لبنى عثمان

من الأعماق


طـــويتُ الليل.. والعود والوتر ودفتر الشعر وجواز السفر واتبعتُ الحُلم..
تسرقنا متاعب الحياة.. وهمومنا من الكثير من الأشياء.. فنبتعد إلى أقصى محطات البعد
وقد تعيدنا محطة الحنين إلى أماكن اعتدناها يوماً.. لكننا في معظم الأحيان لا نجد الأشياء
كما تركناها آخر مرة وكما عهدناها دائماً.. لأن الأشياء ليست رهن إشارة من حنيننا.. كي تعود متى عاد !!
ففي كل زاوية من هذا العالم.. هناك من يتعطش لكلمة حياة الآن أكثر من أي وقت آخر, هناك من يرمي منديلاً مودعاً لحلم ضاع نصفه حيث كان معلقاً في السماء ونصفه الآخر حيث سقط على الأرض.
هناك من أسقط حروفاً من عاداته الجميلة فقط لأنه أعطاها لمن لا يستحق فأودعها في صندوق مهملات لا حياة فيه
هناك من خبأ ســـره العميق في إبرة ليخيط بها معطفاً يليق بالصمت.. وحلم به.
******
أحتضن جلبابي في انتظار الشموس البرتقالية وينكفئ الليل في قمره المُشع
أملأ سلتي بالانتظار.. يغيب الفكر عن بالي وتظلم رؤاي وتسرح مخيلتي
أهيم بين الأركان.. وأبحث عن مرساتي.. تتزاحم أحلامي وآهاتي وأُمنياتي في بحر من الأفكار..
تسكن تساؤلاتي..
أبحث عن بصيص نور يوجه أهاتي.. تشرد بي الأماني والأحلام في ذلك الركن البعيد الخالي..
بين طيات جوارحي يرتسم الأمل في خبايا مخيلتي.. وأحلم وفي سلتي الكثير .
****
أدخل غابة ذات أبواب.. كل باب أزهى خضرةٌ من أخيه..
ينتظرني هناك رجلٌ شعره أبيض منسدل على كتفيه.. يحمل مثلي سلة.. لكنها مملوءة بخضرة ندّية.. ينظر في وجهي.. فأحلق في عيونه السماوية.. صاعدة.. هادئة.. هابطة
يجلس الرجل ذو الجلباب الأبيض والشعر الأبيض القرفصاء على العشب.. ويدعوني أن أجلس أمامه..
يطلب مني كفي ويقرأه بإمعان.. يتعجب من كثرة علامات الاستفهام !!
رفع رأسه وابتسم
سماني امرأة الأسئلة ولكنه يردد: انها للخير..
**أتأتي ؟
ربما لو أتيت.. لماتت كل الكلمات على شفتي.. وسقطت وتبعثرت في مسافة بيني وبينك
بيننا محطة لقاء
أتأتي؟
عندما يطول بك الليل.. وتكون في شوق لقراءة كلماتي.. ويدفعك الحنين لرؤية أوراقي المبعثرة..
أتأتي؟
عندما يطول انتظاري لك على الشوق.. عندما يدفعك الحنين والشوق لرؤية وسماع تغريداتي الصغيرة
أتأتي؟
عندما نكون في حاجة للاستراحة في ركننا المفضل.. عندما نكون في حاجة للصلاة ليلا
أتأتي؟
من يدري.. ربما سيأتي الحلم في ثوب الحقيقة وننعم بالخير الأخضر..
**بعمق أكثر **
أسـألك الآن ومازلت:
لماذا أحس وكأنني لم أغادرك.. أبدا؟