رياضية

محبة وإلفة بين الناس: الغناء في السودان والتاريخ الاجتماعي


نظمت ندوة العلامة عبد الله الطيب بقاعة الشارقة بالخرطوم والتي ترعاها شركة (زين) ندوة بعنوان (الغناء في السودان والتاريخ الاجتماعي) قدمها الدكتور أحمد صادق أحمد وصاحبتها فواصل غنائية قدمها الفنانان إبراهيم خوجلي وعاطف عبد الحي وأدار الجلسة الأستاذ محجوب محمد دياب وسط حضور كبير من المبدعين.

وبداية قدم الدكتور أحمد صادق في ورقته التي وسمها بـ(مؤسسة الغناء والموسيقى في السودان) تعريفاً للتاريخ الاجتماعي في السودان، ثم ألقى الضوء على الغناء والموسيقى.

موسوعات غنائية

مشيراً إلى صدور المجلد الثالث في هذا المنحى للباحث معاوية حسن يس والذي يمثل واحداً من أهم واعظم الموسوعات الغنائية والموسيقية التي قدمت في هذا الوطن. ومن جانبه قال إن ورقته تقوم على فرضية علوم اللغة باعتبار أن اللغة تمثل مرآة المجتمع، إضافة إلى غناء البنات الذي يعكس ما يدور داخل هذا المجتمع من عواطف واحاسيس جياشه وغيرها وأضاف أن تلك الفرضية تظهر بجلاء العلاقة الجدلية بين الغناء والموسيقى وبين المجتمع في تاريخه حيث أن التاريخ من هذه الجدلية به متغيرات اجتماعية كثيرة جداً وفي أوجه مختلفة من حياة السودانيين بل في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، هذا إلى جانب أن هذه الورقة تقوم على فرضية أخرى تتمركز في ضرورة النظر إلى تطور الغناء في السودان في سيرورته وكذلك مآلاته ودلالات.

دولة وطنية

ويرى دكتور أحمد أن المؤسسة الغنائية قد حققت ما يسمى أو يمكن أن نطلق عليه دولة وطنية كبرى عجزت عن تحقيقها مؤسسات أخرى بل إن هذه المؤسسة تفوقت على الكثير من المؤسسات السياسية والاقتصادية وغيرها وخلقت في ذات السياق النظري والعملي مدينة فاضلة ذات ثقل قومي وشعبي. وذهب أحمد صادق بقوله إن المؤسسة الغنائية أضحت أرشيفاً للمحبة والإلفة بين الناس وذاكرة اختزلت إلى حد التخمة تاريخ السودان الاجتماعي فجاء الاهتمام باليومي والمعيشي بمجموعة أدوات أدت إلى المحافظة على روح هذا المجتمع.

ظهور الشعراء

مشيراً إلى بروز عدد من الشعراء في حقب مختلفة في هذا التاريخ بداية من حقبة عشرينيات القرن الماضي مروراً بالثلاثينيات والأربعينات حتي حقبة السبعينات والثمانينات، وأكد أن هذا الغناء له ارتباط وثيق جداً بالمجتمع السوداني وكذلك مرتبط بأفق التغيير كممارسة يومية ضاربة بجذورها في التاريخ هذا إلى جانب أن هذا الغناء مرتبط بالروح والجسد.. ويعتقد دكتور أحمد صادق أن الغناء والموسيقى في السودان كان بمثابة شفرة ناشطة في التواصل الاجتماعي بين الناس، وأضاف أن المعرفة بهذه الشفرة كانت معروفة تداولها جيلا بعد جيل، وذهب إلى أن المؤسسة الغنائية ارتبطت بأسباب موضوعية بالمدينة وثقافتها وتياراتها المختلفة وذلك بحملها لمجموعة خطابات تتعدد فيها الأصوات.

تشكيل الوعي

وأشار إلى الموسيقار إسماعيل عبد المعين الذي يعد من أوائل الموسيقيين الذين درسوا الموسيقى خارج السودان فصارت الموسيقى بالنسبة لهم اللغة المثالية ولغة التخاطب اليومي مع الأحاسيس والمشاعر أو مع الناس الآخرين ثانياً، وزاد أن تلك المؤسسة ظلت مصدرا لتشكيل الوعي الاجتماعي في السودان.

صور متعددة

وفي ذات السياق تطرق الدكتور أحمد الصادق إلى الصور المتعددة والإيجابية التي خلقتها هذه الأغنيات داخل النسيج الاجتماعي، وأوضح أن هذه المؤسسة لعبت أدوارا وطنية عديدة رسخت لذواتنا الإنسانية وهويتنا السودانية وكذلك حققت وعيا سياسيا واجتماعيا شكلت وجدان الأمة وروحها..

وحظيت الندوة بعدد كبير من المداخلات؛ فتحدث الأستاذ عبد المجيد الهادي عن فترة إبطال وإيقاف الغناء في فترة المهدية ثم إيقاف بث بعض الأغنيات في بداية فترة ثورة الإنقاذ الوطني، وقال إن أحمد صادق تجاوز في ورقته هذه الفترات المهمة في التاريخ الغنائي. كما تطرق الأستاذ محمد الجيلاني إلى محاور عدة، مشيراً لأن الغناء مهد لحركة التعليم في السودان

اليوم التالي