حوارات ولقاءات

القيادي بالشعبي أبوبكر عبد الرازق: النظام الخالف هو الحل لأزمات السودان


من منصة الدفاع القوية التي ظل يمارس بها مهنته وهو يرتدي روب المحاماة يترافع عن القضايا التي توكل إليه من موكليه للوقوف أمام منصة القضاء والعدالة ظل القيادي بالمؤتمر الشعبي الأستاذ أبوبكر عبدالرازق المحامي الضليع صاحب الأفكار الجريئة والآراء المثيرة للجدل لما عُرف عنه من صراحة متناهية يأتي عبد الرزاق بذات قوة للمرافعة عن رؤية حزبه وتخوفه عن مآلات الأوضاع السياسية بالبلاد، مشيراً إلى ضرورة التوافق الوطني والتوصل إلى صيغة حكم يرتضيه الجميع.. (السياسي) جلست إليه واضعة أمامه العديد من الأسئلة عن الراهن السياسي أجاب عليها بكل صراحة ووضوح:
=======
*ما هو موقفكم الآن كحزب من الذي يحدث في المشهد السياسي السوداني بعد الإنتخابات؟
-نحن موقفنا واضح وثابت ولم يتغير قبل أو بعد الإنتخابات عن ما هو حادث ويحدث الآن ونحن في واقع الأمر ندرك بأن أي حوار لابد أن تكون له أهداف ومقاصد ودوافع وأسباب ودخولنا كحزب للحوار دواعيه الأساسية وأسبابه أننا تخوفنا على البلاد ومصيرها من مآلات ما يحدث، وخوفنا من أن تتمزق وتصبح هباءً منثوراً، وهذه المخاوف لها شواهد من الواقع وهي أن الصراعات السياسية أفضت إلى فقدان الجنوب وذهاب 80% من الثروة ومن بعد ذلك إندلاع الحروبات والصراعات بسبب ترسيم الحدود حول أبيي وإستمرار القتال والحروبات رغم الإنفصال وذات الدواعي التي تطاولت بمقتضاها الحرب في الجنوب هي أسباب تطاول الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وهذا سبب لنا الخوف من أن تطالب تلك المناطق من بعد ذات الأجل بتقرير مصير وقد يؤدي الأمر بالزهد في السودان الواحد وهذه سبب أساسي لدعمنا للحوار الوطني بأسس واضحة.
*مقاطعة.. وأنتم كحزب كنتم شركاء فيما حدث قبل إنفصالكم عن المؤتمر الوطني وخاصة حرب دارفور؟
-أولاً.. هذا إتهام نظل نحن منه براءة إلى أن يثبت إدانتنا بالإسهام في نشوب حرب دارفور أو ما حدث من أحداث أخرى، فالوقائع التاريخية الآن بعد 15 سنة أثبتت أن الذي يقال في حق المؤتمر الشعبي تلقاء الحرب في دارفور وأنه المحرض لها هو محض كذب وإفتراء وهي كانت جزءاً من الدعاية السياسية لتحجيم المؤتمر الشعبي كإنتصار سياسي للحكومة.
*مقاطعاً.. لكن قيادات بعض الحركات المسلحة كانت من القيادات الإسلامية بالمؤتمر الشعبي خاصة دكتور خليل؟
-بالطبع لن تستطيع أن تنسب البشير الآن للمؤتمر الشعبي ولا علي عثمان ولا عوض الجاز ولا كل قيادات المؤتمر الوطني والذين كانوا كلهم في يوم من الأيام من أبناء المؤتمر الشعبي والحركة الإسلامية التاريخية بقيادة الأمين العام الدكتور الترابي ومثل ما خرج البشير وهؤلاء جميعاً خرج دكتور خليل إبراهيم مقاتلاً في مواجهة الحكومة ولم يعد -لا هو مؤتمر شعبي ولا هو مؤتمر وطني- لقد خرج بصفته الشخصية وإنتماءه لدارفور وخرج معه كثير من أبناء دارفور وإنضم إليهم أيضاً أبناء دارفور من الخارج وهذا لا يعني أننا دفعنا بهم لإشعال الحرب.. حتى أن هنالك أعضاء كانوا في المؤتمر الوطني وخرجوا بعد المفاصلة، إذاً التهمة باطلة وغير صحيحة بأننا من حرض ومن دفع بهؤلاء لحرب دارفور وإن كان جزءاً منهم ينتمي للشعبي وأيضاً هناك آخرون من أحزاب أخرى، فدارفور أقوى من الحزب ومن الفكرة، فالقبلية فيها متجزرة ولن تستطيع أن تحتكم بنداء الحزب أو حتى الدين فإن شققت صف القبيلة سيتم عزلك عزلاً تاماً من المعادلة الإجتماعية داخل القبيلة.
