جمال علي حسن

الصحة.. إذا اختلف المسؤولان ظهر المغشوش


تصريحات وزيرة الدولة الجديدة بوزارة الصحة دكتورة سمية أكد والتي قالت فيها إن (80%) من الدواء المستخدم في المؤسسات الصحية (مغشوش) ومن مصادر مهربة، في سياق اتهامها لهيئة الإمدادات الطبية بالعمل بمفردها في السابق في ضبط الدواء وعدم خضوع أدويتها لمجلس الأدوية ليقرر دخولها السودان.. وعلى ما يبدو لنا أن هذه المعلومات الصحية المروعة التي أدلت بها هذه الوزيرة الشابة في سياق مداولات البرلمان على المرسوم الجمهوري المؤقت بشأن قانون الصندوق القومي للإمدادات الطبية، ما كان للمواطن أن يعرفها ويسمع من الوزيرة أو من غيرها من مسؤولي الصحة مثل هذه المعلومات الخطيرة لولا ضرورات تمرير قانون الصندوق القومي للإمدادات الطبية في المجلس الوطني والذي صادق عليه البرلمان يوم الاثنين بأغلبية.
يعني تخيلوا أن تكون وزارة الصحة على علم بأن ثمانين بالمائة من الدواء مغشوش ولا تكشف عن مثل تلك المعلومات إلا في سياق تمرير قانونها الجديد.
اتهامات بهذه الخطورة لا يجب أن تمر مرور الكرام ، فالإمدادات الطبية مؤسسة صحية عريقة ظلت تتولى أمر توفير الدواء لعقود من الزمان، فهل تريد وزارة الصحة أن تطلق مثل هذا الاتهام دون أن تشرح لنا ماذا كانت قد فعلت لحماية المواطن؟.. هل اكتفت بسحب السلطات من تلك الهيئة فقط أم اتخذت إجراءات إدارية وقانونية حول حق المواطن المتضرر من هذا الدواء المغشوش.. هل تريد الوزيرة أو الوزارة أن تغلق ملفا بهذه الحساسية والخطورة بكل تلك السهولة على طريقة (الفات مات).. و(المات) من المواطنين بسبب تعاطيه دواء مغشوش (مات) وانتهى؟..!
لا.. لا يجب الصمت وتمرير هذا الأمر إطلاقاً، لا يجب التعامل بنظرية (فتح صفحة جديدة) دون أن نعرف ما هو حساب الصفحة القديمة.. فإذا كانت الوزيرة قد تألقت إعلامياً بتلك التصريحات (البطولية) فعليها أن تثبت لنا سلامة موقف الوزارة حيال هذه الجريمة.. فهذا النوع من التصريحات له ثمن يجب أن تتحمله الوزارة كاملاً، أما إذا لم تكن تلك الاتهامات لهيئة الإمدادات الطبية دقيقة وصحيحة فعليهم أن يتمسكوا بتبرئة أنفسهم وتبرئة هيئة قومية كبيرة كانت تتولى أمر الدواء حصرياً..
لاشك الآن في أهمية القانون الجديد لتقديم خدمة دوائية مأمونة ومستقرة لكن معظم الجدل الذي كان يدور في الصحافة قبل إجازة هذا القانون كان يتركز حول آثار وجدوى تحويل الهيئة إلى صندوق لكن حين تعلن وزيرة الدولة عن أرقام رسمية لنسبة من الأدوية المغشوشة ظللنا نتناولها بكل اطمئنان فتلك جريمة.