تحقيقات وتقارير

القضارف..تجار في السجون بأمر البلدية..!!


وسط دهشة واستغراب الحضور من المواطنين والتجار المتجمهرين بمحكمة القضارف الخاصة خرج قاضي المحكمة وهو يشهر “مسدسه” في يده، بعض من المواطنين تحسسوا قلوبهم، فيما ظل آخرين مشدوهين وقد حبسوا أنفاسهم، قاضي المحكمة يحمل “مسدسه” في يده، لم يلق بالسلام والتحية على جموع المواطنين بالخارج، دلف على الفور تجاه سيارته، ثم تحرك على عجل، وبالمقابل داخل “حراسات” المحكمة، كان التجار، وأبنائهم مما صدرت بحقهم أحكاماً متفاوتة بالسجن لمدة “شهرين” لبعضهم، والسجن لمدة شهر لآخرين، كانوا يتصببون عرقاً، فالحراسة التي لا تتجاوز مساحتها “العشرين” متر مربع تكتظ بالعشرات من المتهمين في جرائم تعاطي المخدرات والخمور والإتجار فيها، وجرائم أخرى، تجار “الأواني المنزلية” من صدرت بحقهم أحكام السجن جلهم كان من الشباب الذين احتفظوا بشهاداتهم الأكاديمية بمنازلهم، وآثروا الحصول على لقمة عيش شريف، من خلال العمل “بالتجارة”، وبعضهم كانوا من الطلاب الذين فضلوا العمل ليعينهم على الدراسة ونوائب الدهر، التجار نددوا بالأحكام التي صدرت في مواجهة زملائهم، وعبروا عن أسفهم لما وصفوها بالمعاملة غير “اللائقة” لزملائهم تجار “الأواني المنزلية “، وقالوا إنهم ظلوا يلتزمون بكافة واجباتهم، وفروضهم الوطنية، من ضرائب وزكاة، ومساهمات في أمر التنمية، وعدوا ماحدث بأنه لم يتم فيه وضع الاعتبار لهم، ومساهماتهم، ومواقفهم الوطنية.
تفاصيل ماحدث
يقول التاجر عماد عثمان المك عضو اتحاد تجار التجزئة بالقضارف : (زملاؤنا الذين صدرت أحكاماً بالسجن بحقهم، هم أصحاب دكاكين لبيع الأواني المنزلية بسوق القضارف العمومي، وهم مكملين كافة ماعليهم من التزامات، من رخصة تجارية، وضرائب، ورسوم نفايات، وزكاة، وغيرها) وتابع: (حضر إلينا موظف المحلية يوم (السبت) الماضي، وقال: إن هؤلاء قد تجاوزوا مساحة برنداتهم للشارع، وقام بتدوين بلاغات في مواجهتهم بشرطة القسم الأوسط، وتم إيداعهم بالحراسات، فقمنا بإخراجهم من الحراسات بالضمانة العادية، والآن تمت محاكمتهم، بموجب مخالفتهم لأمر محلي صادر عن بلدية القضارف)، بينما قال موظف بالبلدية: “إن التجار قدمنا لهم إنذارات من قبل ولم يستجيبوا”، فيما نفى تجار في حديثهم للصحيفة تسلمهم إنذارات من البلدية.

أمر محلي لسنة (2006)

أحكام السجن التي صدرت في مواجهة التجار أثارت الكثير من الجدل واللغط في أوساطهم، ويقول الأستاذ معتز الطيب أبوروف محامي التجار : “إن التجار تمت محاكمتهم بموجب الأمر المحلي لبلدية القضارف لسنة (2006)، المادة (3)، المتعلقة بإدارة الأنشطة التجارية، المؤقتة والمتنقلة والهامشية بالسوق العمومي، حيث تقول المادة: ( يمنع منعاً باتاً التجارة عن طريق فرش في الطرقات، أو البرندات، أو عن طريق الباعة المتجولين، وكل من يخالف يواجه بغرامة (50) مكتوبة “ديناراً” وربما قصدوا الجنيه، أو السجن لمدة شهر، أو الغرامة (100) دينار أو السجن لمدة شهرين).
إلغاء الأمر
وبحسب الأمر المحلي الصادر عن مجلس بلدية القضارف لسنة (2015) في جلسته رقم (25) بتاريخ العاشر من ديسمبر (2014)، تحصلت (التيار) على نسخه منه، فقد سمي الأمر الجديد بأمر محلي لاعتماد مالي المصروفات والإيرادات بالبلدية لسنة (2015)، وينص الأمر المحلي الجديد بأنه: (يلغي بموجب هذا الأمر أي أمر محلي صادر في هذا الخصوص ) ويبدأ العمل به من أول يناير 2015 .
ويشير الجدول رقم (22) المتعلق بالغرامات بموجب الأمر المحلي لبلدية القضارف وفقاً للاعتماد المالي للبلدية للإيرادات والمصروفات، فإن غرامة “عرض الأواني المنزلية / الأدوات الكهربائية / البراميل” تبلغ (170) جنيهاً.

تجار في السجون
وأودعت السلطات تجار الأواني المنزلية السجن بأحكام متفاوتة تتراوح بين (شهر، وشهرين)، بموجب الأمر المحلي الصادر عن بلدية القضارف، وقد التقت (التيار) بالشباب المحكومين وهم داخل “الحراسات”، وجميعهم من الشباب، وقد كانوا في أوضاع عصيبة داخل “الحراسات”، بسبب انعدام التهوية بداخلها، وحرارة الطقس، وضيق المكان، وإزدحامه بالمحكومين، والمنتظرين من المتهمين، وقد أودعوا في الحراسات جنباً إلى جنب مع معتادي الإجرام، ومتهمي جرائم المخدرات والإتجار بها، والخمور، وغيرها من الجرائم، ودونت سلطات البلدية بلاغات في مواجهة (تسعة) من التجار، تم الحكم على (ستة) منهم، بينما تم تأجيل محكمة الثلاثة المتبقين للنظر في وقت آخر، وتشير (التيار) إلى أن المحكومين هم: هيثم دفع الله محمد (شهرين)، مصطفى شاع الدين (شهرين)، عبدالحليم بدوي (شهرً)، ربيع عادل عبدالفتاح (شهر)، علي عطا علي (شهر)، موسى مختار (شهر).
إضراب عن العمل
وفور صدور أحكام السجن في مواجهة التجار ببلدية القضارف، دخل تجار الأواني المنزلية، ورصفائهم من التجار في إضراب عن العمل، وأغلقوا محالهم التجارية احتجاجاً على السجن في مواجهة زملائهم، واستنكر التجار خروج القاضي من المحكمة بعد إصدار الحكم، وهو يحمل “مسدسه” في يده. وقال تاجر فضَّل حجب اسمه : ” دخلنا في إضراب لأن القاضي خرج وهو يحمل “مسدسه” في يده ” وأردف : “لحماية أنفسنا أغلقنا محلاتنا التجارية “.
غياب في الواجب وحضور في الجباية
وعدّ التجار دور البلدية في تنظيم ونظافة السوق وتقديم الخدمات به بأنه غائباً تماماً إلا في تحصيل الرسوم، وقالوا في حديثهم للصحيفة : (البلدية تتكاسل في أداء مهامها، ودورها المطلوب، وتفشل فيه، بينما تنشط فقط في تحصيل الرسوم). وذكروا بأن البلدية تتعامل بازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين، حيث تمنع التجار المستوفين لكافة شروط العمل، والملتزمين بسداد ضرائبهم ورسومهم، بينما تقوم في ذات الوقت بإصدار تصاديق مؤقتة للباعة الفريشين للبيع في الطرقات في مواسم معينة، وقال مراقبون (للتيار) : ” إن سلطات بلدية القضارف فشلت في إدارة وتنظيم السوق العمومي، وذلك من واقع تراكم الأوساخ وانعدام النظافة بالسوق العمومي، والتصديقات العشوائية بالسوق والتي تتحصل بموجبها البلدية رسوم من التصديق، ونبه مراقبون بالقضارف إلى أن الأكشاك المؤقتة، و “الرواكيب” المبنية من القش والمواد المحلية والجوالات بموجب التصاديق المؤقته من البلدية تعكس صورة شائهة بالسوق العمومي لحاضرة الولاية، ونوَّه المراقبون لسوء الصرف الصحي بالسوق، وتراكم المياه الراكدة بالمجاري وبصفة خاصة منطقة السكة حديد، ووصفوا عملية التنظيم بأنها غائبة تماماً بسوق القضارف، ورأوا بأن إدارة البلدية هي التي خلقت الازدحام بمنطقة وسط السوق، لفشلها في تنظيم العربات، واهتمامها بالتصاديق المؤقتة لتحصيل الرسوم، فيما دعا مواطنون سلطات البلدية لعدم ملاحقة “الباعة الفريشين” والسماح لهم بمزاولة أعمالهم، وتنظيمهم، وبصفة خاصة في شهر “رمضان الكريم”.
استنجاد بالوالي
ولجأ التجار لوالي القضارف المهندس ميرغني صالح لعرض قضيتهم، وقال تاجر للصحيفة: “إنهم سيلتقون بالوالي اليوم لعرض مظلمتهم ” وذكر بأن سلطات البلدية قد ألغت القبض على آخرين مساء أمس بيد أنها أفرجت عنهم بعد التحري فقط، فيما طالب تجار بسوق القضارف بإعفاء المدير التنفيذي لبلدية القضارف (أزهري أحمد طه) وقالوا في حديثهم للصحيفة : ” المدير التنفيذي لبلدية القضارف كان مديراً لمشروع النفايات بالبلدية وفشل في مهمته بعد تعطل معظم أسطول النفايات، بيد أنه تمت ترقيته في عهد الوالي السابق والي سنار (الضو الماحي) وتم تعيينه مديراً تنفيذياً للبلدية !! ” ، ودعا التجار والي القضارف لإعفاء المدير التنفيذي، وأعربوا عن أملهم في تعيين معتمد جديد ينهض بالبلدية ويلبوا طموحات مواطنيها.
بارقة أمل
ويقول المهندس معتز أبوروف إنه سيلجأ لمحكمة الاستئناف لاستئناف قرار الحكم، ويرى بأن هناك فرصاً كبيرة لمراجعة الحكم في مرحلة الاستئاف بعد إيداع بينات جديدة تتمثل في الأمر المحلي الصادر عن بلدية القضارف لسنة (2015) والذي يلغي الأمر السابق الذي ينص على أحكام السجن والغرامة، وإلى حين الاستئناف فإن تجار القضارف داخل “السجن”.


صحيفة التيار


‫2 تعليقات

  1. شيل شيلتك مع ربك يا رئيس الحمهورية ويا والي القضا ف…والله راجيكم حساب عسير

  2. مساحة السوق لا تتعدي كيلو ونصف في كيلو ونصف ورغم ذلك تعجز الولاية عن تسوية شوارعه أو عمل بلاط ولما يجي الخروف يشهد الله تخجل انو دي في بلدك. اصحى يا والي القضارف واخجل من نفسك ومن مواطني الولاية وحلل ماهيتك