*إذاً وسط كل هذه التداعيات السياسية ومخاوفكم في الحزب لم تحركوا ساكناً وكنتم في حالة صمت سياسي؟
-نحن لم نصمت وتحدثنا كثيراً وقدمنا حلولاً من ضمنها ورقة في إطار مراجعاتنا السياسية من الوقائع في الساحة السودانية قدمناها في 2012م وسمينها محتملات التغيير.. وهذه المحتملات إستشرحنا فيها أن محاولة الحركات المسلحة إلى دخول الخرطوم عنوة سيؤدي إلى نشوب حرب أهلية مابين الحركات المسلحة نفسها ومابين الحكومة وإلى حرب أهلية مابين الذين ينتمون إلى دارفور والذين ينتمون إلى الغرب وكذلك الرشق والشمال بحكم طغيان النزعة القبلية والجهوية بالتالي سيكون السودان أثر بعد عين وسيكون أسوأ مما تمزقت باكستان أو الصومال أو أو ليبيا اليمن الآن.. ومن المحتملات أيضاً رفضت الإنقلاب العسكري كخيار للحل ولأن سنة التاريخ قدمت لنا درساً عن العسكر ولهذا نحن كفرنا تماماً بخيار الإنقلاب العسكري وناقشنا أيضاً الثورة الشعبية غير المرتبة والمنسقة مابين أحزاب الداخل معارضة الخارج وغير المتحكم في مآلاتها وإجتهدنا أن نوفق بين كل هؤلاء وأن نصيغ عقداً إجتماعياً حتى لا تفجعنا الثورة الشعبية وترتبك الخطى ونضرب العشواء وقلنا نتفق على دستور مرحلة إنتقالية نتوافق عليه جميعاً من أجل الإستعداد لمفاجآت التحول الديمقراطي بعد الثورة الشعبية، لأن الثورة الشعبية إذا إندلعت من غير ترتيب تكون هنالك إستحقاقات لحملة السلاح وقد تتمزق البلد ولهذا الحل هو في العقد الإجتماعي الكامل والذي أعددناه ولكنه لم يجد قبولاً من القوى السياسية وفشلنا في أن نتفق بل أن الجبهة الثورية أتت بالفجر الجديد الذي يدعو إلى تمزيق السودان.
*هل قدمت هذا الورقة لكل قوى المعارضة؟
-نعم تم تقديمها ورفضوا التوقيع عليها على الرغم من إقرارهم بها وحتى الجبهة الثورية أرسلنا لها هذه الورقة لكنهم لم يعيروها أي إهتمام ولذلك أمضوا في خططهم ولذلك أصبح لا خيار لنا، فقلنا عسى أن يهتدي المؤتمر الوطني للرشد ويحدث حكومة إنتقالية ويقبل بالتحول الديمقراطي السلمي وهذا هو الطريق الآمن الذي لا توجد فيه مخافة ولكن أيضاً إستبعدنا هذا الخيار حينها لأن فتنة السلطان قد إستبدت بالمؤتمر الوطني وبقيادته وقلنا أيضاً إن الرئيس لن يوافق على حكومة إنتقالية إذا تم علاج المحكمة الجنائية الدولية لأنها تعقد أي خيارات له في التنحي فإستبعدنا هذا الخيار لذلك قدرنا أن خطاب الرئيس ودعوته للحوار هو الطريق الثالث الذي يمكن الوصول به للحل وقلنا لنستفيد من القرار فوافقنا بالحوار من أجل وحدة البلاد وإستقرارها ودخلنا الحوار ولكن ليس بأحلام وردية ولا بمثال معلق في السماء بل دخلنا ونحن نعرف المؤتمر الوطني تمامًا وتجاربه مع الآخرين ونعلم أنه عملية شاقة ومعقدة أكثر من القتال الذي يمكن أن ينتهي بطلقة أو معركة ولكن السلام عملية شاقة ونحن نقدر أن ينتهي الحوار قبل الإنتخابات التي جرت ولكن بتصرفات المؤتمر الوطني كان هذا التأخير الذي حدث بتكتيك منه وحتى الإجراءات التي تمت في الحوار نحن من كان لنا القدح المعلى فيها وليس المؤتمر الوطني بل قدمنا ورقة متكاملة بين يدي الجمعية العمومية للحوار الأولى (ورقة نظم الحوار).
