تحقيقات وتقارير

مواقف “الإمام” رسالة المهدي للاتحاد الأفريقي بالتحذير من اعتقال البشير.. تمهيد للرجوع للبلاد أم موقف وطني يسجل لزعيم الأمة


الرسالة التي بعث بها الإمام الصادق المهدي أمس الأول (الأحد) للاتحاد الأفريقي ودولة جنوب أفريقيا يحذّر فيها من خطوة اعتقال الرئيس عمر البشير، وتسليمه إلى المحكمة الجنائية، وفق محاولات محكمة أفريقية هناك أثارت جدلا كبيرا في الساحة السياسية داخل وخارج البلاد، ففي الوقت الذي يعارض فيه المهدي البشير والحكومة بشدة، وقد كلفه ذلك الاعتقال والخروج من السودان، يظهر الإمام مجددا ليحذر من اعتقال الرئيس، ولكن المهدي رغم موقفه المعلن والذي وصل إلى الاتفاق مع حاملي السلاح في موقف كان يرفضه في السابق، يوضح – وفق رسالته للاتحاد الأفريقي – أن هناك حاجة لمواءمة العدالة الجزائية والعدالة الإصلاحية وعدم التضحية بالاستقرار في المستقبل، وذكر المهدي في رسالته التي عنونها بصفته آخر رئيس وزراء منتخب في السودان أن “المخرج السياسي في المادة 16 من ميثاق روما، والمتعلق بتعليق قرار الجنائية في حال صادق الرئيس البشير على اتفاقية للسلام الشامل العادل والتحول الديمقراطي الحقيقي بإشراف الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن”.

الرسالة قرأ من خلالها البعض أن الصادق المهدي الذي يخطط للعودة إلى السودان في يوليو المقبل، يمهد عبر الرسالة لهذه العودة، وأنه لا يريد أن يكون معزولا عن الرأي العام الغالب والذي يرفض اعتقال البشير، واصفين الصادق المهدي بأنه يريد أن “يركب الموجة”.

في المقابل يرى خالد محمد علي مساعد رئيس تحرير صحيفة الأسبوع المصرية أن رسالة الصادق المهدي تعكس شخصيته. وقال علي لـ(اليوم التالي) إن الصادق المهدي شخصية تختلف عن كل قادة العمل السياسي في السودان، ودائما تغلب عليه المصالح الوطنية على المصالح الضيقة، مضيفا أنه يمتاز بذلك على مر تاريخه، بالإضافة إلى أنه مفكر ويغلب صوت العقل والمنطق، متوقعا أن تكون هذه الرسالة بداية خلافات كبيرة بين المهدي وبين المعارضة المسلحة التي وقع معها أكثر من اتفاق في إعلان باريس ونداء السودان، وتابع: يتضح ذلك جليا من موقف زعماء الحركات المسلحة وترحيبهم باعتقال البشير، مؤكدا أن همهم الأساسي هو اعتقال الرئيس حتى ولو أدى ذلك إلى الفوضى، رغم أن ذلك ضد المضمون الاجتماعي السوداني، وزاد: السودانيون لا يفضلون محاكمات خارج بلادهم ويعتبرونها مهانة، لافتا إلى أن رسالة المهدي ليس لها أي علاقة برجوعه، وإنما هي موقف تاريخي أراد أن يسجله المهدي للسودان وللعالم، ويرى أن المهدي بذلك أثبت حرصه على وحدة السودان ورؤيته الاستراتيجية العميقة بأن القبض على البشير سيؤدي إلى الفوضى، وقال: رأينا هذا السيناريو بعد مقتل جون قرنق، فغياب قرنق أثر على أتباعه وكاد يتحول السودان إلى محرقة في لحظة، وهذا لمجرد غياب زعيم، مضيفا أن غياب البشير سيكون الأسوأ وسيتحول السودان إلى فوضى عارمة.

تجسير الفجوة

الدكتور أيمن شبانه أستاذ العلوم السياسية بمعهد البحوث الأفريقية في جامعة القاهرة أكد أن رسالة الصادق المهدي تصب في صالح تجسير الفجوة بينه وبين الرئيس البشير. وقال شبانه لـ(اليوم التالي) إن هذه الرسالة من شأنها تقريب الهوة بين الطرفين، ومن المفروض أن نبني عليها حتى يعود المهدي للسودان، مضيفا: الصادق المهدي رقم مهم في الحياة السياسية بالسودان وما قام به خطوة مهمة، وفيها تراجع عن مواقفه الأخيرة، فموقف الصادق كان مختلفا وكان ينادي بمثول البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية ليثبت براءته، وقال إن الصادق يحاول أن يلطف الأجواء بتبني موقف جديد من أجل تجسير الفجوة، خصوصا وأن البشير أصبح رئيسا منتخبا، ولابد أن يتعامل معه.

