عبد الباقي الظافر

مجلس وزراء مصغر..!!


قبل أيام دار نقاش في البرلمان حول زيادة عدد اللجان البرلمانية التي يبلغ عددها اثنتي عشرة لجنة..بعض النواب اقترح زيادة اللجان بنسبة خمسين بالمائة ..وبعض نوابنا طالب بلجنة وراء كل وزارة..قبل ذلك تمت تسمية نائب رئيس لكل لجنة بمخصصات مالية..الصراع الذي حسم بالتصويت سببه المخصصات المالية..كل رئيس لجنة هو وزير معادل أما نائبه فمخصصاته تعادل وزير دولة ..اعترض على زيادة اللجان البروف إبراهيم أحمد عمر رئيس المجلس الوطني ثم خضع الأمر للتصويت الذي أبقى اللجان على عددها الحالي.
في منتصف الأسبوع الماضي صدر مرسوم جمهوري بتعيين سبعة وزراء دولة بالإضافة لوزير مركزي لوزارة التعاون الدولي..كانت تلك الدفعة الثانية من الترضيات الوزارية..الوزارة في يومها الأول جاءت بسبعة وستين وزيراً..بعدها بأيام تمت تسمية وزير دولة واحد ثم ليس أخيراً ثمانية وزراء أحدهم تمت إعادة تسميته..حتى هذه اللحظة لدينا خمسة وسبعين وزيراً وبما أن الدكتور التيجاني السيسي دخل في تمرد احتجاجي فستكون هناك دفعة جديدة من الوزراء..لا أدري بعدها أن خصمه الوزير بحر أبوقردة سيرضى بنصيبه الوزاري.
يعقد مجلس الوزراء جلسة أسبوعية تشمل الوزراء وأعضاء مؤسسة الرئاسة بالإضافة لوالي الخرطوم..الجلسة تستمر نحو ثلاث ساعات ..إذا حضر الجميع فهذا يعني نحو خمسة وثمانين مسؤولاً حول الطاولة..لن يكون بوسع أي مسؤول توضيح وجهة نظره إلا في نحو دقيقتين إذا حذفنا عبارات الشكر والترحيب .. حتى إذا ما تم طرد جميع وزراء الدولة من الاجتماع الدوري فلن تزيد حصة الوزير في إبداء الرأي على خمس دقائق في قضايا حيوية.. بهذه الحسبة تفقد جلسة مجلس الوزراء سمتها كمنبر مخصص لتبادل الآراء بين مسؤولين يفترض أنهم خبراء في تخصصات مختلفة.
بما أن صناعة منصب وزير لا تقتضي إلا قراراً جمهورياً فليس بوسعنا إلا البحث عن وسائل أخرى تجعل مجلس الوزراء يؤدي واجبه..الآن مجلس الوزراء موزع لقطاعات مثل القطاع السيادي والاقتصادي والخدمي..المنطق يجعل كل قطاع يجتمع ويناقش ما يليه من خطط وسياسات..بعدها يتم تكوين مجلس وزراء مصغر من رؤساء هذه القطاعات يرأسه رئيس الجمهورية أو نائبه الأول..هذا المجلس يدير يوميات البلد ويجتمع بشكل راتب..أما المجلس الموسع فبإمكانه أن يجتمع أول كل شهر للإحاطة والتنوير.
في تقديري أثبتت عدد من الأحداث المهمة التي شهدتها الساحة السياسية مؤخراً أن مؤسساتنا الوطنية تعاني الترهل..ضعف المؤسسات يعني في الوقت نفسه تعظيم دور الأفراد ..التقديرات الفردية مصحوبة بقصر النظر ومحاطة برغبات الذات غير المجردة من الهوى..المعادلة هنا تقتضي إجراء شورى واسعة ومعبرة بعدد قليل من الناس ..لن تحدث المعادلة الراشدة بهذه المؤسسات الحاشدة.