*المؤتمر الشعبي وهو من أكثر المتفائلين بالحوار الوطني مؤخراً أبدى إنزعاجه للتأخير في إنجاز الحوار الوطني؟
-الإنزعاج الذي أبداه الأخ كمال عمر الأمين السياسي للحزب هو أمر مشروع، فكمال كان أكثر المتفائلين بالحوار ومافي قيادي بالشعبي وصل لدرجة التفاؤل التي وصل إليها كمال عمر، لكن المؤتمر الوطني جعل الأمر يتطاول إلى أن أنجز الإنتخابات ولذلك ما أبدى حماسًا ولهذا قلت إنه كان خياراً تكتيكياً لقيام الإنتخابات والآن أعتقد أن الأمر بيد الرئيس البشير الذي إختزل المؤتمر الوطني بوقائع الأحداث الجارية الآن وأنا لا أرى حماساً في الحكومة مثل ما الذي كان وأعتقد أن ظن الحكومة بدخولها في حلف الإعتدال العربي (عاصفة الحزم) قد خفف عليهم كثيراً من الضغط الخارجي وقد يظنون أن بيعهم لحركة الإخوان المسلمين ونفض يدهم عن التنظيم الدولي وتغافلوهم عن إدانات الإعدامات التي حكم بها الإخوان وهم الذين أوفوا لهم من قبل قد يخفف عليهم الضغط وقد يعولون أن هذا يحسن العلاقات مع الدول الغربية والولايات المتحدة ولو لوقت قصير ولكن لا يمكن كل هذا أن يتم بتجاوز الإزمات الداخلية وتجاهلها لأن المشاكل لا تأتي من الخارج، فالخارج وهذا تفكير ساذج فإذا أنت كنت في منطقة ضغط منخفضة فالرياح تأتيك من المناطق العالية.. وإذا أنت كنت توفر الزرائع للتدخل الأجنبي فسوف يتدخل.. أزماتنا ليست بفعل أمريكا ولا الربيع العربي ولا السعودية أزماتنا بفعل أيدينا فإذا تصالحت الحكومة مع شعبها سيتصالح معها من بالخارج، ولهذا نقول نحن نحتاج إلى مصالحة وطنية مابين الحكومة ومكونات شعبها السياسية والإجتماعية وإذا تمت المصالحة بالداخل فستجب كل التأثيرات الخارجية وإذا فشلت المصالحة بالداخل فتفشل كل المعالجات بالخارج ولهذا مر الحوار بطيئاً ونحن لا نرضى بذلك وأبدينا إنزعاجنا منه.
*إذاً برأيك ما هو المخرج للأزمة السياسية الراهنة؟
-أنا بالنسبة لي المؤتمر الوطني ليس لديه الكثير فلقد أصبح مجموعات وشليليات يرفضون الحوار لأن ما يأتي بعده هو مناخ حريات وديمقراطية وهذا يضيع عليهم مصالحهم ونحن نعول كثيراً على الرئيس البشير الذي أصبح بيده كل شيء وأمامه فرصة تاريخية لإتخاذ قرار لصالح الوطن وأن يدخل التاريخ بأوسع أبوابه متجاوزاً حالة التكلس السياسي إلى حالة التحول الديمقراطي والتدوال السلمي للسلطة والوضع الإنتقالي الكامل وفتح مناخ الحريات خاصة وأن أهم نقطة تحدث عنها البشير في خطابه يوم التنصيب عن توفير الضمانات للحركات المسلحة للدخول والمشاركة في الحوار، إذاً هناك تفكير جديد رغم تكرار الخطاب لكننا نؤيد الإتجاه والفكرة خاصة من الرئيس البشير ليقود عملية التغيير والتحول الديمقراطي والآن الجميع يريد أفعالاً وليس أقوالاً وعندما لا تشبه الألفاظ المعاني يسقط عرش الكلمة وإذا سقط عرش الكلمة لن تكون لها غير ظلال سالبة.. ولذلك كله الرئيس محتاج يضرب مثالاً في القدوة التي يسبق فعلها قولها.
