تحقيقات وتقارير

من وراء سطور أروشا.. عودة باقان.. وإتساع دائرة الحرب


عاد الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم إلى جوبا وفقاً لإتفاق أروشا الذي وقّعه فصيلي المعارضة والحكومة في أروشا بتنزانيا، الذي عمل على توحيد الحركة الشعبية التي إنقسمت إلى ثلاثة تيارات بعد إجتماع مجلس التحرير الثوري الذي إنعقد في جوبا قبل عامين وهو الإجتماع الذي كان مراد منه إعادة هيكلة الحركة الشعبية وتسمية مرشحها للإنتخابات القادمة وقيل إن مجموعة العشرة التي يقودها باقان أموم تعمل على تقديم شخص آخر لقيادة البلاد بدلاً من الرئيس سلفاكير وهو ذات الإتجاه الذي يعمل فيه نائب الرئيس المقال رياك مشار الذي أعلن رغبته في خلافة سلفاكير، الأمر الذي دفع رئيس الحركة كير أن يدعو لإنعقاد المجلس الثوري للحركة بعد أن إشتد الصراع داخل المكتب السياسي، كان إجتماع مجلس التحرير الثوري شبيه بالإجتماع الصوري حيث لم تتح الفرصة لأحد أن يدلي برأيه سوى الرئيس سلفاكير، الأمر الذي دفع أعضاء مجموعة العشرة ونائب الرئيس أن يغادروا القاعة إحتجاجًا على عدم السماح لهم بالحديث، وفي خارج القاعة ترابط قوى من الحرس الرئاسي التي أعدت لتنفيذ حملة الإعتقالات وفقاً لخطة أعدت عن طريقة دعاوى الإنقلاب، وهي الأحداث التي دفعت نائب الرئيس السابق رياك مشار إلى التمرد، وعقب خروجه من جوبا أجرى الرجل إتصالات مع المجتمع الدولي عبر سفارت تلك الدول بجوبا وشرح مشار من خلالها للهيئات الدبلوماسية حقيقة ما حدث وقال إن حكومة الرئيس سلفاكير دفعته لخيار الحرب، في وقت تم إعتقال الأمين العام للحركة باقان أموم ودينق ألور وكوستا مونيبي وآخرون عرفوا بمجموعة العشرة الذين تصدرت قضيتهم مفاوضات رياك.. سلفاكير في أديس أبابا حيث رفض مشار الدخول في أي مفاوضات مع الحكومة ما لم يطلق سراح المعتقلين (مجموعة العشرة ).

حدث في أروشا
وصف زعيم المتمردين رياك مشار الإتفاق الذي توصل إليه في مدينة أروشا التنزانية مع حكومة جوبا وفصيل آخر الأسبوع الماضي بأنه (ضروري وجهد مقدر) في سبيل توحيد شعب الدولة الوليدة التي تشهد منذ أكثر من عام إقتتالاً داخلياً طاحناً.
وقال مشار خلال لقاء تنويري مع مئات من مواطني جنوب السودان المقيمين في نيروبي، إن من شأن إتفاقية أروشا أن تسهل المحادثات المرتقبة في أديس أبابا لإصلاح جهاز الحكم، وقسمة السلطة، وإصلاح القطاع الأمني، مشيراً إلى أن ما تم في تنزانيا ضروري من ناحية توحيد وإصلاح القطاع السياسي.
وجدد مشار – الذي يرأس الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة والنائب السابق لرئيس الجمهورية سلفاكير مطالبته بضرورة إنسحاب القوات الأوغندية من جنوب السودان، وهو المطلب الذي قال إنه ظل يُذَكِّر به الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني كلما سنحت له الفرصة للقائه.
ووقع مشار في أروشا في 21 يناير/2015 إتفاقاً لتوحيد جناحه من الحركة الشعبية مع جناح الحكومة من تلك الحركة ومجموعة العشرة التي يترأسها الأمين العام السابق باقان أموم.
وبعد أن قدم شرحاً لبنود الإتفاق، إستمع مشار إلى إستفسارات الحاضرين بشأن خريطة الطريق التي توصلت إليها فصائل الحركة الشعبية الثلاث.
وقال مشار إن الرئيس سلفاكير ميارديت حينما طلب مساعدة أوغندا العسكرية برر ذلك بأن ٧٠% من الجيش الشعبي تمردوا.
وتساءل الزعيم المعارض عن الترتيبات الجارية في أديس أبابا لإصلاح القطاع الأمني والعسكري، قائلًا: (كيف يمكن دمج ٧٠% في ٣٠ من القوات؟).

