مقالات متنوعة

د. جاسم المطوع : استغلال المرأة .. (عيب يا رجال )


كنا نقرأ في قديم الزمان كيف كانوا يستعبدون المرأة ويستغلون ثرواتها ، وما كنا نتصور أن يحصل هذا في زماننا وأن يستمر استغلال المرأة من قبل الرجل سواء كان هذا الرجل زوجها أو أباها أو أخاها ، فيتحكمون بثرواتها ويصادرون أموالها وكأنها أمة عندهم وإذا رفضت مارسوا ضدها كل أنواع الضغط وأسلحة التهديد حتى تستجيب.

وقد عشت قصصا كثيرة إحداها لامرأة تصرخ وتستنجد من أبيها الذي يرفض كل الخطاب وقد بلغ عددهم أكثر من عشرين رجلا بسبب أنه يريد أن يتفرد بابنته حتى يستمر بأخذ راتبها الشهري وصرفه على شهواته وملذاته ، وزوج أعرفه كلما ذهب مع زوجته إلى المطعم قال لها : ادفعي الحساب. فيستمتع على حسابها و قد رفضت طلبه مرة ، فقال للنادل أحضر لي فاتورتين فدفع كل واحد منهما حسابه ! وثالث تقول عنه أخته الموظفة إن أخاها يسحب راتبها مع بداية كل شهر . ورابع اعترف أمامي بأنه هو السبب في إدخال زوجته السجن لأنه أجبرها على أخذ قرض من البنك باسمها من أجل بناء بيت العمر إلا أنه استلم المال وصرفه على شهواته وفتح مشروعا تجاري ففشل فيه ، ولو سردت القصص التي أعرفها لكتبت كتابا كاملا وليس مقالا ولهذا أقول للرجال هؤلاء ( عيب يا رجال )!

فأنت أيها الرجل إذا أردت أن تظهر قوتك وبطشك فأظهرها على الرجال وليس على تلك المرأة التي أمرك الله بحسن رعايتها إذا كانت ابنتك أو حسن عشرتها إذا كانت زوجتك أو حسن معاملتها إذا كانت أختك أو حسن برها إذا كانت أمك ، بل حتى الأم لم تسلم من ألاعيب الرجال وأنا أعرف رجلا أكل مال أمه بالحرام وقد غشها واستغلها وكذب عليها ، بل ومن طرائف ما مر علي في الاستشارات أن رجلا أعطى زوجته بطاقة للسحب الآلي ، وقال لها : اصرفي كما تريدين. واشترط عليها أن تستأذنه قبل الشراء وكانت كلما اتصلت عليه قال لها : حاولي أن تجدي أرخص من هذه الأشياء فلم تشترِ شيئا ببطاقته منذ سنة فهي حيلة زوجية ليقول للناس ولأهلها إني سلمتها كرت البنك لتصرف منه ما تشاء . بل ومن غرائب ما مر علي أن رجلا في السعودية راتبه 10000 ريال ويعطي زوجته نفقة شهرية 300 ريال . وآخر عندنا في الكويت راتبه 1500 دينار ويعطي زوجته نفقة شهرية 50 دينارا يعني أقل من معاش الخادمة فلماذا هذا الظلم للمرأة ؟ ونقول لهؤلاء جميعا (عيب يا رجال).

وأكثر المشاكل المالية الزوجية تحدث في بداية الزواج فيمتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته لأنها موظفة وتتقاضى راتبا خاصا بها ، وتبدأ رحلتها في (التضحية المالية) فتصرف من جيبها الخاص على نفسها وبيتها وحتى على أطفالها وخدمها ، والزوج يحتج ببعض الفتاوى أن المرأة إذا كانت تعمل فإنها تصرف على نفسها من مالها إلى أن تستقيل من عملها فيتكفل الزوج بمصاريفها ، ولكنها تخاف أن تترك العمل ولا توفق بالزواج فتخسر الاثنين الزواج والعمل فماذا تفعل ؟!

خاصة وأن الشريعة ألزمته بالإنفاق عليها مقابل تفرغها للبيت ، وقد اقترحت حلا لعلاج هذه المشكلة وطرحته على بعض الفقهاء فاستحسنه بعضهم وهو أن يلزَم الزوج بعد زواجه بالصرف على زوجته الموظفة لمدة سنتين حتى تضمن نفسها وبيتها ويتحقق الأمان والوئام ، وعندها يمكنها أن تترك العمل برغبتها أو أن يتفقا على أن تشاركه المصاريف العائلية.

والحل الذي اقترحته يعطي المرأة أمانا كما يحافظ على قوامة الرجل وإذا لم ينجح الزواج فإنها لا تخسر عملها ، ولعل هذه لفتة مهمة للمقبلين على الزواج بأن يتفقا على النظام المالي وقت الخطوبة للحفاظ على مستقبل زواجهم . وأذكر بالمناسبة أن امرأة دخلت علي عندما كنت قاضيا بالمحكمة وطلبت الطلاق ، ثم علمت أن سبب ذلك خوفها من استيلاء زوجها على ميراثها والذي يبلغ مليون دينار ، فلما علمت بمحبتها لزوجها وأبنائها اقترحت عليها شراء عقار مدر تضمن فيه رأس مالها وفي حالة أخذ زوجها من ريع العقار يبقي رأس المال محفوظا ، فسعدت بالمقترح ونفذته ولم يتم الطلاق ، ولم يستطع الزوج أكل مالها وكما قيل (من كان له حيلة فليحتل) ونقول لكل هؤلاء الرجال المستغلين لمال المرأة (عيب يا رجال).