صلاح احمد عبد الله

فوضى الكراكير.. وكركر!؟!


* بعد صلاة العصر.. والدنيا رمضان.. خرجت من وسط الخرطوم في طريقي الى جنوبها.. تلبية لدعوة إفطار عند صديق عزيز.. جنوب الخرطوم لابد أن تذهب إليه من شمال كبري (الحرية) حيث (حرية) اختلاط الحابل بالنابل.. الهايسات والكريزات بالبصات والحافلات خصوصاً ذلك (الأخضر الليموني) المسمى بباص الوالي.. هناك مجموعة من التاكسيات الصفراء تقف بعيداً على استحياء.. ومعها (ثلة) من عربات الأمجاد.. يبدو أن صغر حجمها منعهما من الاختلاط مع الأحجام الكبيرة.. في دولة المشروع الحضاري.. وحفاظاً على مشاعر الشارع العام.. وسابلته.. (شقيق) وقريب الصالح العام..!!
* الجمهرة من البشر عظيمة.. وكأن السودان أو ما تبقى منه.. كان كله هناك.. في رقعة ضيقة.. كل يبحث عن وسيلة مواصلات تقله إلى وجهته ليصل قبل أذان المغرب.. إلى لقيمات يقمن صلبه.. وتقيه من (بطر) أهل السياسة.. طمعاً في رضوان الله..!!.. بعضهم أو بعضهن في حركة شراء (لبضعة) قطع من الخضروات والسلطة.. وحبيبات ليمون.. وبضعة حبيبات من الفاكهة.. حسب شعار (قدر ظروفك) الشعبي.. لا يهم إن كانت على الأرض تتمدد في قطعة خيش مبلولة.. ويبيعها شاب (متفرجخ) على الأرض أيضاً بجانب بضاعته.. يحاول جاهداً أن يخفي (سفته) في زاوية من شفته العليا..!!
* من هناك.. وسائل المواصلات تحاول جاهدة وهي مكتظة بالبشر أن تجد طريقها إلى جسر الإنقاذ وأمدرمان.. أو عبر جسر الحرية إلى جنوب الخرطوم.. القريب أو البعيد.. أو أن تجد طريقاً مستقيماً الى مستشفى الخرطوم.. وشارع المطار إلى السوق المركزي وربما إلى حي (مايو) الشهير.. جداً.. زحام لا أول له ولا آخر.. وحركة مرورية في ذلك الوقت بعد العصر.. من الصعب انفراجها.. رغم مهارة بعض السائقين.. ومهارة وسوء خلق بعضهم.. وألفاظهم التي تكاد الأذان أن تسقط فور سماعها.. وفي رمضان.. وابتسامات (جوفاء) من بعض رجال المرور.. الذين يبدو أنهم على معرفة (بمهارات) السائقين.. وألفاظهم.. وتلك (الابتسامات) المتبادلة..!!!
* حشرت نفسي في باص الوالي.. سار الهوينى في شارع المستشفى ومنه إلى الشارع المؤدي إلى المحكمة الدستورية.. والسفارة الهندية.. والمركز الطبي الحديث.. في بداية شارع المطار.. هناك انحشر فيه (طالبان) في مقتبل العمر.. يلبسان زياً جامعياً شهيراً.. ذكرني بتلك (العمارة) التي سقطت في تلك الجامعة شرق الخرطوم.. وتم عمل ركامها ساتراً للنيل الأزرق.. المضحك أن (بنطلون) أحدهما.. كاد يسقط أيضاً.. إلا أنه سارع بإيقاف (السستم) الخاص بذلك بسرعة فائقة أضحكت زميله.. وعلت الابتسامة وجوه الشعب داخل الباص.. رغم التعب والإرهاق الذي كان بادياً على الوجوه..!!
* حالة تدعو للإشفاق لا يراها أهل شارع المطار.. في مثل هذا الوقت.. بل ودائماً؟!
* عادت حالة الصمت داخل الباص.. كل سرح فيما يخصه ويعنيه من مكابدات الحياة.. في طلمبة شارع (61) (النحلة) نزلت وامتطيت (ركشة) إلى وجهتي في سباق مع مؤذن صلاة المغرب.. لفت نظري أن سائقها من دولة مجاورة.. رغم قرارات محلية الخرطوم.. تأكدت من ذلك بقليل من (المحاورة) وخبرات سابقة مع هذا الصنف.. أيام عز السودان وأكل الوز.. والجنيه بجيب جوزين.. وفردة..؟!
* وصلت إلى مقصدي.. بلدنا بألف خير.. (الأبسطة) مفروشة في الشارع.. والجيران كل أتى بما يجود به مطبخه.. وقريحة ست البيت أو بناتها.. البشر يعلو الوجوه بكرم فياض.. لا يشعر به أصحاب الجدران العالية.. والمتاريس الواقية.. والحراس الشداد الغلاظ أمام بوابات الدور.. بعد صلاة المغرب.. الشاي والقهوة وقليل من سكر.. عدل مزاج النهار.. ودعاء من القلب للجميع.. والمفرح لدرجة الدموع أنه كان للبلد نصيب منه.. أتمنى أن يشق (الدعاء) الفضاء الى السموات العالية.. عند الإفطار.. وفي كل الأوقات.. وأن تأتينا الاستجابة سريعاً..!!
* يا رب.. علينا (الدعاء).. ونسألك الإجابة..!!
* ولا أشك إطلاقاً.. أننا سنفرح قريباً.. وقريباً جداً..
* وبلا كركر.. بلا لمة.. ورمضان كريم..


‫2 تعليقات

  1. * ولا أشك إطلاقاً.. أننا سنفرح قريباً.. وقريباً جداً..

    يعنى نفرح !!! هل هناك أنقلاب عسكرى وشيك الحدوث ؟؟؟ طمنا الله يطمنك ..