هيثم كابو

ابتسم “أيلا” في مدني


* وقبل عام بالتمام والكمال كنا نحكي عن ابتعاث رئاسة الجمهورية قبل سنوات خلت للوزير – وقتها – أسامة عبد الله في مهمة خاصة جداً لولاية البحر الأحمر على خلفية احتجاجات حزبية مزعجة من قبل (نافذين) بالمؤتمر الوطني هناك انتاشتهم سهام التهميش فجاءوا للمركز محملين بأطنان من الشكاوى في مواجهة والي الولاية محمد طاهر أيلا الذي كان يقود آنذاك بداية ثورة تنموية لم تشهد الولاية مثيلاً لها، وأكثر أعدائه كُرهاً له يشهدون بذلك، وأبلغ دليل ما حققه من طفرة نوعية في الطرق والإنارة والنظافة والسياحة والمرافق الصحية والبنيات التحتية..!

* وشهادات الإشادة بأيلا تحاصر (موفد الرئاسة) قبل أن تطأ قدماه أرض البحر الأحمر، فها هو الكابتن محمد عبد الله مازدا يصافح أسامة عبد الله برفقة أبوهريرة حسين داخل الطائرة المتجهة لبورتسودان ويقول للوزير بالحرف الواحد: (يا سعادتك حافظوا على الوالي دا)، وأسامة عطا المنان الذي لم يكن بالطبع يعلم طبيعة مهمة المبعوث الرئاسي غير المعلنة يمشي على ذات الدرب قائلاً: (تعرف يا سعادة الوزير أيلا دا غيّر شكل بورتسودان تماماً).

* لا يعرف أيلا وحزبه (مؤيدين ومعارضين) شيئاً عن زيارة المبعوث لذا فإنه من الطبيعي ألا يكون هناك أحد في استقباله بالمطار..!

* توجه أسامة عبد الله يرافقه مدير مكتبه لفندق (كورال)، ليخرجا منه سريعاً للكورنيش بحثاً عن مكان يصليان فيه المغرب بعد أن يتناول أسامة إفطاره إذ أنه كان صائماً يومها، وكل المؤشرات والمشاهد التي تقع عين (المبعوث الرئاسي) عليها تمد لسانها ساخرة في وجه (أعضاء المؤتمر الوطني المطالبين بإقالة أيلا ممن أزعجوا المركز بالشكاوى المتلاحقة والاتصالات المتواصلة)..!

* يجتمع أسامة عبد الله بكل طرف، ويسمع من الجميع بتفصيل ممل، وكل ما بنى عليه المتذمرون شكواهم أمران: أولهما أن أيلا يهمش أعضاء الحزب بالولاية ولا يمنحهم أُذناً ومساحة، كما أنه (للأسف) يستعين في كثير من الأعمال التنفيذية بأُناس لا علاقة لهم بالحزب البتة (ويا له من جُرمٍ شنيع ما أقدم الرجل على فعله يستحق بسببه الإعفاء)..!

* الجريمة الثانية التي دفعت بها (مجموعة الغضب الساطع للتهديد والوعيد) هي تركيز الوالي على السياحة واهتمامه بالحفلات والغناء (الأمر الذي لا يتماشى مع سياسة وطموح قادة الحزب ويمثل ردة كاملة عن المشروع الحضاري الذي ظلوا ينادون به – أو كما قالوا)..!

* كانت صراحة أيلا أكثر وضوحاً من التغييرات الهائلة التي أحدثها بحاضرة ولايته، فالرجل اختزل (المطاولات) واختصر (الحِجة) عندما قال لأسامة عبد الله: (أنا مكلف بعمل تنفيذي ولإنجازه أستعين بأصحاب الكفاءة والراغبين في العمل والمؤمنين بالمشروعات التي نعمل على تنفيذها، أما أعضاء الحزب الذين يريدون الوظائف وقيادة اللجان دون أن يعملوا فلا مكان لهم عندي.. نعم غضب البعض لأني تجاوزتهم تماماً ومضيت في تنفيذ ما خططنا له، بينما غضب البعض الآخر لأني لم أستجب لمطالبهم وضغوطاتهم في تعيين أناس لا يستحقون الجلوس على الكراسي التي يريدون مني إجلاسهم عليها.. سنعمل على أن تكون بورتسودان قِبلة سياحية ومهرجانات السياحة والتسوق بفعالياتها وحفلاتها لن تتوقف ولا وقت لي لإهداره مع أصحاب الأجندة الذين تهمهم مصالحهم أكثر من مصالح الولاية)..!

* عاد مبعوث الرئاسة ورئيس اللجنة المكلفة بمعرفة حقيقة صراع حزب المؤتمر الوطني أسامة عبد الله للخرطوم، وقال كلمته ونقل ما رآه ورفع تقريره، ومن يومها لم يمنح الحزب بالمركز أو رئاسة الجمهورية مساحة إصغاء وانتباهة، فتبخرت معارضة (الأجندة الخاصة) قبل بلوغها سن الفطام، وحاول البعض تحكيم عقولهم واللحاق بالركب..!!

* (إتاحة الفرصة لأهل الكفاءات والراغبين في العمل والقادرين على العطاء فالعمل التنفيذي لا يعرف “الحزبنة” والانتماء).. تلك هي كلمة السر التي قادت أيلا لتحقيق النجاح بالبحر الأحمر التي غادرها وسط (دموع المواطنين) المالحة لتستقبله الجزيرة بالذبائح والزغاريد، فسيرة الرجل سبقته إلى هناك والآمال المعلقة عليه كبيرة فمن بعد تردٍّ طويل ها هي الأقدار تبتسم في وجه الجزيرة..!

نفس أخير

* آن لزائر الجزيرة أن يبتسم متى ما زار ود مدني..!