حيدر المكاشفي

فليتشوه وجه الخرطوم ألف مرة ولتبقَ الحقيقة


نعم بكينا يا سمية سيد حتى احمرّت عيوننا واسودت الدنيا في وجوهنا، فلسنا من هذه الملة التي قدت قلوبها من حجارة صلدة وغطاها الران وعلاها الصدأ حتى لم يعد فيها مثقال ذرة من رحمة، ولكن للأسف هناك من لم ولن تبكيه مثل قصتك المؤلمة والحزينة التي رويتها أمس تحت عنوان (يلا أبكوا كلكم)، فالمؤكد أن أولئك الذين ظلوا يتصدون لبائعات الشاي والأطعمة بكل قساوة وغلظة وبربرية ويشنون عليهن (كشاتهم) الهمجية في وحشية تذكر بجنود الانكشارية، لن يذرفوا دمعة واحدة على ضحاياهم المسكينات المقهورات، وإن حدث وطفرت منهم الدموع فلن تكون غير دموع الفرح بما غنموا من بنابر وكبابي وملاعق وبراريد، وبما سيكسبون من إتاوات نظير إعادة هذه الأواني المتواضعة لصاحباتها المغلوبات على أمرهن.. نعم بكينا حال صفية العفيفة الشريفة المكافحة الخريجة الجامعية التي لم يوفروا لها وظيفة تصونها من الانزلاق وتحميها من ذل السؤال فحسب، بل لاحقوها حتى وهي تجتهد وتكافح لتأكل من خشاش الأرض بشرف وتسببوا لها في عاهة تحرمها من عمل اليد، ومع بكائنا على صفية أيضاً بكينا حال هذا البلد الذي سلط عليه الله أمثال منزوعي الرحمة والبركة هؤلاء الذين يصدق فيهم حديث المرأة التي دخلت النار بسبب قطة، لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، مع أن صفية ليست قطة وإنما بشر من بني آدم الذين كرمهم الله على جميع من خلق…

إن أكبر فرية يلوكها ويتلمظها هؤلاء القساة غلاظ الأكباد والقلوب، هي أنهم لا يفعلوا ما يفعلونه مع هؤلاء المسكينات المقهورات من كشات وإذلال ومهانة، إلا من أجل وجه العاصمة (الحضاري)، وأن وجود هؤلاء الفقيرات ومظهرهن في الشوارع لبيع الشاي لكسب الرزق وتربية الأبناء ورعاية الأسر يعد مظهراً مشيناً ومسيئاً للمظهر العام وجالباً للعار، ووالله ليس هناك إشانة ولا إساءة لإنسانية الإنسان ولا مجلبة للعار، غير هذا الذي تفعلونه بهن حين تقطعون أرزاقهن، وقد قالها سيدنا علي الذي لم يسجد لوثن قط (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق)، فما قيمة تزيين العاصمة ووجهها (الحضاري) إذا تم على حساب الجوعى والمساكين والمقهورين، فليتشوه وجه الخرطوم ألف مرة وتبقى الحقيقة، والله تعالى ليس سائلكم يوم تحشرون إليه ضحى يا أيها المتنفذون عن الخرطوم لماذا لم تزينوها بالحدائق الغناء وتجملوا وجهها، إنما أول ما تسألون عنه هو هؤلاء المساكين والمطحونين ماذا فعلتم لهم، وسيدنا عمر رضي الله عنه كان يخشى أن يسأل عن تعثر بغلة دعك من الإنسان لماذا لم يسو لها الطريق، وسيدنا عمر الذي يقول هذا هو من هو تقوى وورع وعدل، فما بالكم أنتم (ناس قريعتي راحت)، لا تسوون لهؤلاء المسكينات طريق العمل، بل وتبطشون بهن إذا عملن في سوق الله أكبر.


‫2 تعليقات

  1. منهم لله القتله المأجورين قطاعين الأرزاق ومشردي الشباب
    اي وجه حضاري يتحدثون عنه بلد بلا خدمات صحية واجتماعية أمطار وسيول لا بنيه تحتية ولاتوسعه علميه اتقوا الله حيث ماكنت م

  2. هذا الذي تفعلونه بهن حين تقطعون أرزاقهن …………. المقوله دى ماصاح لانه الارزاق بيد الله سبحانه وتعالى الخالق الكريم جعل الانسان وسيله فقط . وهو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل ، كالايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وهذه الاركان واضحة في اذهان المسلمين ، ولكن هناك افكار اخرى من العقيدة الاسلامية دخل عليها التشويش فلم تعد واضحة في الاذهان ، ومن هذه العقيدة عقيدة الرزق بيد الله ، فما هي هذه العقيدة ؟ وهل عمل الانسان سبب من اسباب الرزق ام حالة من حالاته ؟