“شايت ضفاري”

من جهتها شنت مجموعات متباينة التوجهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي هجوما حادا على المهدي بسبب هذه الرسالة، واعتبرت الإمام متراجعا عن مواقفه كما يفعل دائما، وكتب أحدهم معلقا على الرسالة قائلا: “كالعادة الشيخ الصادق المهدي شايت ضفاري”. ويخالفه آخر قائلا: “هذا هو الصادق المهدي؛ لقد قالها مراراً وتكراراً لابد من حل سياسي سلس للخروج من مخلفات الإنقاذ الخطيرة التي أصبحت تهدد ما تبقى من الوطن والوصول للحل الشامل عبر التحول الديمقراطي بمشاركة الجميع والحفاظ على مركزية السلطة، وبسط الأمن الشامل والدفع في اتجاه محاربة الفساد وذلك يتطلب وجود الإنقاذ لاستخراج الترياق من سم الأفعى، وكلنا يعلم أن هناك بوادر تحول من داخل الإنقاذ تمثلت في إبعاد سياسة التمكين الجبهجية ومحاولة محاربة الفساد وترتيب البيت الإنقاذي على أساس جديد يسمح بإمكانية الحل الشامل، ليس هذا هو الوقت المناسب لذهاب البشير فكلنا لا نريد أن نرى انعكاسات أمنية خطيرة تهدد ما تبقى من الأمن النسبي الذي ننعم به، لا نريد عدالة جزئية فقط بل حلا شاملا سيساعد في تحقيق هذه العدالة لاحقاً”..

لست ضد الجنائية

حاولنا أن نستفسر أكثر من الإمام الصادق المهدي عن فحوى رسالته والمغزى منها وتعليقه على التناقض فيها وعلق لـ (اليوم التالي) عبر مكتبه بالقاهرة أن هذا هو موقفه من قبل ولم يتغير، وأنه لا غرابة من هذه الرسالة طالما أنها موقف الإمام سلفا. وكان المهدي قد أشار في حوار له قبل أيام مع (اليوم التالي) بالقول: “أنا لست ضد المحكمة الجنائية الدولية، أنا أقول نتعامل معها، لا نسلمها البشير، ويمكن أن نتعامل معها عن طريق مجلس الأمن

 

 

 

اليوم التالي


‫3 تعليقات

  1. هذه اشاعة نسبت للمهدى بعد عودة البشير الى الخرطوم
    وتلك تغطية للمحاولات الفاشلة والمامرات السالبة التى قام بها المهدى والمعارضة من حث القوى الاجنبية والول الغربية من مطالبة جنوب افريقيا بالالتزام بتسليم البشير للجنايات الولية بغية الخلاص منه ومن سلطته
    كما ان المهدى بالذات والمعارضة هم الذين طلبوا من قبل سفر الرئيس الى جنوب افريقيا من المعارضة الجنوبية بالتعاون مع المعارضة السودانية برفعمذكرة توقيف الى المحكمة فى جنوب افريقيا باعتقال البشير وتسليمه للجنايات
    هذا الكلام ليس من نسج الخيال او الاعتقاد بل حقيقى قد افادنى به بعض من العائلة المنسوبون الى تيار المعارضة واخبرونى بموضوع المذكرة من قبل تسعة ايام

  2. ليس في الأمر عجب ….. أن المواقف الصحيحة تمليها رجاحة العقل بصرف النظر إن كانت ترضي هذا أو ذاك
    أما الرعاع والغوغاء فإن مواقفهم وراءاها العاطفة والطيش ….. ولا يهم إن كانوا ناشطين سياسيين كما يزعمون أم لا

  3. هكذا دائما الامام، وطنيا لايشك في وطنيته إلا ذي قلب مريض! وقد اثبت ذلك في غير مناسبة، ولا يتعارض ولايتقاطع ذلك مع مبادئه لمن تابعها بعقل، ان الامام ذو فكرثاقب منذ ان منع انصاره وحزبه من الخروج ضد الانقلاب على الشرعية، مخابة ان تحصل فوضى ومجازر! وهو لم يهادن لمصلحة شخصية ولو ارادها لوجد الحفاوة بعد تصريحات بارزين في الحزب الحاكم من حوجة لتمثيل هكذا ادوار، فقط قصار النظر من يحلو لهم تحليل مواقفه تبعا يريدون هم منه، الكبير كبير! جعله الله ذخرا للامة.