الواقع يتجاوز أروشا
وقال رئيس الوفد المفاوض من طرف المعارضة تعبان دينق في اللقاء الجامع مع مواطني الجنوب في كينيا إن الأمنيات وحدها لن تجعل سلفاكير يرحل من الرئاسة (ما لم يكن لدينا خطة وبرامج عمل ينخرط فيه الجميع)، داعياً إلى قبول إتفاقية أروشا بوصفها خطوة أولى في طريق إزاحة سلفاكير من قيادة الجنوب.
إلا أن مشار الذي إعتبر أن أروشا ضروري لتوحيد فصائل الحركة الشعبية قوبل تصريحه برفض من مقاتلي النوير الذين يقودهم وبلغوه في تلك الإجتماعات التي عقدها في فاقاك عقب عودة من نيروبي رفضهم لها وأخبره بأن ما جرى في أروشا هي إتفاقية لتوحيد الحركة الشعبية الأمر الذي لا يعنهيم في شيء، مشيرين إلى أن الحركة التي أدت إلى إندلاع الصراع في الجنوب الذي راح ضحيته أبناء النوير على حد قولهم وتمسكوا الزعماء بضرورة تغيير النظام الحاكم في جوبا ومحاسبة المتورطين في أحداث جوبا ويبدو أن تلك الضغوط التي واجهها مشار دفعت الرجل أن يتراجع من ما إتفقت عليه فصائل الحركة في أروشا، وتمسك بطروحات المعارضة التي تقول إنها تهدف من خلالها معالجة جزور الأزمة عن طريق النظام الفيدرالي لنظام لحكم جنوب السودان وهو الطرح الذي وجد تأييداً من العديد من مكونات الجنوب بل دفع مكونات قبلية وسياسية أن تنضم للتمرد وتتمسك بذات الخيار الذي في إعتقادهم قد يؤدي إلى هيكلة الدولة وبناء مؤسسات تستوعب كافة أبناء جنوب السودان بدلاً من ترك سيطرتها لإثنية بعينها.

خيارات مجموعة العشرة
بعد رفض زعيم المتمردين نائب الرئيس السابق رياك مشار الدخول في مفاوضات مع الحكومة إلا بعد إطلاق سراح معتقلين مجموعة العشرة، إستجابت جوبا لضغوط الوسطاء وأطلقت سراح المعتقلين شريطة أن يذهبوا إلى المنفى، حيث كينيا كانت المنفى الذي تراضى عليه مجموعة العشرة وما أن لامست إطارات الطائرة مدرج مطار كيناتا الدولي إصطف العشرات من الصحفيين الأجانب لنزع تصريحات من القادمين من الدولة الوليدة والتي تنزلق نحو حافة الصراع والإقتتال، وهي التصريحات التي حددت للمجموعة موقفها حول ما يجري في جنوب السودان حيث قالت إنها تختار الطريق الثالث، وإعتبر المتمردون ذلك التصريح مفاجئاً لهما حيث أسموا من قبل أن رئيس وفدهم المفاوض مع الحكومة هو أحد أفراد مجموعة العشرة إلا أن الخيار الجديد يشير إلى أن هناك من يرى أن المجموعة عملت على بعض الآراء التي روجت لها إبان فترة المفاوضات الأولى والتي تشير يمكن الإستغناء عن طرفي الصراع سلفاكير ورياك مشار وتشكيل حكومة جديدة يقودها أعضاء مجموعة العشرة بإعتبارهم لم يتورطوا في الصراع المسلح في الجنوب، إلا أن هذا الإتجاه لم يجد قبولاً من الأطراف المتصارعة إضافة إلى مسار الحرب في الجنوب أخذ منحى قبلي لم يقبل سواء معادلة تقاسم السلطة بين الأطراف المتصارعة الحكومة التي يقودها كير والمتمردون الذين يقودهم مشار وبالتالي مسألة الحكومة الإنتقالية التي تتطلع المجموعة لقيادتها لم تكن موجودة في ظل بروز معطيات جديدة مع إتساع دائرة الحروب القبلية في جنوب السودان وآخرها إنضمام مناطق الشلك في أعالي النيل وهي ذات المناطق التي ينتمي إليها باقان أموم ولام أكول إلى دائرة الصراع عقب إعلان الجنرال جونسون أولونج التحاق بالتمرد، لم يبقَ أمام مجموعة العشرة التي أرسلت الأسبوع الماضي وفد مقدمتها الذي قاده دينق الور حيث التقى الرئيس سلفاكير بالقصر الرئاسي بجوبا مهد إلى عودة الأمين العام المقال باقان أموم، إلا يدخل في شراكة سياسية عن طريق توحيد الحركة الشعبية وعودة أموم إلى منصب الأمين العام الذي أعتقد سيظل بلا مهام في ظل تحولات كبيرة طرأت على المشهد السياسي في جنوب السودان من خلال سيطرة مجالس الحكماء على وضع السياسات العامة للبلاد، يبدو أن لا شيء يبقى أمام المجموعة سوى المشاركة في السلطة.

