فدوى موسى

التقاء البحر بالبحر


الثلاثاء, 16 يونيو 2015 10:37 أعمدة الكتاب – سياج – فدوى موسى إرسال إلى صديق طباعة PDF
الكون يزداد في امتداده واتساعه وتبدو ظواهره في استمرار وتكرار.. والمجال من الحول يضيق حتى يكاد يطبق على الأنفاس، لا جديد في الأفق يلوح كما أن القديم يتآكل كما نخرته موجات الإندفاع مداً وجذراً.. بحور الناس تزداد فيوضاتها بلاموسمية وخريفك يكاد يجدب المياه من مجاريها.. منابع التكوين تزداد اتراعاً ورياً وجدبك ما بعد التقاء البحر بالبحر والموج بالموج يتراجع احتمال تفادي أثره القاسي عندما تتبخر منه كل هذه الكميات المهولة من البخارات الحارة بعد التهابها و احتقانها وتورماتها على السطح والتضاريس.. الناس يعينهم أن هناك مشكلة وجفاف وأنت تنظر لاتساع مساحات البحر بلا مبالاة ولا عناية.. البحر بالبحر التقاءً بلا موعد، والتعرض للبحر يفقدك ماء الحياة التي تروي ظمأ الأيام دقائق وثواني.. تعال الآن بلا محاذير وادفع بطهر مائك إلى الصحاري، واعمر جدبها، فربما كانت قدرتها طاغية على عوامل الجفاف.. عندها ما أجمل التقاء البحر بالبحر.

الماء موصول!:الحنفية.. المأسورة.. وخرير الصوت إلى القلل.. مبعث الحياة.. فمن الماء كل شيء حي.. الأهواء تضرب سطح القلل وتبرد جوفها والظمأ يحيط بالمكان الجاف.. (الحاجة عائشة) تتمتم عليها الامتلاء ثم تصلي صبحها وترقد في راحة أبدية ما بين هذا الماء وجدب الحياة.. هكذا كانت النهاية ومازال صوت الماء باقياً… فهو الموصول من جيل لجيل.. نعمة للإله لا ينكر فضلها أحد ولا يمكن أن يتكبر عليها أحد.. قطوعات المياه في الأيام الفائتة أضاف لكاهل البعض ألماً شديداً.. ففي ساعات ليلهم انتقصت مساحات النوم والراحة، وفي نهارهم أضافت عبء كيفية إدارتها كمورد مقطوع أو قليل الوجود.. يا هؤلاء كيف لا تستطيعون أن تجعلوا الماء متواصلاً وأرضكم ماء.. بحركم ماء.. ونهركم ماء.. ماء.. ماء متواصلاً.. مستدام.. وفي رواية أخرى (تنمية مستدامة).

النسوة والماء!:الروابط ما بين النساء وتفاصيل التعاطي مع محاور اليوميات في البيوت تجعلهن الأكثر تحسساً لوجود وغياب هذا الماء.. وعندما خرجن محتجات كن يرين أن الرجال أقل اهتماماً منهن بهذه القطوعات، واتفقن على أن يخرج الرجال (متسخين) حتى يعرفوا أهمية تعبهن في حصاد تلك المياه المتوفرة بالبيوت تحت شعار (خليهو يطلع وسخان) فهن يعتقدن أن الرجال يمارسون معظم طقوس حياتهم خارج المنازل في مواقع العمل والمواقع السرية الأخرى.. لا علينا المهم أن هناك شقاءً وتعباً في تحصيل بعض هذا الماء، خاصة من قبل النساء، فهؤلاء النسوة يتعبن لأجل راحة هؤلاء الأفذاذ الذين ينادين بخروجهم متسخين.

آخر الكلام: يا بحر فائض.. ياموية عذبة.. يا الدميرة.. رأفة بالحال وتقديراً للأحوال.. أكثر ما أعجب النسوة وهن يحتججن على قطوعات الماء بمكان ما في الخرطوم، أن المهندس المسؤول من ذلك يسمى (بحر).. أها يا بحر.. مدد يا مهندس

مع محبتي للجميع