مصطفى الآغا

ماي هارت ول جو أون


مازلت أتذكر أول مرة حضرت فيها فيلم “تايتانيك”، وهو حول سفينة غرقت يوم 15 أبريل عام 1912 وهي في طريقها من ساوثهامبتون في بريطانيا إلى نيويورك، وبعد 85 عاما وتحديدا عام 1997 أتيحت لي رؤية تايتانيك من جديد في سينما “أودين” في منطقة “باتني” حيث كنت أعيش، وكانت السينما شبه فارغة لأن اليوم الذي حضرت فيه الفيلم كان يوم الإثنين 22 ديسمبر، وسبب تذكري للتاريخ، وأنا الذي ينسى ماذا تناولت أمس على مائدة الإفطار، هو أن هذا الفيلم ساهم بشكل أو بآخر في تغيير قناعاتي، وساهم في عودة الرومانسية لحياتي بعد أن فقدتها أنا وكثير أمثالي خلال سنوات الغربة، التي كانت تفرض علينا القسوة كي نتمكن من تحملها بدلا من أن يطحننا الحنين والاشتياق، لهذا حاولنا أن نكون عمليين ونترك العواطف جانبا، لأن الغربة لا تسمح لغير الأقوياء بالبقاء.

في تلك الفترة كنت أعزب ومع هذا شاهدت الفيلم منفردا، لأن العربي في لندن يجب أن يبذل مجهودا مضاعفا كي يثبت نفسه بأنه صادق في مجتمع تعود من العرب الكذب في معظم تعاملاتهم، وهذه حقيقة للأسف منتشرة حول العربي في دول الاغتراب، ولا ينفع أن يتحمس البعض للرد علي لأنني عشت نصف عمري في أوروبا، وأعرف ما الذي يفعله العرب من احتيال على كل القوانين المكتوبة وغير المكتوبة، لأن هناك في الدنيا قوانين لا داعي لكتابتها، وأولها الأخلاق وعدم الكذب ومراعاة البيئة التي نتواجد فيها، والأكيد أن النسبة ليست 100 بالمئة ولكنها نسبة عالية من دون شك.

المهم أنني عندما حضرت ذلك الفيلم في السينما لم يزد عدد الحاضرين فيها عن أصابع اليد الواحدة، ولم أكن أتوقع أن يُكتب تاريخ جديد للسينما أمامي من خلال فيلم كلف 200 مليون دولار، وترشح لـ14 جائزة أوسكار نال منها 11، وبعد أربعة أشهر بات أول فيلم في التاريخ يحقق مليار دولار، ثم بات ثاني فيلم يكسر حاجز الملياري دولار، بعد إصداره بنسخة ثلاثية الأبعاد، ومن يتساءل كيف صار الثاني بعد أن كان الأول أقول إنه في عام 2009 قام نفس مخرج تايتانيك، وهو جيمس كاميرون بكتابة وإخراج فيلم آخر غير التاريخ هو “آفاتار”، وهو من كسر حاجز الملياري دولار.

ولكن تايتانيك كان علامة فارقة في تاريخ الرومانس، وخاصة بأغاني سيلين ديون، وأشهرها من باتت واحدة من أشهر الأغاني في التاريخ الحديث، والمركز 14 وهي عنوان مقالتي “ماي هارت ول جو اون”، والكتابة “عربيزي” على إنجليزي، والمهم أن من ألف ولحن هذه الأغنية جيمس هورنر قد مات يوم أكتب هذه المقالة، وهو من كتب موسيقا فيلم آخر عظيم هو “بريف هارت”.

اللافت فعلا يمكن أن يكون سلاحا فعالا إن كان على الصعيد السياسي أو الثقافي أو الإنساني أو الديني، وشاهدنا أفلاما ومسلسلات أقامت الدنيا ولم تقعدها، وما نراه هذه الأيام من “سيلفي” ناصر القصبي عبر شاشة “إم بي سي” أكبر دليل على قوة الفن الذي وصفته في حسابي بتويتر بالقول “هناك أسلحة كيميائية وأسلحة كوميدية، وظهر جليا أن الكوميدية أسلحة دمار شامل”.

والأكيد أن “سيلفي” ناصر القصبي يحتاج إلى مقالة منفردة، بعدما أشاهد المزيد من إبداعاته خلال شهر رمضان.