خيار السلطة
نصب باقان أموم أميناً عاماً للحركة الشعبية عقب عودته من نيروبي بأداء القسم أمام الرئيس سلفاكير وهي العودة التي طرحت العديد من التساؤلات عن خيارات السلام في جنوب السودان ويشير البعض أن عودة مجموعة العشرة قد تساهم في تحقيق السلام في بلد ظل أكثر من عامين في حالة من الإحتراب الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين حيث كاد إقتصاد الدولة أن ينهار إضافة إلى غياب الخدمات الصحية الأمر الذي أدى إلى إنتشار الأمراض الوبائية وهناك ما يشير إلى أن حالة من الكلوراء ضربت العديد من مدن الجنوب إلا أن هناك من يقلل من مقدرة مجموعة العشرة على جلب السلام ويذهب أصحاب هذا الإتجاه أن هذه المجموعة لم يكن لها وزن في المعادلة الجديدة التي طرأت على المشهد السياسي في الجنوب حيث نشأ واقع جديد يقوم على الأساس القبلي تديره مجالس الحكماء يتم تقاسم السلطة وإتخاذ القرارات المصيرية عن طريق هذه المجالس إضافة إلى أن الحرب خلقت قيادات بديلة لمجموعة العشرة وهذه القيادات لم تتح للمجموعة أن تقترب من مراكز صناعة القرار في حالة مشاركتها في السلطة، ويشير هؤلاء أن هذه المجموعة لا يتعدى دورها العودة إلى البلاد والظهور في المناسبات العامة وقد يذهب بعضهم إلى المفاوضات مسهلين، ويخشى البعض أن يكون مصير هذه المجموعة المعتقلات مجددًا ويدلل هؤلاء على أن اللوبيات التي تشكلت حديثًا حتمًا ستتجه إلى خلق وقعية بين المجموعة والرئيس سلفاكير وقتها لم يقل أفراد مجموعة العشرة إن الحكومة إستدرجتنا إلى الداخل وغدرت بنا، فالضامن الوحيد على تنفيذ أي إتفاق بين حكومة جنوب السودان والمعارضين لها هو وجود قوى عسكرية على الأرض تحمي تنفيذ تلك الإتفاقيات ويبدو أن هذا ما يتمسك به المتمردون بوجود جيشين في الجنوب خلال الفترة الإنتقالية في وقت ترفضه جوبا.

الخرطوم: أبوعبيدة عوض- السياسي


تعليق واحد

  1. عودة الحاقد (فاقان)؛ طائر الشؤم عاد:
    إذا كان الغراب دليل قوم *** يمرّ بهم على جيف الكلاب.
    صرّح (سلفا) قبل الإنفصال، أنّه يقود سفينة مليئة بالركاب ويخشى عليها من شخصين أن يثقباها (عرمان وباقان). واليوم يعيد (فاقان) للسفينة!!!