جمال علي حسن

تأملات في مشهد الحوار المُعاق


مشهد الحوار الوطني غير مبشر بتحقيق حلم الوفاق الوطني المطلوب في السودان، فأحزاب نداء السودان وبعضها أحزاب أساسية في المشهد لكنها ظلت رافضة للحوار أو متمنعة في مقابل أحزاب حكومة الوحدة الوطنية التي ظلت تنتظر على الطاولة بل ملت الانتظار وهي تعيد إطلاق تصريحات مكررة منذ العام الماضي تدعو الحكومة لتسريع انطلاق الحوار والمؤتمر الشعبي معهم ينتظر لكن حتى نكون منصفين فالشعبي تحديداً ظل ينتظر بإحساس مختلف وأكثر واقعية وإيجابية من إحساس بقية الأحزاب الحليفة للحكومة التي ليس لديها أي مشكلة مع الحكومة حالياً بل ربما ستكون لديها مشكلة في حالة عقد الحوار بحضور الكبار حيث تتضاءل حصتها ويتراجع وزنها من الاهتمام لأن مقاس النقاش والتفاوض سيلعب فيه الوزن الجماهيري للحزب المشارك دوره في تمييز المواقف وتحديد النتائج.

أما الحكومة فموقفها ما بين التمهل والحرص على حفظ ماء وجه مبادرتها فتجدها في مرة تهدد بعقد الحوار بمن حضر ثم تعود وتطلق تصريحات تميل فيها للانتظار غير المعلن، مثل تصريحات النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح الأخيرة التي رحب فيها برغبة ألمانيا في دعم مسيرة الحوار الوطني عبر مساعيها لإقناع الحركات المسلحة والمعارضة الداخلية بالانضام لمبادرة الحوار الوطني بعد لقائه بمسؤولة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي بالخارجية الألمانية الأسبوع الماضي.

لو أحسنت قيادات قوى نداء السودان قراءة هذا المشهد ستكتشف أن تطورات الأمور لا تمضي في مصلحة موقفها الحالي وتكتشف أيضاً أن هذه المواقف المتمهلة لمكونات الداخل المشارك في الحوار ستتجه في نهاية الأمر إلى عقد الحوار بمن يحضر، وهذا هو الذي ظللنا كمراقبين وكصحافة ندعو لعدم اللجوء إليه باستعجال إلا بعد أن يتأكد للجميع أن من حضر ووافق على المشاركة هو العدد النهائي الذي يمتلك قناعة بقضية الحوار الوطني بشكله المطروح، وأن الحكومة واحتراماً لتلك الأطراف التي تجاوبت مع مبادرتها لن تقوم بإلغاء الحوار مثلاً أو (فركشة) طاولته بسبب عدم مشاركة الآخرين برغم قناعتها وقناعة الجميع بأن نتائج الحوار المنقوص ستكون هي أيضاً نتائج منقوصة لكنها على كل حال ستكون هي الخيار الوحيد أمامها للحفاظ على قيمة المبادرة التي طرحتها.

المشاركة ستكون منقوصة والنتائج كذلك لكن على القوى الممانعة أن تعلم أن موافقتها لاحقاً على المشاركة في الحوار بعد إقامة الحوار الحالي ستكون على أساس واقع سياسي جديد فالحكومة لن تلغي نتائج الحوار الحالي لو تم عقده في غياب أي طرف مهما كانت تلك النتائج متواضعة لكنها ستعبر عن اتفاق ولن يكون من السهل إلغاء هذا الاتفاق بالكامل واستبداله بالاتفاق الذي يمكن أن يأتي لاحقاً وبالتالي لن يكون الحوار الذي سيتم عقده في الفترة القادمة بمن حضر يصب في مصلحة القوى التي لم تحضر لأنه سيقلص لها مساحة النقاش وأجندته باعتبار أن هناك أجندة ستكون قد حسمت بوضعية محددة.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين