مقالات متنوعة

محمد لطيف : قبل التفويج.. الثالث


هل تتحمل جامعة واحدة مسؤولية هجرة طلابنا للجهاد في سبيل الله.. أو في سبيل مبادئ داعش وشعاراتها..؟ هل تتحمل الأسر وحدها مسؤولية هجرة أولادها ذات الاتجاه الواحد هذه..؟ هل تتحمل ظروف التنشئة مسؤولية هجرة هؤلاء الشباب..؟ هل يتحمل المجتمع مسؤولية هذه الهجرة الجماعية..؟ هل تتحمل الدولة بمختلف أجهزتها مسئولية ما يحدث من تفويج منظم لهؤلاء الطلاب..؟ هل مناهج الجامعات هي المسؤولة أم علاقات المجتمع الرأسية منها والأفقية..؟ هل شلة الأصدقاء هم المسؤولون عما يحدث لهؤلاء الطلاب المهاجرين..؟ وما هو الحد الفاصل والمعيار بين قرناء السوء وأصدقاء الخير..؟ وهل من يجرؤ على وصف الالتقاء في الله والاجتماع على الله بقرناء السوء..؟ ولكن.. هل راجع المجتمع معايير السوء والحسن..؟ وهل المجتمع اليوم مؤهل لإطلاق معايير الخير والشر.. وإلزام الشباب بها..؟ إذن.. من هو صاحب المرجعية الذي بيده أن يحدد الخير والشر.. ثم يرسم خارطة طريق للطلاب تقودهم إلى الوجهة التي يريد.. هذه الوجهة يمكن أن تكون يوما داعش.. ويوما آخر أمراً آخر..؟ أم أن كل هؤلاء مسؤولون.. كل بمقدار عما حدث ويحدث.. وتتفاوت المقادير.. ولئن كانت بعض الأسر تدفع ثمن هجرة أبنائها الآن.. فكل الأسر مرشحة لذات المصير.. ولا يحق لأسرة دون الأخرى أن تحمل في يدها قلم تصحيح لتشرح لهذه الأسرة المصعوقة.. كيف تربي أبناءها.. هذا تزيّد وشطط لا يليق.. بل الأحرى والأجدى أن يبادر الجميع لتناول القضية كقضية قومية.. بل كظاهرة كونية.. وفي إطار هذا التناول يجري إعادة تشريح هذا المجتمع.. ومراجعة كل مدخلاته المكونة.. لعقيدته.. ولثقافته.. ولتقاليده.. ولعاداته.. ولعلاقاته.. وفي هذا.. وفي منعطف ما.. لا شك أن الباحثين.. سيعثرون على الانسداد الذي تسبب في الجلطة الأولى والثانية.. ويتجه نحو القلب.. إن لم ينجح هؤلاء الباحثون في تداركه.. واستئصاله.. وعلاج آثاره.. كما ولا يستقيم عقلا أن ثمة علاقة عضوية بين تفويج هؤلاء الشباب وبين وجودهم في جامعة معينة.. بل لعل المفارقة تقتضي أن يبحث الباحثون في أن ينطلق التفويج بعيدا عن جامعات يفترض بحكم التخصص والتكوين والنشأة أنها حاضنة طبيعية لمثل تلك الأفكار الدافعة للتفويج.. جامعة القرآن الكريم والجامعة الإسلامية مثلا.. والدولة.. وما أدراك ما الدولة.. هذا الكائن الخرافي.. كيف يقف عاجزا في مواجهة بضع صبية.. يفعلون بها وبأجهزتها ما يريدون..؟ ولكن منذ الأمس وانهمار المعلومات التفصيلية عن كيفية خروج الفوج الثاني.. ثمة ما يشير إلى أن الخطة أقوى من الأجهزة.. وأن المخطط أكبر من الدولة حتى..!
وإذا استمرت حالة النقد والنقد المتبادل.. واستمرت حالة إسداء النصائح.. وإملاء الدروس.. بعد وقوع الفؤوس على الرؤوس.. فستصبحون ذات صباح.. وكلكم إما ضحايا داعش.. أو عاملون في صفوفها..!