فدوى موسى

النانو!


صدقني ما زلت واهمة أنك تستطيع استيعاب بعض من المكنونات التي اخصك بها دون الآخرين فأنت يا عزيزي ضحل المشاعر والادراك بل أن مقياس كل ذلك عندك أقل من «النانوميتر» ضآلة متناهية تعوزك عدد من السنين الضوئية حتى تهضم مثل هذه الجياشات التي تتداعى نحو «سماجتك البعيدة».. دعني اقفز فوق الحواجز والكتل والمجسمات لأصل عند أصغر وحدة تتكون منها بيوتاتك العضوية وأجزم عندها انك بلا تكنولوجيا الإنسان.. فالمادة عندك معدومة الوصف لأنها فاقدة لخواص كل الصلابة والقوة واللون والتفاعل.. فيا عزيزي «النانو» لا تشغل نفسك إلا بهمها وأملها في الحياة والكون ودعني عنك فأنا لا أحفل الآن بما كنت اعتقده فيك..

لكم كنت ساذجة عندما ظننتك فيض به اكتفي عن البحث بين شعاب قلوب وعواطف الآخرين وأنت ترمقني ببرودك القاتل.. وكم جزعت من اهمالك في شدة حوجتي لصدرك الدافيء وانت تبعث إليّ بكل الاهمال.. وكم حزنت لضحك وانت تحتويني لحظات الوجل والضعف.. وكم اسفت لنفسي في ضيقها وأنت تمارس التجاهل وكم وكم.. ألم أقل لك إنك «نانو» وضحل..

٭ البحث عن مخرج!

كلما ضاقت واحكمت حلقاتها حول الأعناق كلما انفرجت زوايا حادة واصبح ممكناً ايجاد المخرج.. قد تضيق وانت تبحث عن عمل تسترزق منه لقمةً حلالاً، ويصعب الأمر فتزهد في البلد جملة وتفصيلاً وترى الخلاص في «الهج منها».. وقد تكون في ذمة مخمصة وخصاصة تستعجل الخروج منها بأي منفس ولا تعرف استبانة الأبواب.. قد تكون في ذمة دين أو مطلبة أحد، ولا تعرف من أين تسد فرقتهما فتصاب بحالة يأس قوية لا تنفك منها إلا وأنت قد بلغت زبا السيل.. قد تكون رب وعائل لأسرة لا يقوَّ عودها وصلبها إلا باشتداد الجهد والسعي، وتكون قواك خائرة وعزيمتك فاترة.. قد تكون ساعياً في لم شتيتك واكمال نصف دينك، وتقعد بك الحاجة عن بلوغ بادئاً في طريق طويل الأمد، ولكن شفوق الوصول والنهايات فتصاب بملل الحياة ورتابتها.. وقد تكون.. وتكون.. لكن الحالة المثبتة انك في حالة البحث عن مخرج.. أي مخرج تبعد به عن نفسك الأوضاع الماثلة، وتنفض به غبار ما لا تستحسنه مما يعلق بثوبك وبدنك وحسك.. «فلتبدأ بقبول الواقع على أمل أن التغيير حق مشروع وممكن ولا تبتأس فالكل في حالة بحث عن مخرج.. عن منفذ.. عن أبواب الطواريء.. فالحالة مستعجلة الحلول والبدائل».

٭ التخطيط الإستراتيجي

لا تذهب بفكرك إلى ذهنية التخطيط المعروفة.. انها شيء آخر.. تخطيط من نوع ثان.. انه تخطيط الحواجب وحواف الشفتين الذي تمارسه النساء والشابات في يومهن أكثر من مرة لعلهن بذلك يصلن إلى معايير جمالية يمارسن بها سطوتهن على «شقائق النعمان».. وعلى ذلك الوضع تجد الواحدة منهن تهدر يومياً ما يقارب نصف الساعة أمام المرآة لتضع الخطوط العريضة للبنى التحتية للوجه.. فتوسع الضيق بتكبير الخطوط حول العيون.. وتضيق الواسع برسم خطوط داخلية للشفتين الشيء الذي يجعلنا نجزم بقدرتهن على تخطيط وهندسة الحياة عموماً.. فإن كانت ذات الدِّقة التي يخرجن بها بهذا التناسق والتوزيع اللوني الجميل، لتدرك انهن والساسة الذين يوهمونا بأن الفسيخ شربات سوا.. ذات القدرة وذات الخيال الموحي هو ما يفضي للخروج بنا من ضوائق بعض القبح إلى بعض التحسين للصور الذهنية الموجودة والتي ربما كان تركها على حالها أجمل.

٭ آخر الكلام

عودة إلى زمان يختلط فيه حابل الخاص بنابل العام وتتداخل تفاصيل المشاهد فتحتاج فصول الفيلم لإعادة المونتاج تحسيناً للتسلسل المنطقي للأحداث.. تماماً كما الحياة.

«مع محبتي للجميع»