تحقيقات وتقارير

تلاحم شعبين: عصيدة وحلو مر وروابط اجتماعية في مائدة السفير.. كيف تقضي أكبر جاليات السودان بالخارج الشهر الكريم


يظل رمضان هو الشهر الوحيد الذي يحافظ الناس فيه على عاداتهم وتقاليدهم، مهما تغيرت الأمكنة والأزمنة، وتعتبر الجالية السودانية بمصر نموذجا للحفاظ على طقوس بلادها وعاداتها وتقاليدها بالشهر الكريم، ويحرص السودانيون في مصر على الإفطارات الجماعية إما في منازلهم أو في روابطهم ومراكزهم الخاصة بهم. يقول أحمد آدم: “أعيش في القاهرة منذ سنوات طويلة”، ويضيف لـ(اليوم التالي) “ورغم هذه الغربة الطويلة فنحن في رمضان وكأننا في السودان بنفس العادات، نفطر مع بعضنا البعض، العصيدة والحلو مر والعصائر السودانية أساسية على مائدة الطعام”.

وتضيف أماني إبراهيم لـ(اليوم التالي): “أفتقد رمضان بين أهلي في السودان”، وتقول: “أعيش بالقاهرة منذ 3 سنوات نظرا للدراسة بالجامعة، ولكني لا أشعر كثيرا بالغربة في مصر فالعادات والتقاليد متشابهة كثيرا”، وتتابع: “أمي كانت حريصة أن ترسل لي الحلو مر والعصائر الرمضانية الشهيرة بالسودان، ومائدتي في رمضان سودانية تماما”.

أما أحمد محمدين فيقول: “أتيت إلى القاهرة لصوم رمضان، فالجو في مصر أسهل في الصيام”، ويضيف لـ (اليوم التالي): “اعتدنا أنا وأسرتي أن نصوم بمصر، فرمضان بمصر جميل، والحياة في مصر ممتعة في رمضان، وخاصة الأجواء في الأماكن الدينية الحسين والسيدة زينب وغيرهما، وهناك أيضا ليالي رمضانية جميلة، ونشعر أن مصر حيوية جدا في هذا الشهر الجميل”.

من جهته يقول السفير السوداني بالقاهرة عبد المحمود عبد الحليم لـ(اليوم التالي): “هي أول مرة أصوم بمصر منذ أن توليت عملي”، مضيفاً: “سمعت قبل أن آتي إلى مصر عن رمضان بالقاهرة وكم هو بديع ومميز في أداء شعائر الشهر الكريم”، وتابع “هناك سودانيون يأتون للقاهرة للاستمتاع بهذه الطقوس الجميلة، ورمضان مناسبة دينية كبيرة للم شمل الأسرة في كل مكان، وهو يعزز الترابط الأسري والمجتمعي، ويهذب الشارع العام”.

وعن مائدة السفير في رمضان يقول عبد المحمود: “عندما أكون مع الأسرة فقط تكون سودانية خالصة، وعندما يكون معنا مصريون تكون خليطا من المصري والسوداني، وإفطاراتنا الجماعية مع المصريين فرصة للحديث عن عاداتنا وتقاليدنا لمزيد من ترابط الود بين البلدين”، وتابع السفير: “لدي أكثر من 20 دعوة حتى الآن لإفطارات جماعية مع أبناء الجالية السودانية ومع المصريين، وهي فرصة لمزيد من التلاحم مع أهلنا السودانيين بمصر ومعرفة أحوالهم والوقوف على مشاكلهم”، ويضيف “سنقيم في السفارة أيضا إفطارات جماعية لرموز المجتمع المصري وأبناء جاليتنا”.

وتعد الجالية السودانية في مصر من أكبر جاليات أبناء السودان بالخارج وتمثل أيضا أكبر جالية أجنبية بمصر، وذلك نظرا للعلاقات الوثيقة بين البلدين وتطابق عادات وتقاليد ونظام حياة الشعبين، ولكنها غير منظمة بالطريقة القانونية وهي ليست مجتمعة في بوتقة واحدة بل متفرقة في أندية ودور اجتماعية. وأهم هذه الدور هي دار السودان، هذا المكان العريق بقلب العاصمة المصرية، الذي يحتضن السودانيين وأنشتطهم من سنين طويلة.

