الراعي واعي!!

خلونا نعترف حتى لو كان الاعتراف مراً وحارقاً وصادماً، خلونا نعترف أن المال أصبح الآن هو المتحكم الأول والأخير في إدارة العملية الإعلامية خاصة التلفزيونية منها، إذ أن الأمر لا ينطبق مائة بالمائة على الصحف وكثير من التي ولدت مدعومة وبت الحكومة عديل وما ناكراها لم نستطيع أن ننافس صحفاً ليست محسوبة على حزب الحكومة أو على الأقل هي لا تسبح بحمدها بكرة وعشية، لكن الإنتاج التلفزيوني ومتطلباته الكثيرة حتم ضرورة البحث عن ممول آخر يشارك في هذا الإنتاج المكلف والكبير لتبرز إلى السطح ظاهرة أو أسلوب الرغايات وهو أسلوب متبع في كل الفضائيات العربية وحتى العالمية، حيث تقوم المؤسسات والشركات والبنوك برعاية برامج أو حتى أعمال درامية من مسلسلات ومسرحيات مؤدية بذلك مسؤولية مجتمعية للدفع بالأفكار المقدمة إلى جانب الإعلان عن نفسها. وفي ظني أن الظاهرة فيها كثير من الإيجابيات لأن تكلفة الإنتاج الكبيرة التي تقف أمامها خزانات الفضائيات حائرة تتكفل بها هذه المؤسسات بما لها من قوة دفع رباعية مالية! ولعل هذا النظام يؤتي أكله في كل فضائيات العالم ومنتجوها الذي تقدمه لأن الأمر يسير في مجراه الطبيعي والبرنامج وفكرته وأهدافه هو وحده الذي يقنع المؤسسة الكبيرة برعايته، إلا عندنا حيث تتدخل المعرفة والصداقة وأشياء لا علاقة لها بالأفكار ولا الإبداع ولا الإقناع في الفوز بالرعايات، وقد حدثني معد ومنتج احترم أفكاره جداً أنه تقدم لمؤسسة كبيرة لرعاية برنامج تلفزيوني سكب فيه عصارة جهده، وأعده ليكون برنامجاً تتوفر له كل الرؤى الإعلامية التي درسها أو اكتسبها، لكنه اصطدم باعتذار غير لطيف من مدير المؤسسة أن الميزانية لا تسمح ليفاجأ بعد أسبوع بالتصديق لزميل له لبرنامج على حد وصفه أقل ما يقال عنه أن (هائف) وبضعف الميزانية التي طلبها فقط لأن زميله يتمتع (بصلات طيبة) بهذه المؤسسة ومديرها.
وعلى هذا الحال قس وعده من واحد إلى ما لا نهاية، ولعل أخطر ما في ظاهرة الرعايات أنها أصبحت تقدم للشاشة بعض الوجوه التي لا علاقة لها بالعمل التلفزيوني، وأقول ليكم كيف وبعض مديري البرامج يشترط حتى تقدم سهرة أو برنامج أن تأتي برعاية للقناة دون النظر إلى مقدرات هذا الشخص أو ما الذي يحمله من جديد، الرعاية وبس والفرصة ربما يظفر بها أحدهم فقط لأنه (جاب) رعاية مليونية وتووشك على الأستوديو وجاي بي حقه ولا عزاء للمشاهدين!!
أعتقد أن انحراف مسار الرعايات عن وضعها الطبيعي في أن تكون داعماً ومحفزاً للأعمال الممتازة وتصبح مجرد مجاملات يدوها لفلان أو فلانة، هو انحراف خطير يهدر مالاً عاماً في غير محله، أما الذين يربطون البرامج بالرعايات ويلزمون مقدميها بها فإنهم سيتسببون في كارثة في سوق الإعلام أخطر وأكبر من ظاهرة الكسر في سوق الله أكبر.
{ كلمة عزيزة
الحديث عن المال حرمنا للأسف من شخصيات وقفت أمامها حائل التمويل في أن تكمل رسالة إبداع تعرف كيف تصنعها وكيف تطورها وكيف تبتكر يوماً بعد يوم المبهر والجديد، ذات الحديث يذكرني بتجربة الأستاذ “معتصم الجعيلي” وقناة هارموني التي يؤلمني توقفها وقد حققت في فترة وجيزة خبطات قلدها فيها الآخرون، ودعوني أقول إن هارموني حققت مداً حتى خارج الحدود وقد سمعت وشاهدت كيف يتعلق بها مواطنو ومشاهدو مدينة أسوان المصرية والأقصر وكل مدن قبلي في جمهورية مصر العربية، لكن كحال كل الأشياء الجميلة والعظيمة في بلادي عمرها قصير توقفت هارموني لكنني متأكدة أن نبض الإبداع لم يتوقف عند معتصم الجعيلي الذي أرجوا وأتمنى أن يكون ساكتلو فوق رأي.
{ كلمة أعز
الأخ معتمد بحري كنت أتوقع ردة فعل سريعة بعد حديثي عن مهزلة تأهيل مدرسة أسماء بنت أبي بكر، لكن حتى الآن لا شوفتن تبل الشوق لا رداً يطمئن!!

Exit mobile version