عمر الشريف

يوم الرماد


الرماد هو المادة المتبقية من إحتراق مادة عضوية بالكامل . كان يعتبر بأن ذر الرماد على الرأس من علامات الحزن الشديد والندم والتذلل . ذكر الله سبحانه وتعالى الرماد فى سورة ابراهيم الاية (18) بقوله تعالى : ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾ وفسر العلماء أعمال الكفار والمنافقين من صلة أو صدقة وأعمال خير بأنها أعمال باطلة ولا ينتفعون بها وشبهها بالرماد الذى لا فائدة منه وتذهب هذه الاعمال هباءا منثورا .

عرف عن بعض السودانين فى أخر يوم من شهر شعبان يقومون بأعمال تنافى الدين والاخلاق والتربية وهم يستقبلون شهر رمضان المبارك ويسمون هذا اليوم بيوم خم الرماد او يوم الرماد وفعلا هو رماد لهم . بعضهم يشرب المسكرات او يفعل المحرمات والمنكرات والبعض الأخر يعتبرها ترفيه بالاختلاط . الشهور التى يكثر فيها العمل الصالح لا تستقبل بهذه الطريقة وبهذه البدع والنكرات وإنما بالذكر والخشية والخوف من الله والدعاء بأن يغفر الله لهم ويعينهم على فعل الطاعات وترك المنكرات والمعاصى . هذه الشهور والايام الفاضلة التى يتضاعف فيها الاجر والثواب فى أشد الحوجة لها فى هذا الزمن وهى شهور مغفرة ورحمة وعتق من النيران حريا بنا أن نهتم بها ونجتهد فيها بالعبادة والطاعات والتقرب الى الله بالاعمال الصالحة .

الحمدلله لقد تعلم الكثيرون وعرفوا الحق وتركوا العفوية والمجاملة فى العادات السيئة و هناك بعضهم ما زال يحتاج للإرشاد والتنبيه والتوضيح حتى لا يقع فى المنكرات . إذا سألنا أحدهم لماذا تحتفل بهذا اليوم ؟؟ ولماذا تصوم وأنت تستقبل هذا الشهر بالمحرمات و المنكرات التى بعضها لا تقبل فيه صلاتك ؟ . يقول لك بأن هذا آخر يوم وفى هذا الشهر أتوب الى الله وإن الله غفور رحيم . نعم أن الله غفور رحيم وعالم بما فى الصدور ويعلم بأن عملك هذا محرم وباطل وأنت تقدم عليه ، أفرض لو قبض الله روحك وأنت فى هذه الحالة وغدا رمضان ، كيف تلقى ربك وأنت تعصيه .

إخواتى وأخواتى الكرام لنتقى الله فى انفسنا ولنعلم جميعنا أن الله خلقنا للعبادة ولا يريد منا شىء ونحن الذين نحتاج لكرم الله ورحمته وعفوه قال تعالى : ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60) – الزاريات .

لنتمعن تلك الآيات بقلب خاشع وخائف من عقاب الله ويرجو رحمته وعين مبصره خاشعة تدمع لحب الله وخوفا منه ونعلم بأن عبادتنا وطاعتنا لله لننال ثوابه ورحمته ونعلم بأن عقاب الله شديد . ونترك تلك البدع والخرافات والعادات السيئة التى تؤدى بنا للهلاك فى الدنيا والآخرة وحتى لا تنطبق علينا هذه الآية ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾ الكهف . ونصوم ونصلى ونفعل الخير فى هذا الشهر ثم نعود للمنكرات ونستقبل تلك الايام والشهور المباركة بالاعمال الخاسرة . غفر الله لنا ولكم ولوالدينا وأبارك لكم هذا الشهر الكريم و بلغنا الله وإياكم شهر رمضان ونسال الله الكريم أن يعيننا على الصيام والقيام فيه ويجعلنا وأياكم من المقبولين والفائزين برضاه وجنته .