أما المكان الذي يمثل واجهة حضارية حقيقية مشرفة للسودانيين بمصر فهو بيت السودان، ورغم حداثة إنشائه منذ ثلاث سنوات تقريبا، إلا أنه أصبح أهم ملتقى اجتماعي وثقافي للسودانيين بالقاهرة والقادمين إليها، وبدأت فكرته بتبرع من علي عثمان محمد طه عندما كان نائبا أول لرئيس الجمهورية بمليون دولار للجالية السودانية في مصر، وتم افتتاحه في يناير من عام 2013، بحضور وزير الخارجية السابق علي كرتي وممثلين مصريين في منطقة السيدة زينب بجوار محطة مترو سعد زغلول.. على مساحة 1250 مترا يقع البيت المجهز بأحدث التجهيزات، ويمثل صرحا كبيرا للسودانيين بقلب القاهرة بمجلس إدارة يتكون من 21 شخصا يمثلون كل التيارات في الجالية من طلاب ومرأة وإعلاميين، ويرأسه د. حسين عثمان رئيس الجالية السودانية بمصر، ونائباه السر قدور، وعادل عبد اللطيف مدير المركز التجاري السوداني بالقاهرة، ومجد الدين عوض الدين أمينا عاما، وهناك أحزاب سودانية ممثلة في مجلس الإدارة، منهم رقية عبد القادر مديرة مكتب حزب الأمة بالقاهرة عضو مجلس الإدارة، وكذلك شخص آخر من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، والطلاب والمبعوثون والسودانيون العاملون بالمنظمات الدولية. ويعتبر بيت السودان أهم مركز لتجمع السودانيين بالقاهرة، وخاصة في رمضان، فهو مكان لإفطار كل الروابط والأندية السودانية بمصر.

يقول مجد الدين عوض الدين الأمين العام لبيت السودان بالقاهرة لـ(اليوم التالي) إن رمضان لديه نكهة خاصة بمصر وخاصة للجالية السودانية، مضيفا “بعد إنشاء بيت السودان أصبح تجمعا لكل السودانيين وروابطهم بمصر”، مشيرا إلى أن البيت قبلة للإفطارات الجماعية للراوبط والأندية السودانية، وتابع أن البيت أصبح مركزا ثقافيا واجتماعيا، وفي رمضان تكون فرصة لأبناء الجالية السودانية بمصر لعكس عاداتهم وتقاليدهم السمحة، لافتا إلى أن هناك دعوات كثيرة لإفطارات جماعية بالبيت في الشهر الكريم، وقال إن البيت سوف يستقبل هذا العام 25 دعوة دون رسوم بمناسبة الشهر الفضيل، وقال “نتوقع أيضا أن يكون إفطار السفارة السودانية بالبيت هذا العام”، مضيفا أن البيت مهيأ لاستيعاب كل هذه الإفطارات، ويتم تجهيز الطعام بداخله، وأن البيت لديه صالة كبرى تستوعب 600 شخص، وقال مجد الدين “نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا السودانية في إفطار رمضان، وتكون مائدة الإفطار السودانية بكل أكلاتها وعصائرها في إفطارنا بمصر”.

وشهد بيت السودان مطلع الأسبوع حفل إفطار جماعي لوداع السفير حسن عربي نائب السفير السوداني بالقاهرة بمناسبة انتهاء فترة عمله بمصر وحضر طاقم السفارة وعدد من أبناء الجالية بالقاهرة، وتميزت المائدة في وداع السفير بالحلو مر والعصيدة وأشهر المأكولات السودانية الشعبية. وقال عربي لـ(اليوم التالي): “رمضان في القاهرة يتميز بروح مصر الجميلة”، مضيفا “صمت بالقاهرة 4 رمضانات متتالية أخذنا فيها من روح السودان وخلطناها مع الروح المصرية وعشنا رمضانا بنكهة جميلة”، وتابع “بخلاف الطعام والشراب العادات والتقاليد متشابهة بين مصر والسودان، من أداء صلاة التراويح وغيرها من العادات السمحة في الشهر الكريم”، ويقول عربي “نحافظ على الإفطارات الجماعية مع أبناء الجالية السودانية بمصر، ونكاد نكون في إفطار جماعي طوال رمضان داخل البيت وخارجه”.

ويبقى أن السودانيين مهما بعدت بهم المدن وفرقتهم السبل فهم يجتمعون على الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم وخاصة في الشهر الكريم، فرمضان السودان مع أبنائه أينما حلوا وأينما ذهبوا، وفي الإفطارات الجماعية بين السودانيين والمصريين بمصر تكون الفرصة سانحة لتلاق شعبي أرقى يعمل على مزيد من التلاحم والتعاضد بين شعب واحد في بلدين.

 

اليوم التالي


تعليق واحد

  1. العن خلق الله اليودانيون واسوأهم هم السفراء والقناصل وامنجية السفارات
    عالم زبالة بكل ما في الكلمة من معنى