حيدر المكاشفي

ليس في (الشيل) كل الحل


صحيح أن المسؤول الأول في المؤسسة التي تعاني مشكلة ما قد يكون هو نفسه جزءاً من المشكلة، وبالتالي لن يكون بأي حال جزءاً من حلها مما يوجب إقالته، ولكن الصحيح أيضاً أن هذا المسؤول وأياً كانت درجة مسؤوليته عن هذه المشكلة إلا أنه لن يكون وحده هو السبب الأوحد لهذه المشكلة، دائماً ما تكون هناك عوامل وأسباب أخرى لها أثرها في صناعة المشكلة، ولهذا نرى أن إقدام والي الخرطوم الجديد على إقالة مدير هيئة المياه واستبداله بمن كان مديراً سابقاً عليها لن يحل مشكلة المياه ضربة لازب ولمجرد إقالة المدير والإتيان بمدير آخر، من الممكن أن تكون الإقالة هي خطوة على طريق الحل ولكن تلزمها خطوات أخرى أكثر أهمية، فرغم توالي إقالات واستبدالات المديرين الذين تعاقبوا على إدارة الهيئة، إلا أن المشكلة ظلت ماثلة، لا بد من النظر للمشكلة من كافة جوانبها والإحاطة بكل مسبباتها والعمل على حلها كلها، وإلا فإن المدير الجديد لن يكون أفضل من سابقه ولن يقدم الحل المطلوب فيلقى مصير سلفه، وهكذا تدور دائرة (شيلوا دا وجيبوا دا) بلا جدوى، كما تحكي الطرفة المروية عن الرئيس الأسبق نميري التي سنأتي عليها لاحقاً، وعلى الجنرال عبدالرحيم ألا يندفع في تطبيق سياسة الإقالة دون تدبر أو تروٍ، ودون النظر لمشكلة المياه من كل الزوايا ومن كل ركن في المؤسسة (التخطيط، الإدارة، القدرات والكفاءات والتمويل..الخ)…

قيل والعهدة على القائل، إن الرئيس الأسبق جعفر نميري- رحمه الله- عزم ذات مرة على تطهير حكومته ممن يراه فاشلاً ولم يعد صالحاً للوزارة، فطلب من الدكتور جعفر محمد علي بخيت- رحمه الله- وكان وقتها وزيراً للحكومات المحلية، أن يعد قائمة بأسماء كامل الطاقم الحكومي ويوافيه بمكتبه على جناح السرعة، دخل الدكتور جعفر على الرئيس وهو يتأبط فايلاً بالمطلوب، أجلسه الرئيس ثم أمره أن يبدأ تلاوة الأسماء ومناصبها، اسماً اسماً ومنصباً منصباً، وأن يدوّن أمام أي واحد القرار الذي سيمليه عليه، تنحنح الدكتور جعفر على طريقة المذيعين وبدأ إذاعة الأسماء، فلان الفلاني الوزارة الفلانية، يقول الرئيس (سيبو دا).. علان العلاني الوزارة الفلتكانية، يقول الرئيس (شيلو دا)، واستمر الحال هكذا بين (شيلو دا) و(سيبو دا) إلى أن أتى الدكتور جعفر على ذكر اسمه ومنصبه هو شخصياً، قال الرئيس (شيلو دا)، وهنا علت الدهشة وجه الدكتور وكادت عيناه أن تخرجا من محجريهما من هول المفاجأة الصاعقة، وهبّ واقفاً كمن لدغته كوبرا، وصاح بتلقائية في الرئيس (يا ريس الحكاية شنو أنت ماك نصيح ولا شنو)، رحمهما الله الاثنين فقد غادرا هذه الفانية بما لهما وما عليهما.


تعليق واحد