما يقال، فالمعركة انجلت بمغادرة البشير لجنوب إفريقيا كما شاء وفق ترتيبات زيارته لجوهانسبيرج عقب انتهاء القمة، ووجدت القمة الفرصة الكافية للإجهاز عليها وكشف مؤامراتها ضد الشعوب الإفريقية وقادتها، وفقدت هذه المحكمة مبررات وجودها وأُسقط في يدها وبان عجزها، وخسرت معركتها السياسية والقانونية وانكشفت ألاعيبها، ففشل المحكمة في تحقيق أي هدف من أهدافها وتحدي القادة الأفارقة لها وفي مقدمتهم الرئيس البشير، سيعجل بنهايتها، ويتوقع في القريب العاجل أن تحدث تطورات مهمة على صعيد هذه المحكمة تطيح رؤوساً كثيرة بعد أن فقدت بالفعل بريقها وانكسرت شوكتها، وقد بان أن لحم السودان مُرٌ، ولن تستطيع أية جهة كانت أن تأكل أكباد أبنائه.
> المهم عاد الرئيس البشير منتصراً .. التف حوله شعبه وتنظر إليه شعوب كثيرة في العالم بإعجاب كبير، وطاشت سهام الحاقدين والحانقين والأعداء بعد أن ارتدت الرماح إلى نحورهم، أرادوا أن يطعنوا السودان في قلبه ويقطعوا رأسه، ورماهم الله، فما الرمية التي رُميت إلا رميته، وما المكر إلا مكره وهو خير الماكرين.


تعليق واحد