*الشيخ الترابي ماذا لديه من رؤية سياسية الآن خاصة وأنه ملتزم الصمت حيال ما يجري منذ مشاركته في الحوار؟
-دكتور الترابي متخوف جداً على مآلات أمر البلاد ومتخوف جداً من أن يحاسبه التاريخ ويحاسب الحركة الإسلامية على أنها أتت بريح للسودان ومزقته دويلات وهذا هو الداعي الأساسي لقبول الحوار لأنه يعتقد أننا لا نتصارع مع المؤتمر الوطني وأن القضية هي الوطن والسودان، فإذا كان الصراع السياسي سيذهب بريح السودان فمن الأولى السودان ولذلك هو يقدم الوطن على صراعه مع المؤتمر الوطني.
*مقاطعاً.. هل يفسر موقفه كإعتذار للشعب السوداني من أحداث سياسية ساهم فيها؟
-لا هو ليس إعتذاراً بل محاولة للواقعية التي تقنع الناس ولذلك الورقة التي قدمت من الحزب للحوار (نظم الحوار) كتبت بعناية بعد مداولات بين قيادات المؤتمر الشعبي عن مقتضيات الوضع الإنتقالي حتى ترسى البلاد إلى بر، ولكن عودة لسؤالك السابق عن صمت الشيخ الدكتور الترابي ولأنه هو القائد لابد أن يكون آخر المتحدثين لأنه إذا تحدث في المبتدأ من الذي يعقب على حديث القائد؟، إذاً لابد أن يصمت القائد ويتحدث الآخرون، لتكون الكلمة النهائية للقائد وحينها ستكون النتائج حقيقة.
*لكن هناك حديث عن أن الشيخ الترابي الآن متفرغ لمشروع النظام الخالف؟
-النظام الخالف هو قرار إتخذته الأمانة العامة لحزب المؤتمر الشعبي سراً في 2012م2013م وما كان ينبغي أن ينشر للإعلام والرأي العام لأنه هو قرار متعلق بمسألة سابقه لأوانها.
*مقاطعاً.. لماذا سابقة لأوانها؟
-لأن القرار يتحدث عن رؤية تنبوئية إستباقية لما بعد سقوط النظام وإنبثاق فجر الحريات ويتحدث عن عقد إجتماعي جديد في أطر تحالفات كلية لمن يرغب في تأسيس حزب جديد يخلف المؤتمر الوطني ولذلك جاء إسمه (النظام الخالف).
*لكن في تفاصيله يحمل ذات الفكرة عن المشروع الإسلامي وهو ما ثبت فشله بالتجربة الماثلة الآن؟
-بالطبع كل من يدلو بدلوه هو من صميم قيمه ومبادئه ونحن لم نصبح علمانيين لنخالف ما نقول، ولكننا نقدم رؤية جديدة للدين وتحالفات واسعة لكل القوى السياسية والقرآن فيه إجابة للتنوع الثقافي ولهذا نقدمه كنموذج لدولة إسلامية فيها كل الديانات ونموذج لدولة المدينة.. وحديثنا عن دولة إسلامية هو حديث عن مبادئ من شورى وحرية وعدالة وعقد إجتماعي والذي يحكم بثقافته وما حدث في السودان لا يمكن قياسه كمشروع إسلامي.
*هل هذا يعني أنكم تعيدون إنتاج التجربة الإسلامية برؤية جديدة؟
-نحن لا نعيد تجربة، بل نقدم رؤية جديدة للحكم ونظاماً يحتوي الجميع، وأكرر ما حدث في السودان هو إنقلاب عسكري وليس مشروعاً إسلامياً، بل ما حدث هو جزئية من المشروع تم إجهاضه، أما تحديات ما أفرزته الجماعات الإسلامية هو نتاج للإستعمار الجديد وأنا لا أبرر لهم أفعالهم لكن أقرأ وقائع ما حدث ورؤيتنا تختلف عن هؤلاء، فالتجربة الإسلامية في مصر قدمت صوراً للحرية والديمقراطية، أنظر ماذا حل بهم.. الواقع أن العلمانيين الآن هم بناة الإستبداد وهم ضد المشروع الإسلامي فإذا قاتلونا بالسلاح قاتلناهم بمثله وهذا وضع طبيعي وهو ليس محاكمة للحركات الإسلامية، بل هو محاكمة للعلمانية والإستعمار الجديد.

حوار: عيسى جديد- السياسي


تعليق واحد

  1. انت وشيخك الترابي اسأل الله يخلفوا ليكم الكي مش كفاية اقاذ وتوالي وسخف انتو ما شاعرين السودان كره حاجة اسمها ففلسفة مسميات من زمن الصادق وهلمجرا لاحول ولاقوة الا بالله منكم عالم وهم الواحد دخل الخرطوم بشنطة حديد وهاك يا دليب.