تحقيقات وتقارير

بورصة سياسية: مسارات “صعود” و”هبوط” الطائرة الرئاسية في المحافل الاقتصادية والأسواق الموازية


في غمرة انشغال المواطنين بالتجهيزات الرمضانية واستقبال الشهر الكريم، وبينما تستعد أسواق الخرطوم لاستقبال زوارها لقضاء وشراء مستلزماتهم الرمضانية ضجت المواقع الأسفيرية ظهيرة أمس الأول بخبر أوردته هيئة الإذاعة البريطانية يفيد بأن محكمة في جنوب أفريقيا أمرت بمنع الرئيس السوداني عمر البشير من مغادرة دولة جنوب أفريقيا مؤقتا – بعد أن وصل إليها للمشاركة في القمة الأفريقية – لحين النظر في تنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، ودعت سلطات جنوب أفريقيا إلى اعتقاله.

الرئيس وصل من الخرطوم إلى جوهانسبيرج التي انعقدت القمة الأفريقية فيها واختتمت أعمالها يوم أمس.

الخبر الذي شغل الأذهان بالتفكير حول مآلات ما يحدث رغم كل التبريرات الصادرة من حكومة جنوب أفريقيا والسلطات السودانية فقد قيمته بعد أن اعتلى الرئيس البشير طائرته متوجها إلى الخرطوم عقب انتهاء القمة، وما بين أمس الأول والأمس كانت الأسواق الموازية للعملات تعيش القصة وتتابعها أولا بأول فهو من الأخبار السياسية ذات الصلة بالوضع الاقتصادي، لذا ليس ثمة غرابة في أن تتصاعد أسعار الدولار بالسوق الموازي لتصل إلى 7070 جنيها أمس الأول حينما تداول تجاره القصة بشيء من الروايات المختلفة مع إضافة بعض المزايدات عليها..

غير أن الارتفاع في أسعار الدولار في مثل هذه الأوقات لا يبدو شيئا غريبا لجهة الارتفاع الكبير في الإقبال عليه من قبل المستوردين الذين يستوردون احتياجات الشهر الكريم والأعياد المقبلة، علاوة على تزايد عدد المسافرين الذين يقضون إجازاتهم الصيفية بالخارج لذا فإن الارتفاع بدا طفيفا حيث تراوح سعر الدولار قبل أمس الأول ما بين 9.60 -9.65 جنيها وبذات سرعة ارتفاع الدولار عندما شاع الخبر بدأ بالانخفاض عندما تأكدت عودة الرئيس البشير إلى الخرطوم ليصل إلى 9.50 جنيها إلا أن الهبوط صاحبته هذه المرة حالة من الخوف والترقب والضبابية والإحجام عن عمليات التداول من حيث بيع أو شراء العملات بالأسواق غير الرسمية.

وخلافا لما عاشته أسواق العملة من صعود وهبوط في الأسعار لم يبد على أسواق السلع الغذائية والأدوات المنزلية التأثر بالحدث ولم يشغل المواطنون الراغبون في قضاء التزاماتهم الأسرية قبل دخول الشهر الكريم تفكيرهم بما تضج به الأسافير والوكالات العالمية، فبدت القوى الشرائية بحسب متابعات (اليوم التالي) تسير بصورة عادية دون تأثر وقال عدد من التجار العاملين في أسواق المواد الغذائية إن الحركة الشرائية تسير بصورة عادية وإن الأسواق كان يسودها الركود طيلة الأيام الماضية، ولم تبدأ بالتحرك فترة قليلة بسبب قدوم شهر رمضان الكريم وأكدوا في الوقت ذاته عدم تأثر القوى الشرائية بالأخبار الواردة من جوهانسبيرغ.

ومقابل الاقتصاد الشعبي لم تتغير الأوضاع في الاقتصاد الرسمي فمارست الوزارات الاقتصادية مهامها بصورة طبيعية لدرجة تصل إلى إقامة الاحتفالات، فها هو وزير النفط د. محمد زايد يقيم احتفالا لتكريم ووداع سلفه مكاوي محمد عوض في دار النفط. الأخير في حفل وداعه تناسى ما حدث ليلة أمس الأول ولم يعره انتباها وهو يبشر بمستقبل النفط السوداني من خلال الدراسات التي أجريت وتجرى الآن في مجال النفط معربا عن أمله في تطور الشركات السودانية الوطنية ولم يغفل مكاوي عن منصبه الجديد وهو يعد برفع علم السودان في سماء دول العالم عبر الناقلات الوطنية السودانية من الطيران السوداني.

وعلى ذات الصعيد يتولى د. عبدالرحمن ضرار وزير الدولة بالمالية منصب وزير المالية بالإنابة بعد أن سافر وزير المالية بدر الدين محمود إلى موزمبيق لحضور اجتماعات البنك الإسلامي للتنمية والتي اختتمت أعمالها أمس الأول وتوجه بعدها إلى دولة الإمارات، ويمارس ضرار مهامه الوزارية دون الالتفات إلى ما حدث في جنوب أفريقيا فها هو يؤكد على استمرار التعاون الاقتصادي بين وزارته ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية والتطلع لمزيد من تطوير العلاقات بين الجانبين دون النظر إلى الإرهاصات التي شاعت مساء أمس الأول.. ضرار الذي خاطب يوم أمس ورشة العمل التدريبية التي نظمتها وزارته بالتعاون مع للبنك الدولي حول فن القيادة واستراتيجيات التخطيط بفندق برددايس، جدد اهتمام وزارته بتعزيز قدرات قادة العمل المالي والاقتصادي استجابة لمتطلبات المرحلة الجديدة التي تمر بها البلاد في تاريخها السياسي والاقتصادي والتي تستهدف استكمال الإصلاح والنهضة، وفي ذات الوقت يرهن ضرار الإصلاح بصلاح القيادة بوصفها رأس الرمح في تنفيذ العملية الإصلاحية ويبدي رغبته في المزيد من التطور في علاقات التعاون مع البنك الدولي، وعلى ذات الصعيد يحرص على علاقته مع دولة الصين الشريك الأعظم في عمليات التنمية الاقتصادية عند لقاءه بالمستجار الاقتصادي والتجاري للسفارة الصينية بالخرطوم ويبحث معه سير العمل في المشروعات التنموية التي تنفذها الشركات الصينية بالسودان وسط تعهداته بتذليل كافة الصعاب التي تواجهها

 

 

اليوم التالي